أبرز العناوينرأي ومقالات

تغيير اسم “السودان” تفريط غافل في كل تاريخ السودان وحضارته


1-قرأت مؤخرًا ما كتبه الأستاذ الطيب مصطفى في “الصيحة” بتاريخ 31 يناير 2016م، عن ما أفهمه منه من ضرورة إعادة النظر في الاسم الحالي للسودان وما رد به الأستاذ جمال علي حسن في صحيفة “اليوم التالي” بتاريخ 2 فبراير الجاري مستسخفًا (كذا !) الفكرة. وإن لم أتفق مع الأستاذ جمال في جملة لغة الخطاب، فإني أتفق معه تمامًا في معارضة التغيير لما ستترتب عليه من أضرار تاريخية وحضارية وسياسية مستقبلية، بل واجتماعية الآن. الواضح أنها خلت منها حسابات الأستاذ الطيب مصطفى، ومستنبط أنها خلت منها حسابات الأستاذ عبد العزيز البطل سابقه في الطرح نفسه، كما يتضح في ثنايا حديث الأستاذ جمال. يحتوي الرد الحالي على أربعة أقسام. الأول (القسم 1) مدخل عام للموضوع هو هذا، والثاني (القسم 2)، عن جذور تسمية السودان باسمه الحالي، والثالث (القسم 3) عن الدلالات التاريخية للاسم الحالي وجذوره، والرابع (القسم 4) خطورة تغيير الاسم، والخامس (القسم 5) خاتمة.
حين يطرح امرؤ ما موضوعًا خطيرًا كتغيير اسم “السودان” الحالي، الذي ظلت تنادي به جماعات من حين لآخر، عليه عرض المقترح بجوانبه المختلفة، موازنًا بين إيجابياته وسلبياته، مرجحًا الإيجابيات ونابذًا السلبيات، آخذًا في الاعتبار نتائجه العاجلة والآجلة بعيدة المدى، المؤقتة والدائمة. لكن حديث الأستاذ الطيب مصطفى وما اقتطفه من الأستاذ عبد العزيز البطل يخلوان من هذه الموازنة، مثلهما في ذلك مثل سابقيهما الذين كنا نقرأ لهم من حين لآخر أيضًا.
ففي المقتطف من الأستاذ عبد العزيز البطل شيئان.
الشيء الأول أن “المعنى التاريخي المستبطن من تسمية السودان معنى عدائي مستوحش وإلا لما عيرنا به رفاعة الطهطاوي….” (انتهى النص) في بيتي رفاعة الطهطاوي اللذين أوردهما.
الشيء الثاني تساؤله عن مدى “الفخار والعزة في اسم اختارته لنا شعوب أخرى لم تر فينا غير ملامح العبودية بمعايير ذلك الزمان” (انتهى النص).
أما الأستاذ الطيب مصطفى نفسه فالواضح أن مناداته بتغيير الاسم كانت قبل الانفصال وبعده، وأنها مبررة الآن بأن “السودان الحالي لم يعد ذات البلد الذي كان يضم دولة أخرى هي جنوب السودان” (انتهى النص)، مضيفًا مقسمًا بالله “إن لم يكن هناك سبب لتغيير اسم (السودان) غير أنه لم يأت باختيارنا إنما باختيار آخرين تعييرًا لنا وتبخيسًا وانتقاصًا من شأننا لكان ذلك كافيًا لإعادة النظر فيه سيما أنه لم يمنح حكرًا للبقعة الجغرافية الحالية التي احتفظت به دون الآخرين مسمية نفسها به” (انتهى النص). وسبق قسم بالله بقوله “إن العرب سموا المنطقة الواقعة على امتداد الشمال الأفريقي أو بالأحرى المنطقة التي يقيم فيها بيض البشرة بأرض البيضان بينما سموا التي يقطنها السود في أفريقيا بأرض السودان” (انتهى النص).
