يوسف عبد المنان

ما قبل الشورى


تعقد شورى المؤتمر الوطني (الجمعة) القادمة جلستها الدورية الراتبة، جلسة كل نصف عام، لتقييم وتقويم أداء حزب المؤتمر الوطني الحاكم وتقويم وتقييم أداء الحكومة.. وجاءت اجتماعات الشورى التي أعلنها البروفيسور “كبشور كوكو” رئيس الشورى يومي (الجمعة) و(السبت) القادمين في مناخ سياسي بالغ التعقيد حيث اقترب مؤتمر الحوار الوطني من الوصول لتوصيات وقرارات من شأنها نقل البلاد من مرحلة لأخرى.. وربما عصفت التغييرات القادمة بتركيبة السلطة الحالية بخروج بعض حلفاء المؤتمر الوطني الحاليين ودخول آخرين كانوا في صف المعارضة في ذات الوقت.. ومجلس شورى المؤتمر الوطني مطلوب منه الإجابة عن أسئلة طرحها الرئيس “عمر البشير” في دورة الانعقاد الأخيرة حول فاعلية الحزب!! وانتقد الرئيس في تلك الاجتماعات حزبه بشدة، الشيء الذي جعل بعض المنتظرين على الأرصفة يمنون أنفسهم بأن يحمل “البشير” عصاه وينهال على حزب المؤتمر الوطني الذي يشكل سند وظهر الإنقاذ.. وهؤلاء على يقين بأن “البشير” إذا (ما فارق) حزبه ستلتهمه ثعالب الصحراء وديدان الأرض في أيام أو ساعات.. لذلك تم (تأويل) نقد الرئيس بما يحلو لهؤلاء المنتظرين.. لكن بعد ذلك وقف الرئيس على إصلاحات كبيرة في حزب المؤتمر الوطني دفع بوجوه شبابية للوزارات وأمانات الحزب.. ذلك ما يتصل بالشأن التنظيمي الداخلي للحزب الحاكم، وهو شأن يتابعه الرأي العام بشغف لما له من تأثير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
أما على الصعيد العام، فإن شورى المؤتمر الوطني بعقد جلسات حوار مع الجهاز التنفيذي حول السياسات الاقتصادية وأثرها على قطاعات عريضة من الشعب، تأثرت بالغلاء الفاحش وقلة (دخل) أصحاب الوظائف في القطاعين العام والخاص، ولا يتوقع أن يرغم شورى الوطني الجهاز التنفيذي بالعدول والتراجع عن التحرير التدريجي للسلع ورفع الدعم الحكومي من خلال خطوت حتى نهاية سنوات البرنامج الخاص بالإصلاح الاقتصادي بعد أربع سنوات من الآن.. وفي حديثه مع هذه الصحيفة قال البروفيسور “كبشور كوكو” إن لجنة من الشورى سيتم انتخابها لمهمة إعداد تقرير عن مسار الحكم في الولايات وتقويم تجربة (التعيين) التي وجدت رفضاً من قطاعات عريضة من قيادات المؤتمر الوطني، لكنها أذعنت في نهاية الأمر للواقع، بحسبان الفترة الحالية في عداد الفترات الانتقالية.
وخلال الشهور الماضية ظهرت بوادر رفض لولاة (معينين) من المركز خاصة في دارفور، وحتى في ولاية الجزيرة التي نهض بها الوالي “محمد طاهر أيلا” (تنموياً)، إلا أن جدار المؤتمر الوطني شهد تصدعات كبيرة أدت في نهاية الأمر لفصل عدد من قيادات الوطني بالجزيرة تحت ذريعة الغياب عن اجتماعات الحزب.. والحقيقة (المفصولون) يمثلون تيار المعارضة رغم ضعفه ظاهرياً لكنه مؤثر جداً على الرأي العام في الجزيرة بسبب نشاطه الإعلامي في وسائط التواصل الاجتماعي.. ودراسة سلبيات وإيجابيات (مركزة) قرار التعيين يتطلب من شورى الوطني الاضطلاع بمهمة شاقة جداً.
ومن القضايا المهمة، مسارات التفاوض والحوار مع القوى الرافضة للحوار بطريقته الحالية.. فهل يدعم مجلس الشورى استمرار المفاوضات الخارجية مع حاملي السلاح؟؟ وفي ذات الوقت المجلس مطالب بدعم جهود القوات المسلحة التي تبذل في مسارح العمليات الصيفية وحث الجهاز التنفيذي لجعل ميزانية الجيش (مفتوحة) رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية حتى تستطيع القوات المسلحة أداء دورها وواجبها.
في ذات الوقت، يعدّ الشأن الخارجي من تحالف الحرب على الإرهاب والحرب في اليمن والحرب في سوريا وعودة الخرطوم لمحيطها العربي بفاعلية، من القضايا التي ينظرها مجلس الشورى في دورته التي تبدأ (الجمعة) القادمة الرابع من مارس الجاري.