رأي ومقالات

قصة هروب مريض مطعون من مستشفى في السودان ووفاته.. اجراءات المحكمة تشعل غضب الاطباء


حين تغيب العدالة يتساوى مبضع الجراح مع سكين المجرم

“( حين يتحول الطبيب الذي يُضَحِّي لأجل مريضه – بماله ووقته وجهده و ربما سعادته- إلى قاتل !)
(مستشفى أمدرمان التعليمي – حوادث الجراحة – وحدة الإسلامية – قبل أكثر من شهر)

تبدأ فصولُ حكايتنا بدخول مريض مطعون بسكينٍ في بطنه إلى المستشفى، ، أحضره فاعل خيرٍ (مواطنٍ) لفاعِلي خير (اطباء) في زمن قَلَّ فيه الخير!
من طَعَنَ المريض؟ من الذي أراد قتل المسكين؟
وُجِد المريضُ ملقىً أرضًا في الشارع، فأخذته عربة الشرطة إلى م.أمبدة ومنها (بواسطة مواطن) إلى م.أمدرمان التعليمي! أين أهل المريض؟ غير موجودين! هذه حالة شروع في القتل (جناية) إذن أين (أورنيك 8)؟؟؟ غير موجود أيضًا! وماذا بعد؟؟ المريض إن تُرك دون تدخلٍ ربما يموت، ومهمة الطبيب إنقاذه من الموت! إذن، واجب الطبيب يُحتِّم عليه التدخل حتى من دون وجود هذا (الأورنيك) الذي يحميه ومن دون وجود أهل المريض!
أُجريتْ عمليه إستكشاف البطن بنجاح ( وتم تركيب درين drain لمنع تراكم السوائل داخل البطن) وخرج المريض بسلام من غرفة العمليات إلى عنبر الجراحة. لكن المريض (لسبب غير معروف) لا يريد أن يَمُكث بالمستشفى! أَيُجبر؟ لا قوة في الأرض تُجبر المريض على ما لا يريده! لا حقَّ للطبيب في ذلك، حقه أن لا يألوا جهداً في إقناعه بسوء عاقبة تصرفه إن خرج! وهذا ما فعله الأطباء مع المريض الذي أصر على الخروج. بعد أربع ساعات من العملية هرب المريض من المستشفى! أبلغ نواب إختصاصي الجراحة الذين أجروا العملية مدير طبي الحوادث بالأمر، وكُتب تقرير عن الأمر وخُتم بختم المدير الطبي. بعد ساعات من هروب المريض فوجئ النواب بأمر قبض صادرٍ في حقهم! وُجِه للنواب اتهام بالقتل العمد (المادة 130) إذ أن المريض الهارب من المستشفى وُجِد ميتًا خارج أسوار المستشفى! تقرير الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح جثة المتوفى يقول أنّ سبب الوفاة الإهمال الطبي الناتج من نسيان ثقب في الأمعاء الغليظة !! تقرير مريب! ليس الأمر كما ذُكر ولكن يبدو أن أهل القاتل الحقيقي ذوو نفوذٍ، يريدون إبعاد حبل المشنقة عن ابنهم ووضعه حول الطبيبة والطبيبين نواب الجراحة، فالأطباء لا أهل ولا بواكي لهم!
البارحة كانت جلسة المحكمة الثالثة، تم الإستماع فيها للشاهد الذي وجد المريض ميتًا خارج أسوارالمستشفى، وتم تاجيل القضية إلى الجلسة الرابعة يوم10/3/2016 .
والسؤال هنا: كيف تُوجه تهمة قتل عمد للأطباء؟ هل هم من طعنوه؟ هل هم من تعمدوا الإهمال (إن وُجِد فعلًا كما يدَّعون )؟ هل هم من أجبروه على الخروج من المستشفى؟ هل كان عليهم المرابطة بجانب سريره حتى لا يهرب؟؟
عندما تضامن زملاء النواب بمستشفا أمدرمان مع القضية تفاجأوا بأمر إيقاف عن العمل وطرد من المستشفى! والسؤال هنا: هل هكذا تُدار الأزمات؟ أم لا أزمة هنا وإعدام ثلاثة اطباء لأنهم كانوا يقومون بواجبهم أمر عادي ؟! لما الإصرار على طمس كل جميل في شعبنا؟
شعار المرحلة القادمة سيكون: نفسي نفسي!
اعتصامات الأطباء التي كانت تُجرَى لتقديم خدمة صحية جيدة لمرضى بلادنا البسطاء (ربما آخرها الإحتجاجات التي قامت لمنع إغلاق مستشفى الخرطوم التعليمي الذي يعشعش الطير الآن في حوادثه) تواجه باستنكار شامل من كل أطياف المجتمع ثم لا خدمة تقدم للشعب بعد أن يُجهضوها! الكل يحفظ (الطب مهنة إنسانية) لكن لا يعنيه شئٌ أن عاش الإنسان مقدم هذه الإنسانية بإنسانية أو لا!
الله وحده يعلم كم بذلنا من جهدٍ لأجل المرضى، وكم تبرعنا من أموالنا وأموال أقربائنا لأجل أن نُجري فحصًا أو نشتري علاجًا، كم تعرضنا لذل ونحن نحمل أوراقَ مريضٍ نترجى مديرًا أو مسؤولًا لخفض تكاليف عملية أو الغاء رسوم فحصٍ! أنتم لا تعرفون الضغط الذي يتعرض له الطبيب حين يعجز مريضه عن دفع كلفة العلاج فضلًا عن قيمة الفحوصات التي توصل إلى التشخيص السليم! عملنا في بيئة غاية في السوء وتعرضنا لعنف جسدي ونفسي من مرضى ومرافقين وإداريين! بذلنا وقتًا وجهدًا عظيمين، وربما مال! أمي التي كنتُ آخذ منها مصروفي (مثلي مثل أخوتي طلاب الجامعات) قالت لي يومًا ( اقعدي لي في البيت أخير من شغلك البتصرفي عليه أكتر مما بتاخدي) لا عجب، إذ أن راتبي 600 جنيه!
تهمٌ كهذه من شأنها قتل ما تبقى من إنسانية في قلوب الأطباء، إذ أّن همّ الطبيب سيصبح حماية نفسه قبل تقديم أي خدمة طبية!
بلد تتردى فيها الصحة يومًا عن يوم يصبح أضعف حلقة فيها الطبيب!
لا شئ سيمنع نزيف ما تبقى من أطباء (إلى الخارج) بعد هذا. عن نفسي ترجلتُ عن الطب قبل عام؛ إذ لم تعد لدي القدرة على احتمال كمّ الضغط النفسي الهائل الذي تعرضتُ له في سنة عملي الآخيرة!
اللهم إنّا نشكو إليك ضعفنا وقوة حيلتنا وهواننا على الناس أنت رب المستضعفين.
اللهم إنّا نشكو إليك تردي الخدمات الصحية وظلم المسؤولين.
حسبنا الله عليه توكلنا ربنا افتح بيننا وبين القوم الظالمين.