الواضح الجلي تمامًا أن نصوص الكاتبين، التي لن نتجاوزها، توحي بأنهما لم يحيطا بالجذور التاريخية لاسم السودان، وأنهما اعتقدا، بل زعما، أن من سمى البلاد به تعمد تعييرها وتبخيسها وانتقاصًا من شأنها. في القسم التالي عرض للجذور التاريخية للتسمية.

s – Copy. 2جذور تسمية السودان
أولاً: إن جذور تسمية السودان بما يعني باسمه هذا، وهو “إثيوبيا”، راجعة لأكثر من ألفين وخمسمائة سنة. سماه بها اليونان أولاً فاللاتنين ثانيًا، كما سيأتي تفصيله بعد قليل (القسم 3، الدلالات التاريخية). فهو ليس باسم طارئ سماها به من شاء أن يعيرها ويبخسها به.
ثانيًا: ليس لديَّ من مصادر عربية إسلامية مبكرة، ليست بالقليلة، ما يؤيد مقالة الأستاذ الطيب مصطفى عن تصنيف العرب للشعوب في أفريقيا بين بيضان وسودان، ولا على قصرهم السود على أفريقيا. فهلا أكرمنا بمصدر واحد به هذا التصنيف. ففي رسالة الجاحظ التي سيلي عرض بعضها ما ينفي هذه ويبين سعة المصطلح. بل سيرى مما سيأتي من تصنيف للجاحظ أن العرب من “السودان”.
إن أشهر مصدر أساس في الحديث عن “السودان” (جمع جمع للاسم “أسود”) والبيضان (جمع جمع للاسم “أبيض”) هو رسالة الجاحظ المضادة لأقوال الأستاذين الموردة أعلاه، التي جعل فيها العرب، كلهم في قول وبعضهم في قول آخر، من السودان ومشيدًا بفضل السود على البيض في رسالته المعنية، باسم “في فخر السودان على البيضان”. فهو لم يقصر “السودان” على سود أفريقيا فحسب، بل جمع غير البيض في كل مكان. ففي تصنيفه للشعوب شمل فيهم “الزنج والحبشة، وفزان وبربر، والقبط والنوبة، وزغاوة ومرو، والسند والهند، والقمار والدبيلا، والصين وماصين. والبحر أكثر من البر، وجزائر البحر ما بين الصين والزنج مملوءةٌ سوداناً، كسرنديب، وكله، وأمل، وزابج وجزائرها إلى الهند إلى الصين إلى كابل وتلك السواحل” (انتهى النص). فهذا هو المفهوم اليوناني القديم للسودان والسُمران (بضم السين وتشديدها) الذين يجعلونهم منتشرين في الأرض من الهند شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، في الحزام المسمى الآن “حزام السودان” الذي لم يعرفوا ما وراءه جنوبًا في أفريقيا إلا ما كان في وادي النيل شاملاً السودان حتى البجراوية وإريتريا حتى مدينة أكسوم القديمة. ولو كانوا قد عرفوا من هم جنوب هؤلاء لصنفوهم في السودان.
