عبد الباقي الظافر

من ليس معكم أيها الشيخ


في شتاء قارص كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك يزور البيت الأبيض ، لبحث تفاصيل تضامن بلده مع أمريكا في حربها على الإرهاب.. الرئيس جورج بوش الصغير ،الذي يتحدث بوضوح أكثر من اللازم أطلق تصريحا مستفزا أمام ضيفه : “ إذا أرادت دول العالم أن تحارب الإرهاب فعليها أن تفعل شيئا، .. فهي أما معنا أو ضدنا” لم يفق ذاك التصريح سوءاً ، إلا تصريح آخر للرئيس بوش حينما وصف حربه على الإرهاب بأنها حرب صليبية..افتقار الرؤية السياسية ، وعدم الإقرار باللون الرمادي في السياسة ، جعل بوش يفقد شعبيته التي انحدرت إلى مستويات ، كادت أن تدخل به موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
أمس كان الأستاذ كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي ، يتحدث في ندوة سياسية عقدت بالأكاديمية العسكرية بأمدرمان .. شيخ كمال الذي كان على مقربة من رئيس هيئة الأركان ، اتهم القوى المعارضة باستهداف الجيش ومحاولة تصفيته.. واصل كمال عمر اتهاماته للمعارضة الرافضة للحوار ،وأوضح أنها تنسق مع دوائر استخباراتية لتأزيم الموقف.. حاول كمال أن يحدد معايير الوطنية برؤية تخص حزبه.
قبل أن نحلل حديث الأمين السياسي ، حري بنا أن نتوقف عند كلمات رئيس هيئة الأركان الفريق أول عماد الدين عدوي في ذات الندوة .. الفريق عدوي بانضباط عسكري ، أكد أن مخرجات الحوار الوطني ستمكن القوات المسلحة من أداء دورها الدستوري.. تحليل النص يؤكد أن سعادة رئيس هيئة الأركان تحدث بلسان مبين يدرك دور وحدود وصلاحيات القوات المسلحة التي يقودها ..الجيش في كل مكان يحرس الدستور ويزود عن الأرض.
الأخ الكريم كمال عمر اقحم القوات المسلحة في الشأن السياسي ..بل حاول أن يستعديها ضد خصومه من أهل السياسة..المعارضة السلمية المعارضة للحوار ، اختارت الانتفاضة الشعبية والوسائل السلمية في محاربتها للحكومة.. بل أن الإمام الصادق المهدي ، في إعلان باريس تمكن من إقناع الحركات المسلحة بالعمل السلمي..بل أن هنالك جزءا من القوى الرافضة لحوار قاعة الصداقة من الإسلاميين الذين قدموا فلذات أكبادهم في سبيل السودان ..فكيف لرجل مثل كمال عمر أن يشكك في مواقف المهندس الطيب مصطفى أو غازي صلاح الدين أو حتى الشيخ على الريح السنهوري ، القيادي البارز في حزب البعث..كل هؤلاء لهم موقف واضح من استخدام العنف في السياسة.
سيسجل التاريخ أن حزب الأستاذ كمال عمر استخدم القوات المسلحة غير مرة لتحقيق أهداف سياسية.
في فجر الجمعة تلك كان انقلاب الجبهة الإسلامية يسرق لسان هيئة قيادة الجيش ليعلن إجهازها على الحكم الدستوري.. في تلك اللحظات كان القائد العام للجيش الفريق فتحي أحمد علي يغط في نوم عميق..بل حتى بعد المفاصلة اتهم القيادي بالشعبي وقتها الحاج آدم بتدبير انقلاب عسكري.. المتهمون في ذاك الانقلاب الشعبي مكثوا في السجون أكثر من عشر سنوات ، عدا قائدهم الذي أصبح نائبا للرئيس بعد مصالحة فردية مع الوطني.
بصراحة.. إقحام الجيش في الخلافات السياسية يظل عملا غير مسؤول..لكل حزبه ويظل الجيش جيشنا جميعا ، معارضين وحكاما.. من ليس مع الشعبي ليس بالضرورة أن يكون ضد الجيش.


تعليق واحد

  1. كهذا يجب ان يكون حامي الوطن وشعبه نزيها عن شوائب السياسة ومكر بعض افرادها و نبراسا يرفع له الجميع التحية حتى يقوم بدوره بمهنية ووطنية كما ينبغي جزيت خيرا على كلمة الحق