التوقيع: قلب_مفجوع_موجوع.


‫9 تعليقات

  1. نعم أعزائي الأطباء للأسف انتم مخطئون!!
    فعلتم الصواب بإنقاذ حياة المريض دون اورنيك ٨ و لكن لا يحق لكم اجبار المريض على المكوث في المستشفى ضد رغبته بل النصح و شرح العواقب و في حال رفض المريض النصيحه تقومو كده بالسوداني تجيبو ليهو يوقع على فورم اسمه DAMA !
    Discharge against medical advice و كان مافي تكتبوهو تعهد خطي انه حيتحمل المسؤليه للي حيحصل ليهو، ما تطلعو بعدين تقولوا نفسي نفسي!! تمسكوا بأخلاقيات المهنه ولكن في اطار القانون اللي بحميكم.

    1. المريض هرب يا سودانيه …ولم يخرج باراده الطبيب…فكيف يمضي على فورم DAMA ؟؟؟ الحاله دي اسمها هروب وتكتب في ملف المريض هروب ….والمريض يتحمل مسؤوليه هروبه وليس الطبيب….ثم ثانيا التهمه الموجهه للاطباء هى القتل العمد !!! فكيف توجه تهمه القتل العمد لطبيب ؟؟؟اقصى عقوبه تواجه الطبيب القتل الخطا باعتبار انتفاء القصد والترصد ….