وأضاف الجاحظ: “إن الله تعالى لم يجعلنا سوداً تشويهاً بخلقنا، ولكن البلد فعل ذلك بنا. والحجة في ذلك أن في العرب قبائل سوداً كبني سليم بن منصور”. ثم أردف بقوله: “قالوا: ومنا العرب لا من البيضان؛ لقرب ألوانهم من ألواننا. والهند أسفر ألواناً من العرب، وهم من السودان”. وحجة شمل العرب في السودان عنده أن جدهم إسماعيل عليه السلام أمه من السودان (من السود تصنيفًا لا سوداننا) لأنه، كما قال الجاحظ، “والقبط جنسٌ من السودان وقد طلب منهم خليل الرحمن الولد فولد له منهم نبيٌّ عظيم الشأن، وهو أبو العرب إسماعيل عليه السلام” (انتهى النص). وزاد أيضًا “وقالوا: كان ولد عبد المطلب العشرة السَّادة دُلْماً ضخما” وأن “عبد الله بن عباس كان أدلم ضخمًا، وأن آل أبي طالبٍ أشرف الخلق، وهم سودٌ وأدمٌ ودلْم” (انتهى النص). و”أدلم”، جمعها “دُلم” بضم الميم. و”الدلام”، مثل “الظلام” وزنًا ومعنىً، هو شدة السواد مع الطول. فإذا كان هذا حال آل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى الجاحظ، فكيف نعد السواد عيبًا نقول إننا نعير به؟ إن مقالة الجاحظ بأن “البلد فعل بنا ذلك” توافق المفهوم اليوناني لسبب السواد والسمرة، حين سموا الأسود والأسمر، “إيثيوبس” بلغتهم ومعناها “ذو الوجه المحروق من الشمس”؛ أي ذو السواد والسمرة المكتسبين بفعل الشمس أصلاً. فهي تسمية كما يرى ليس فيها ما يسوء لكونها علمية بحتة. وإن صحت علاقة السواد والسمرة بالشمس، فإن الذي أدى إليهما لا الشمس مباشرة، بل مادة الميلانين تحت البشرة التي تسوّد البشرة أو تسمّرها بمقدار أشعة الشمس الضاربة عليها، وقاية للبشرة من الضار من أشعة الشمس. فكلما اشتدت الحرارة كثرت مادة الميلانين الاسوداد بها والوقاية بها من أشعة الشمس. فالاسوداد المقدر من مادة الميلانين نعمة من الله على البشر، الذين كلما اشتد سواد بشرتهم كانوا أخلق أن يشكروا الله عليه لا أن يخجلوا منه أو من التسمية به. ذلك لأنه ليس في سواد البشرة ما يعيب.
والذي يقرأ رسالة الجاحظ هذه لا يسعه إلا أن يفخر بالشعوب السوداء عامة، وانتمائنا إليها، وتسمية بلادنا باللون، لا أن نستنكرها. في ترجيحي لا يرجع هذا الاستنكار إلا لما علق بالأذهان مما لحق بالسود من تنقيص أيام التمييز والتفرقة العنصريين في القرنين الماضيين، التي انصرم منها الكثير، بحمد الله. فأصبح السواد عند بعض السودانيين منقصة يخجل البعض منها. لكن هناك من الملايين من يفخر به، وفي أمريكا بخاصة. ولو تابع الناس التوجهات الحالية عند الأمريكان – السود لأدركوا مدى نفورهم من الحضارة الغربية، الأنجلو – سكسونية بخاصة، والتصريح بعدم الانتماء إليها، واللجوء للتراث الأفريقي اعتزازًا به وبالسواد، واشتهرت العبارة المتغنى بها وسط السودان في أمريكا وبريطانيا “الأسود جميل (بلاك إز بيوتيفل)”، أي “اللون الأسود جميل” ردة فعل معاكسة لمن يسب السواد أو يخجل منه.
