زهير السراج

كان يا مكان !!


* لم يجف الحبر الذي أرقته في رثاء مخرجات الحوار الوطني باعتبار الطريق الطويل الذي ستسلكه واللجان العديدة التي ستمر بها داخل حزب المؤتمر الوطني، ولجنة ) ۷ + ۷( والجمعية العمومية للحوار لإجازتها والاتفاق على كيفية تنفيذها، حتى خرج علينا البروفيسير بركات موسى الحواتي ) رئيس لجنة قضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار بمؤتمر الحوار الوطني (متحدثاً عن) ٤ سنوات كاملة(، بل أكثر، هي فترة حكومة الوفاق الوطني التي (س) يتم تكوينها (ولا يعرف أحد متى) من قوى الحوار الوطني والقوى الأخرى التي (س) توافق على مخرجات الحوار خلال فترة التكوين، ثم تبدأ ممارسة مهامها بعد ( ۳ أشهر) من إجازتها بواسطة الجمعية العمومية للحوار الوطني (ولا أحد يعرف متى)، وعلى رأس هذه المهام تكوين آلية لتنفيذ مخرجات الحوار(التي لم يُتفق عليها بعد) ، وإجراء التعديلات الدستورية اللازمة على دستور السودان الانتقالي لسنة ۲۰۰٥ ، ومن ثم اصدار التشريعات القانونية اللازمة لوضع المخرجات موضع التنفيذ !!
* أرجوكم أن تتخيلوا معي الطريق الطويل والإجراءات المعقدة التي رسمت للاتفاق على المخرجات، ووضعها موضع التنفيذ:
* حسب حديث نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم عبدالسخي عباس(الذي علقتُ عليه أمس)، فإن مخرجات مؤتمر الحوار بشكلها الحالي يجب أن تخضع أولاً، لموافقة لجنة خاصة بحزب المؤتمر الوطني، ثم ثانياً، المكتب القيادي للحزب، ثم ثالثاً، مجلس الشورى، ثم رابعاً، الآلية التنسيقية العليا للحوار لجنة ( 7+ 7)، ثم خامساً، الجمعية العمومية للحوار الوطني (وذلك بعد الدراسة والتمحيص والوقوف على رؤى أحزاب الحوار والاتفاق على نقاط الخلاف، ودراسة تجارب الدول الأخرى، قبل التوصل إلى مخرجات يتفق عليها الجميع، وكيفية تنفيذها)!!
* ثم يأتي السيد (الحواتي) ليضيف خطوات أخرى، منها تفويض رئيس الجمهورية لتكوين آلية لتنفيذ المخرجات، وتشكيل حكومة وفاق (لا يعرف أحد متى ستُشكل) مدتها ( ٤ سنوات)، لتبدأ ممارسة مهامها بعد ( ۳ أشهر) من إجازتها بواسطة الجمعية العمومية للحوار (لا يعرف أحد متى ستُجاز)، على أن تتولى خلال الفترة المقترحة لها إجراء التعديلات الدستورية اللازمة على الدستور الحالي، ومن ثم إصدار قوانين لوضع المخرجات موضع التنفيذ..
هذا هو الطريق الذي ستسلكه المخرجات، أيها السادة، حتى تجد طريقها للتنفيذ، وأترك لكم تقدير المدة الزمنية للأزمة لاستكمال هذه الخطوات وتخطي التعقيدات والخلافات والمتغيرات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تنشأ خلالها!!
* بل إن السيد (الحواتي) يفاجئنا، أو يفجعنا، باتفاق المتحاورين على تعديل المجالس التشريعية في كل أنحاء السودان ليتضاعف عدد أعضائها بنسبة ( ۱۰۰ ٪)، أي أن المجلس الوطني الذي يبلغ عدد أعضائه الآن ( ۳٥٤ ) سيتكون من ( ۷۰۸ ) عضواً، وسيتكون مجلس الولايات من ( ۱۰۸ ) بدلا عن ( ٥٤ )، وسيرتفع عدد أعضا( المجالس التشريعية بالولايات ( ۱۸ ولاية) الى حوالي (۱۸۰۰) بدلاً عن ( ۹۰۰ )، ولا أحد يعرف كيف ومتى سيحدث ذلك، وما هي التكلفة، وكم عضو ستضم حكومة الوفاق ومتى ستتشكل وتبدأ ممارسة مهامها، وكم ستأخذ من الوقت لتنفيذ هذه المهام ومن ضمنها وضع المخرجات موضع التنفيذ، إذا بقيت حية حتى ذلك الوقت !!
* هل هذا هو الحوار الذي ظللنا ننتظره طويلاً، أيها السادة، وأي وصف يمكن أن نطلق عليه، وماذا نتوقع منه.. وأرجو ألا تشغلوا أنفسكم بالإجابة عن هذا السؤال، فهو ليس موجهاً لكم، وإنما لأحفادكم.. إذا وجدوا وطناً يتحاورون فيه!!