    2. عملت طبيبا في السودان لما يقارب العشرين عاما … لا يوجد نموذج DAMA / LAMA و عموما حتى ان كان موجود فاعتقد ان المريض قام بالهروب ABSCONDED و ليس خروج على المسئولية ..
      اورنيك 8 كان دائما مصدر ازعاج و توتر اذ الطبيب لا يستطيع ان يتاخر عن معالجة حالة طارئة و ينتظر المريض ليموت امامه لحين احضار اورنيك 8، و كان المقترح حينها ان جماعة ” التامين” في المستشفى هم المسئولون عن متابعة اجراءات البلاغ و اخطار الشرطة و احضار الاورنيك و على الطبيب ان يتدخل فورا دون انتظار اورنيك .. التامين دي اعني السلطات الامنية و البوليسية الموجودة في المستشفيات و في كل مكان حتى لو دخلت يدك في جيبك
      توجيه تهمة القتل العمد لطبيب حاول انقاذ مريض هي خطيئة كبرى و لا ادري ماذا درس القاضي او وكيل النيابة الذي فتح البلاغ .. يبدو انهم لم يدرسوا قانون و ليس لديهم حتى common sense

  2. الكلام ده عندكم في أوروبا و العالم المتحضر

    السودان الدكتور حق الفطور ما عندو

    ما بيدربيهوا اي تدريب خليك من انو يقدموا ليهو دورات قاانونية ، و القانون السوداني ما بيطالب الطبيب بهذا الإجراء

    ثالثاً لو قرأتي الخبر ذكر ان المريض هرب ، مش هم قالوا ليهو امشي ارعي بي قيدك

    يا جماعة البلد لا فيها قروش لا ناس بتقدر تعبكم دي اختووووووووووها

  3. فقط نقول من فتح بلاغ ضد الطبيب بالقتل العمد غبي كائناً من كان وإن كان القانون يقر ذلك فإن من وضعه غبي أيضاً الأطباء في السودان يعملون دون مقابل لأن رواتبهم لاتكفي لوجبة الإفطار بل يجب أن يقدم لهم الشكر والتقدير والإحترام

  4. السودان بلد فاشل و متاخر في كل شي بالاخص القانون لكين يا الاطباء انتو غلطانين كونكم تمارسو مهنه الطب في السودان

  5. الله يكون في عون البلد والاطباء والمواطنين علشان كدا المخارجه منها احسن انتو قاعدين تضيعو في زمنكم ساي

  6. اقتبس من المقال ( لكن المريض (لسبب غير معروف) لا يريد أن يَمُكث بالمستشفى! أَيُجبر؟ لا قوة في الأرض تُجبر المريض على ما لا يريده! لا حقَّ للطبيب في ذلك، حقه أن لا يألوا جهداً في إقناعه بسوء عاقبة تصرفه إن خرج! وهذا ما فعله الأطباء مع المريض الذي أصر على الخروج )

    الأطباء كان لهم علم برغبة المريض بالخروج صح!! حاولو اقناعه لكن للأسف ما اقتنع في الحاله دي يوقع انه دي رغبته و ده قانون في اي مكان في العالم ان شاءالله تسجيل صوتي منه و الورقه دي كانت حتحمي الأطباء ديل في المحكمه. بعدين بحكم انه المريض اصلا مجهول و جايي بدون مرافق ولا اورنيك و شبه جنائيه كان لازم يكون في تصرف احتياطي زي ده.
    تانيا اتفق انه لا يعقل توجيه تهمة القتل العمد لكن ما معروف مصدر البلاغ من منو يعني ممكن اي زول يوجه اي تهمه و المحكمه تفصل و مش معناهو انه المحكمه هي اللي وجهت تهمة القتل العمد ولا في محكمه عادله ممكن تدين طبيب بقتل عمد في موقف زي ده.

  7. طيب كلااااااام جميل
    اذا الاطباء هم الذين حكمووو بالاعدام
    طيب الشخص الذي طعن هذا المتوفي حيعملوو ليهووو شنووو
    انا عايز اعرف ولا حيدس ويقووولووو لم يتم العثور عليه
    ولا يا ربي يطلع قاضي ويقووول هذا برئ كبراءة الزئب من دم بن يعقوووب
    غايتوووو جنس ظلم ربنا يعين