3. الدلالات التاريخية للاسم الحالي وجذوره

sأما تسمية “السودان” بهذا الاسم فإنها لم يقصد منها ما رآه الأستاذان الفاضلان من تعيير للبلاد وتبخيس وانتقاص من شأنها. بل هي تسمية قصدها حسن وتاريخي. فيها ترسيخ لماضيه العريق في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد. فالاسم، في معناه ومراده، ترجمة للفظة “إثيوبيا” اليونانية التي يكون معناها هو “بلاد ذوي الوجوه المحروقة من الشمس”، من غير البيض من سود وسمر. فتكون هي “بلاد السودان” أو “بلاد السمران”. قصد به اليونان أولاً، واللاتين من بعدهم، البلاد التي اسمها “كوش”، وهي السودان القديم، المسمى بهذا الاسم في النقوش المصرية والسودانية القديمة والآشورية العراقية والنسخة العبرية للعهد القديم (كتاب بني إسرائيل) وترجمتها العربية. حلت “إثيوبيا” محل “كوش” في كل المكتوب باليونانية واللاتينية، سواءً أكان ذلك في الترجمات اليونانية واللاتينية واللغات الفرنجية الحية لكتاب العهد القديم، أم في كتب المؤرخين والرحالة المكتوبة باليونانية واللاتينية من منتصف القرن الخامس الميلادي إلى القرن الرابع الميلادي (نحو ثمانية قرون). قصد به سوداننا وحده ولم تقصد به إثيوبيا الحالية قط خلالها. ولم تسم المصادر اليونانية اللاتينية إثيوبيا الحالية به إلا بعد سكوتها عن سوداننا بنحو 170 سنة. ولم يكن في تسمية البلاد “إثيوبيا” ولا المنتسبين لها “الإثوبيين/ الإثيوبيون” بخاصة والشعوب السوداء/ السمراء تعمُّد لإساءة وحط لقدر. بل العكس، فإن من المصادر اليونانية اللاتينية ما بالغ في مدح “إثيوبيا” حقًّا أو باطلاً، بأنها مصدر الحكمة والمعرفة والكتابة (المصرية) والصفاء والنقاء، التي لا بد من زيارتها. فكان من الكتاب والرحالة الكلاسيكيين (اليونان – الرومان) من زار السودان، “إثيوبيا” عندهم في الفترة المروية، وقضى في مروي فترة من عمره بلغت سبع سنوات عند أحدهم. لذا فإن تسمية البلاد باسمها الحالي، المترجم للاسم “إثيوبيا” حين يكون معناه “بلاد السودان”، ليست إلا تذكرة باسمها في المصادر المكتوبة باليونانية واللاتينية، ووصلا للبلاد بماضيها العريق، السياسي والحضاري، والدور السياسي العالمي المهم للبلاد، حين كان اسمها “كوش” ومرادفه “إثيوبيا (بلاد السودان)” معًا وفي آن واحد، في تاريخ الشرق الأدنى القديم في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد. فالملك السوداني المشهور تآرقو (تهارقا) وصفه نقشان آشوريان بما يعنيان “تـآرقو ملك مصر وكوشَ” و”تآرقو ملك كوش” وكتاب العهد القديم في أصله العبري وترجمته العربية بما يعنيان “تِرهـاقة ملك كوش” و”ترهاقة الكوشي”، وفي ترجمته اليونانية – اللاتينية بما يعني “تِرهاقة ملك إثيوبيا”. الأخير هذا ترجمة للنص العبري السابق نفسه.

4. خطورة تغيير الاسم
إن غير الاسم بآخر فستلحق بالبلاد أضرار تاريخية وحضارية فادحة. هي الآتية:
أولاً: هنالك عشرات الآلاف من المؤلفات العلمية الرصينة والشاملة باسم “السودان”، اسمًا أو نسبة إليه بمختلف اللغات من عربية وإنجليزية وفرنسية وألمانية وإسبانية وإيطالية وروسية وبولندية وإسكندنافية وصينية. تتناوله سياسيًّا وحضاريًّا وجغرافيًّا وسكانيًّا وعلميًّا وطبيًّا، بعضها من القرن التs – Copy (4)اسع عشر الميلادي، يحق له أن يفخر بها. ستؤول كلها للسودان الجنوبي حين ينتهز فرصة تغيير اسم السودان ويسمي نفسه “السودان” خالصًا بدل اسمه الحالي، كما سيرد في الفقرة ثالثًا أدناه، إن شاء الله تعالى. ومن الدراسات السودانية القديمة الصادرة في السودان المؤصلة التي ستضيع “مجلة السودان في رسائل ومدونات (سودان نوتس آند ركوردس)” التي بدأت إصداراتها بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة. ومثلها المدونات والنشرات المتسلسلة بالألمانية والإنجليزية المسماة باسم السودان، نحو وقائع ما يسمى “مجموعة الآثار السودانية” في جامعة همبولت بألمانيا، و”نشرة الدراسات السودانية بجامعة فيينا”. كلتاهما بالألمانية. بالإضافة إلى المطبوعات هنالك مؤسسات علمية باسم السودان، أشهرها معهد آثار السودان بجامعة همبولت بألمانيا. فماذا سنفعل بهذا المعهد مثلاً؟. أسنطالب جامعة همبولت الألمانية بتغيير اسم معهدها ليواكب تغيير اسم البلاد الجديد؟ وماذا عن عشرات آلاف المؤلفات المنشورات باسم السودان؟
ثاتيًا: سينسى السودانيون بعد حين من الزمن، قد يكون طويلاً، أن بلادهم ذات الاسم الجديد هي “السودان” سابقًا، كما نسي معظم السودانيين الآن اسم “كوش”.
