أم وضاح

ثروة قومية اسمها “ترباس”!!


لا أدري إن كان أحدنا قد سأل نفسه من قبل لماذا نحب الوطن! خلوني أحصر السؤال أكثر ، وأقول: هل سأل أحد نفسه لماذا يحب السودان رغم المرارات وضنك العيش ،وكثير من المنغصات ،التي قد يفارقها لو أنه ركب أي طائر ميمون ويمم وجهه صوب بلاد الدنيا المترفة ،بالبترول أو المفعمة بالحيوية والحضارة والجمال؟ لماذا (نحِن) ونشتاق للبلد ،بكل غبارها وعفارها؟ هل لأن الوطن أرض؟؟ هل الوطن ناس؟ وياتوا ناس؟ هل هم الأصدقاء؟ هل الأقارب؟ هل هم الجيران؟ وبت الحلة؟ وود الحلة؟ أم كل ذلك على بعضه ، يجعل الوطن حتة من قلبنا تخفق مع كل حركة شهيق وزفير!! أنا شخصياً ،الوطن عندي كل ذلك، لكن لا تكتمل الصورة إلا بالتحنان لقيم ومسميات هي الوجه الثاني لمسمى الوطن، وما ممكن نشتاق للسودان ،من غير ما نشتاق للنيل كما وصفه “وردي”: زي سيف مجوهر بالنجوم من غير نظام!! وما ممكن نشتاق للوطن من غير ما نتنسم ونتنفس ريحة الجروف ، ونشنف آذاننا بصوت السواقي ليصبح الوطن قيمة بأشيائه الملموسة والمحسوسة ،وثوابته التي لا تتغير، وكما الأهرامات ثوابت لا تتزحزح ، هناك أهرامات لكنها من لحم ودم، وقائمة الشرف من هؤلاء تطول في مجال السياسة والطب والاقتصاد والفنون، لكنني أفرد هذه المساحة لهرم باذخ الطول اسمه “كمال ترباس”.
و”كمال” هذا رقم مكتوب بماء الدهب (عيار 21) في قائمة الفن السوداني، جمع بين فخامة الصوت وضخامة الإنتاج فأصبح مدرسة!! مدرسة شنو؟ الرجل جامعة وفي الجامعات مقرها ناصية، وكنا يقول “ترباس” نفسه ،(الناصية ما ممكن تكون زي تاني ناصية)، ليكون “ترباس” بذلك “ترباس” واحد ، لا يُقلد ولا يستنسخ!! أمس وبعد أن سمعت أن الهرم “كمال ترباس” (يستشفي) بالقاهرة ، اتصلت عليه للاطمئنان، ليرد على هاتفي بنفسه ووجدته في أحسن حال، بذات الأريحية وسخاء السلام وترف الترحاب، فسألته عن الحاصل، ليخبرني أنه قد أجرى توسعة في شريان لقلبه ، وهي عملية عادية جداً، والآن في أحسن حال، وعندما رد على هاتفي كان يتجول في الشارع بقدميه، ليقول لي: انقلي عني للشعب السوداني أنني بكامل الصحة والعافية، وسأعود في الأسبوع الأول من مارس، وقلبي كما هو يسع الجميع حباً وعطاءً!! وصدقوني أسعدني جداً ما سمعته من الأستاذ “كمال ترباس”، لكنني صدمت عندما علمت أن الفنان الكبير ،وهرم الغناء الراسخ لم يتكبد أحد من اتحاد الفنانين، الاتصال به مطمئناً في رحلة علاجه، رغم أنه كان محاطاً بأفواج من السودانيين في القاهرة، من معجبي فنه وعشاقه، حيث أخبرني أحدهم أنه في يوم إجراء العملية جاءهم الطبيب النطاس البروفيسور “أحمد فتحي ضمارة” ، وهو اختصاصي القلب المشهور بمصر، الذي أجرى من قبل عملية القلب المفتوح للبروفيسور “علي شمو”- أطال الله في أيامه- قال لمرافقي الهرم إ،نه لم يقابل مريضاً ،وهو خايف منه لهذه الدرجة، وقال لهم: (ترباس ده ما شخص عادي، هذا “ثروة قومية” فكيف أتحمل هكذا مسؤولية).. تخيلوا أن الطبيب المصري يعرف قيمة “ترباس” ، أكثر من الاتحاد الذي ينتمي إليه ، وإن كان عدم السؤال ليس منقصة من قدر “ترباس” ، بقدر ما هو منقصة من الذي لم يقم بهّ!!
في كل الأحوال، وهذا ما يهمنا نحن عشاق صوته وأغانيه، أنه سيعود مغرداً بكامل طاقته وعنفوان دقات صدره ، ليصدح في المدينة بصوته : (لستهم، وللمهم، ولزوله البريدو ،وزيو ما في)، ويظل “ترباس” عندنا رقماً كما “وديع الصافي” في لبنان، و”محمد عبد الوهاب” في مصر، و”لطفي بوشناق” في تونس، وله عشاقه ومحبوه الذين يعرفون قدره وما ضروري اتحاد “محمد سيف”!!
{ كلمة عزيزة
حديث عابر جمعني بالدكتور “الجميعابي” ،المدير العام لمستشفى (المعلم) الجديد، سألته من خلاله عن موعد افتتاح المستشفى ، لا سيما وأنه كان قد حدد لي من قبل توقعاته لافتتاح المستشفى في ظرف أسابيع، من حديثنا ذاك، فقال لي وملامح الإحباط تكسو وجهه: تاني ما بحدد زمن، لأسأله: ليه؟ فقال لي: لأن الواحد فينا ،للأسف، أصبح يجد من يكسر مجاديفه أكثر ممن يساعده على النهوض، وجهات كثيرة ومؤسسات وشخوص ،يرتبط اكتمال المستشفى بهم يتلكأون في تنفيذ ما يليهم، إما بسبب التعنت أو البيروقراطية القاتلة!! فقلت له: كيف الكلام ده ؟والمستشفى ليس استثمارياً ،وإنما هو مستشفى عام لأكثر شريحة ،خدمت هذا البلد، لمن قالت بس!! والمفترض أن تجد في كل موقع من يسهل خروج هذا المستشفى للنور، خدمة للعلماء والمعلمين!! فيا أهل الله كل من تحت يده ملف يخص هذا المستشفى، كدي اليباركها ،ويسهل على أهله . ربنا يسهل عليكم!!
{ كلمة أعز
غداً أكتب عن قرار وزير الإرشاد بوقف الحج عن طريق الوكالات بالحقائق والأرقام، حتى يستبين الرأي العام من هذه القضية، ويفصل بين الخط الأسود والأبيض!! وأصحاب هذه الوكالات هم مواطنون سودانيون، حرام نعرضهم للتلف والخراب!!