مقالات متنوعة

نجل الدين ادم : اجتماع فوق العادة


كان اجتماعاً ناجحاً الذي جرى، أمس، في الخرطوم للجنة القنصلية بين السودان ومصر، ذلك من واقع ما بحثه الطرفان من مشكلات عالقة وشواغل ظلت تدور في فلك عدم التنفيذ أو التعاطي معها بالقدر المطلوب، أبرزها ما أثاره الجانب المصري بطلبه إتاحة حق التملك سواء في الأراضي أو المنازل. ومعروف أن التملك هو واحدة من الحريات الأربع التي وقع عليها البلدان وهي العمل والإقامة والحركة أو التنقل، علاوة على التملك الذي أثير في اللقاء.
واقع الحال يشير إلى انفتاح السودان في جانب هذه الحريات بشكل أكبر من مصر، فليس هناك حجر في هذا التملك مثار النقاش سواء من جانبنا أو من الجانب المصري، إلى نهاية القائمة، لكن حرية الحركة من قبل الجانب المصري ما تزال تحمل بعض القيود، فالقاهرة لم تلغ بعد تأشيرات الدخول للسودانيين كما اقتضت الاتفاقية إلا من بعض الاستثناءات التي نعرفها.. البلدان يحتاجان إلى قدر كبير من الانبساط في هذه الحريات الأربع، لمصلحة الشعبين، خاصة بعد التطور الكبير في فتح طريق (أشكيت) البري.
جيد جداً أن يحدث نقاش في كثير من الملاحظات المتعلقة بهذه الحريات، فهي الطريق الفعلي لبناء مصالح مشتركة يمكن أن تزيح في المستقبل أية عقبات.
الشيء الآخر المهم هو إثارة السودان لقضية المعدنين السودانيين الذين اعتقلتهم السلطات المصرية وصادرت ممتلكاتهم مؤخراً، حيث تم التوصل إلى استرجاع هذه المعدات، من واقع أنه ليس هناك من سوء نية في اختراق الحدود بحثاً عن الذهب.
أما الموضوع الأهم كان إثارة قضية الـ(22) سودانياً الذين قتلتهم السلطات المصرية أثناء تسللهم إلى دولة إسرائيل، وموضوع تعويض أسرهم برغم أنه لم يخرج أي اتفاق بالخصوص من واقع أن مصر تعتقد أن أن المتسللين قبض عليهم في منطقة تنشط فيها الجماعات الإرهابية. أيضاً طرح الجانب السوداني مشكلة في غاية الأهمية وهي الاعتداءات الأخيرة التي تعرض لها السودانيون في مصر، وقد قدمت وزارة الخارجية في ذلك المعلومات كافة للجانب المصري التي تثبت تعرض عدد من السودانيين إلى اعتداءات بالفعل.
أعتقد أن قضايا مهمة وشواغل ظلت تؤرق السلطات السودانية كافة ومواطنوها يتعرضون لاعتداءات مختلفة، وكذلك تحفظات من قبل الجانب المصري، فهذه الاجتماعات من شأنها أن تعمل على تجاوز المشكلات العالقة كافة، التي يمكن أن تكون حجر عثرة أمام تقدم العلاقات، فبقدر الشفافية والوضوح الذي تم في الاجتماع أتوقع أن يكون لهذا الاجتماع ما بعده برغم أن الجانبين لم يملكا الصحافة كل ما دار من نقاش ساخن.. فحسناً إن اتفق الطرفان على مواصلة هذا الاجتماع لوضع حد لأية مشكلة أو قضية تؤرق البلدين.
طبيعة العلاقة والجوار الطبيعي مع السودان ومصر تستدعي أن تكون هناك حالة من السيولة في العلاقة من البلدين تزيل كل الحواجز، سيما وأن المصير واحد في كثير من القضايا.. أتمنى أن يكون الاجتماع المقبل بين اللجنة المشتركة هو نقطة فاصلة لتجاوز أية عقبة وحل أية مشكلة.. والله المستعان.