ثالثًا: ما إن يتغير الاسم إلا وستبادر جمهورية “السودان الجنوبي (جنوب السودان خطأً)” بتغيير اسمها ليكون “السودان” خالصًا. وهذا يقين عندي. وستنسب لنفسها، كل تاريخ السودان وحضارته بالمفهوم أن “السودان”، بلادهم بالاسم الجديد الخالص، هو “إثيوبيا (بلاد السودان والسمران)” المصادر باليونانية واللاتينية، و”كوش” المصادر الآشورية والمصرية والسودانية القديمة والنسخة العبرية وترجمتها العربية لكتاب العهد القديم. وذلك بالمنطق الذي في الفقرة 2. وسوف يحاجون بأن البلاد ذات الاسم الجديد لا علاقة لها بماضي البلاد القديم بعد أن تبرأت من الاسم الحقيقي للبلاد صاحبته، وهو “(بلاد) السودان” المسمى “إثيوبيا”، واستنكفت أن تنسب إلى السواد، واتخذت ما كان ينبغي أن يكون اسمها منذ البداية، إذ لا علاقة لها باسم السودان أصلاً وتاريخه وإنجازاته السياسية والحضارية نتيجة لذلك قط. فهم عرب دخلوا البلاد مؤخرًا بعد أن انتهى دور السود قبلهم، ولم يساهموا في تاريخها القديم الذي بناه السود المسمون “الإثيوبيين”، بمعنى “السود/ السودان”، كما سيجادلون، في المصادر المكتوبة باليونانية واللاتينية.
رابعًا: إن اتخذت البلاد اسمًا جديدًا ذا صبغة عربية إسلامية، نحو “سنار” مثلاً، فسيقال في “السودان (الجديد)”، السودان الجنوبي سابقًا، إن العرب المسلمين قد تبرأوا من اسم البلاد القديم المقرون بالسواد ومن تاريخيها الوثني والمسيحي وعادوا إلى أصلهم العربي الإسلامي الراجع للقرن الخامس عشر الميلادي حين أسقطوا مملكة علوة، المتبقية من المملكتين المسيحيتين، وأقاموا مملكة الفونج الإسلامية، بل والعربية بأسماء مؤسسيها. فهم سلالة هذه المملكة الحديثة نسبيًّا في تاريخ البلاد، وليست لبلادهم الحالية أي صلة بتاريخ ما قبل الفونج، وليست لهم إسهامات تاريخية حضارية راسخة القدم كحضارتنا نحن الوثنية أولاً والمسيحية ثانيًا. فلا مساجد لهم تضاهي معابدنا، ولا مدافن عظيمة شاخصة تنافس أهرامنا، ولا معثورات تدل على حياتهم الدينية أو المدنية أو الدنيوية أو الأخروية كمعثوراتنا، ولا نقوشًا وفيرة كنقوشنا، ولا أبجدية خاصة بهم كأبجديتنا كتبوا بها لغتهم وإنما هي أجنبية عربية لغة وكتابة. فهم زحزحونا من أرض الأجداد حتى انكمشنا في الجنوب، ونسبوا كل ماضينا المجيد لأنفسهم زعمًا باطلاً. وربما ينهض متعصبون في “السودان” (الجديد) ينادون للنهوض باسترداد أرض الأجداد واستعادة مواقعها الأثرية، كما فعل الصهاينة بفلسطين تحقيقًا ثانيًا لوعد “أرض ميعاد” جديدة، وبدعم وتحريض من إسرائيل. فيرث اللاحقون من أحفاد سودان اليوم، أكثر مما أورثنا له سياسيو بداية الاستقلال، مصائب جديدة وحروبًا قد لا تنقطع دفاعًا عن بلدهم وتراثهم القديم المهددين.

