جمال علي حسن

نرجو من حميدة أن لا يعتبرها حصانة


إشادة كبيرة ومكررة ظل يحظى بها بروفيسور مأمون حميدة من قيادة الدولة ومن الرئيس شخصياً، وهي بلا شك تسعف موقف مأمون حميدة تحت (زنقة) الإعلام وقد تقوي موقفه الداخلي في الحزب، كما أنها بالتأكيد نابعة من تقديرات محددة نحترمها وتقييم خاص بالحكومة للنصف المليئ من كوب الرجل وعمله في الصحة وهو وزير مخضرم عاصر عهدين في حكم ولاية الخرطوم وزيراً للصحة .
لكن.. و(لكن) هذه مهمة جداً بل هي الفكرة الأساسية في هذا المقال، وهي أن إشادة السيد الرئيس بمأمون حميدة المقدرة والتي قد تجعل الكثيرين يراجعون موقفهم من مأمون حميدة بهدف اكتشاف ما عجزوا ربما عن اكتشافه من حسنات في سياساته الصحية، لكن هذه الإشادة لا يجب أن تعني لمأمون وضعه تحت الحصانة الرئاسية ولا تعني امتناع الصحافة وامتناع كل الذين يهتمون بإبراز النصف الفارغ من كوب الصحة من مواصلة تقديم النقد المطلوب لأداء وزارة الصحة وواقع المؤسسات الصحية والخلل الإداري الكبير في القطاع الصحي الاتحادي والولائي على حد سواء ..
يختلف الكثير من قيادات الصحة والاستشاريين الكبار مع مأمون حميدة في سياساته ومنهجه في العمل ولن تجعلهم تلك الشهادة الرئاسية الرفيعة والمقدرة يبدلون موقفهم، لأن اختلاف بعضهم مع سياسات تفكيك المؤسسات الصحية هو اختلاف مبدئي راسخ ومُعلَّل، وبين هذا الرأي وذاك تكون العبرة فقط بالنتائج..
لا حصانة لمأمون الذي حاول من قبل إرسال رسائل بهذا المعنى في 2014 وفي حضور النائب الأول لرئيس الجمهورية ووالي الخرطوم حين هتف مئات العاملين في مستشفى الخرطوم في وجه حميدة هتافات تطالبه بالاستقالة فابتسم الرجل أمام تلك الهتافات ورد عليها في نفس الاحتفال بإشارات بيده على أنه سيبقى في منصبه!!
ثم جاءت تجربة المستشفيات الطرفية نفسها حتى الآن مليئة بالخلل والقصور والمشاكل التي تجعل المسؤولين في تلك المستشفيات يتقدمون باستقالاتهم مثل مدير مستشفى إبراهيم مالك الذي قدم استقالته مطلع الشهر احتجاجاً على تدهور المستشفى الذي لا يلبي استقبال حالات المرضى فضلا عن عدم كفاية العلاجات المقدمة من وزارة الصحة بولاية الخرطوم للمستشفى وعدم الإيفاء باستحقاقات المتعاقدين الشهرية، وعجز الوزارة عن توفير مستهلكات المعامل وبنك الدم .
نحن لا ننكر أن هناك من يتفقون مع سياسات حميدة ويؤيدونها بجانب التأييد والرضا الرسمي من صناع القرار عن الرجل، لكن هذا التأييد والرضا حتى ولو شكل حالة أمان لبقاء حميدة في منصبه فهو بالتأكيد لا يعني بالضرورة اكتساب مأمون حميدة للرضا العام عن أدائه وسياساته من جانب المواطنين .
وجود مأمون حميدة وهو أكبر مستثمر في القطاع الصحي في البلاد وتكليفه في نفس الوقت بمهام وزارة خدمية حساسة مثل وزارة الصحة في ولاية مثل ولاية الخرطوم وفي واقع صحي متدهور في المستشفيات العامة ولجوء قسري من المواطن المغلوب للمستشفيات الخاصة بعد أن يبيع (الوراهو والقدامو) لكي يجنب نفسه وعياله الهلاك في مستشفيات الحكومة.. وجوده في اعتقادنا خطأ من الأساس.. ولا يجب أن تكون هناك حصانة لوزير صحة في مثل هذا الواقع وليعتبرها بروف مأمون – بكل تواضع – إشادة للتحفيز على تصحيح الأداء .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.