ssخامسًا: سيخلو الجو لبعض الإثيوبيين لنسبة تاريخ البلاد وحضارتها لإثيوبيا الحالية لا لشيء إلا اسم “إثيوبيا” الذي سماها به اليونان والرومان. وذلك بعد أن أسقط السودان بمسماه الجديد حقه فيها. وهذا الادعاء الإثيوبي لن يكون جديدًا، فقد قال به الأستاذ الجامعي الإثيوبي سيرجيو حبل – سيلاسي قبل ما يزيد عن ثلاث وأربعين سنة في كتاب له (1972)، بأن كل ما ورد باسم “إثيوبيا” في كتاب العهد القديم وكتب الرحالة والكتاب الكلاسيكيين هو عن إثيوبيا الحالية وفي حدودها التي هي عليها الآن. وهذه مغالطة غير علمية. كان قد فندها سلفًا وقبل حبل – سلاسي الآثاري البريطاني بدج (Budge) في كتاب له عن السودان القديم وإثيوبيا معًا في 1928، أعلم يقينًا أن سيرجيو حبل -سلاسي يعرفه واطلع عليه. فندها بدج بقطعه الصارم اليقيني بأن “إثيوبيا” الرحالة والكتاب الكلاسيكيين ليست هي الحبشة وأنه لا علاقة بين البلدين لا جغرافيًّا ولا إثنوغرافيًّا، وأنه من المستبعد جدًّا أن يكون الرحالة والكتاب الكلاسيكيون قد عرفوا شيئًا من الهضبة الإثيوبية.

سادسًا: في ضوء الفقرتين رابعًا وخامسًا، فبتغيير الاسم سيؤول ماضي السودان بإنجازاته الرائعة إلى السودان الجنوبي وإثيوبيا. إلى الأول باسمه “السودان (الجديد)” وإلى الثانية بالاسم “إثيوبيا”. ولا يبقى للبلاد بمسماها الجديد شيء من الماضي العريق الذي جعل بعض الآثاريين الفرنجة يصفون البلاد بأنها منافسة مصر في أفريقيا.
سابعًا: غير هذا وذاك، وبمعايير من لا يجادل بالخسارة التاريخية والسياسية والحضارية للبلاد، ولا يقيس إلا بالمقاييس السياسية الآنية، ستدخل حكومة البلاد في مأزق نفقة عالية التكلفة قد تستنفد كل ميزانيتها لإجراء التغييرات بالاسم الجديد على كل مؤسساتها وأوراقها المروسة، بل وعملتها، كما ستدخل المؤسسات التعليمية من جامعات علمية ومراكز بحوث في نفقات باهظة مماثلة. وماذا عن أغانينا الوطنية الذاكرة للسودان والسوداني اسمًا، المتغنية بهما، التي دعمت الحركة الوطنية أيام الاستعمار وناضلته وناطحته كما ناضل المناضلون وناطح المناطحون؟ من سيعيدها لتلهب الحماس وتذكي الشعور الوطني ولأي بلد بعد أن غاب المسمى والمسمون به لفظًا؟ أسيكون هو “السودان الجنوبي” حين يسمي نفسه “السودان” خالصًا أم تطوى وتُمسح بعد إذ لا رقعة أرض في الشمال بهذا الاسم يتغنى بها من أجله؟ فخلود هذه الأغاني ليس في لغاتها وألحانها وأدائها فحسب، بل في مجيئها في وقتها. ومهما أوتي المحدثون والمعاصرون من الشعراء من مهارات لغوية وخيالية عالية، والملحنون والمغنون من قدرات تلحينية وأدائية رفيعة، فلن يكون لمنتجات هؤلاء وأولئك الوقع الذي كان للأغاني الوطنية التي ولدتها أزمنتها المواتية لها وأحداثها التي وافقتها وعبرت عنها بإخلاص نية وتضحيات بدنية، لا لعائد مادي منها، يرجى أو يستهدف. وأدهى من ذلك وأمر ما يفعل بالراية البيضاء، إن ظلت محفوظة أو مصورة، باسم السودان التي رفعت في مؤتمر باندونق، الذي كان أول مؤتمر سياسي عالمي لرؤساء الدول للسودان المقبل على الاستقلال آنذاك؟ أتضيع كل هذه الموروثات القيمة المحورية في تاريخ البلاد الحضاري والسياسي لا لشيء إلا لتغيير اسم لا عيب فيه؟
ثامنًا: السؤال الذي يطرحه المرء هو: أي اسم بديل يخطر ببال المنادين بالتغيير يمكن الاتفاق عليه؟. أشك في إمكانية الاتفاق، بل وأرى، كما رأى الأستاذ جمال، أن محاولة الاتفاق ستولد خلافًا وشقاقًا وفتنة الناس أشد، الناس والبلاد في غنى عنها كلها، ويكفيها ما بيدها الآن. الأفضل أن تترك المحاولة كما كان ينبغي أن يترك الحوار غير المجدي حول الهوية.

5. خاتمة

كان ما تقدم بعض الردود والحجج المتاحة في هذا المقام المحدود، تفنيدًا للرأي بتغيير اسم البلاد بأعذار يراها المرء واهية، لا طائل لها كحوار الهوية الآن. فليس تغيير الاسم من ضرورات الساعة، إذ هناك ما هو أجدى وأهم. وليس من الحمكة إثارته في أي زمان، إذ هو والهوية من الفتن النائمة، التي سباتها أهم من صحوتها، ومن الخطورة بمكان إيقاظها.
ليدرك المنادون بالتغيير أن اسم “السودان” لم تسم به البلاد احتقارًا لها، وأن السواد ليس بعيب، لا ولا الوصف به، وأنه لا يقعد امرءًا أو بلدًا ما عن الإنجاز. فالسودان القديم الأسود باسمه “إثيوبيا”، “بلاد السودان” في إحدى ترجمتيها، تبوأ مكانة عالية في تاريخ العالم القديم السياسي والحضاري ليت البلاد تتبوأ أي شيء منها الآن. وعنترة الأسود لم يقعده سواده عن الإنجاز بطولة وشعرًا. وبلال منسوب لبيت الرسول صلى الله عليه وسلم لا لونًا ولا نسبًا بل صبرًا وصمودًا في الدين وجمالاً في الصوت حين يؤذن. سيظل خالد الذكر ما بقي الإسلام والسيرة النبوية. وكيف ينسى المسلمون أن إحدى زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام اسمها “سودة”، بنت زمعة، وأن منقط الحروف العربية كنيته “أبو الأسود” الدؤلي الذي دخل تاريخ الخط العربي بأوسع باب وسيظل مذكورًا ما ذكرت الكتابة العربية وما تلي القرآن الكريم تلاوة صحيحة. ولا يُنسى بوشكين الروسي، الإثيوبي الأصل، الذي لا يزال رمزًا مهمًّا في الأدب الروسي منذ القرن التاسع عشر، وكان رفيع القدر في المجتمع الروسي في زمنه وتزوجته فاتنة من الفاتنات البيض الروسيات رغم سواده، الذي لم تخجل أو تتبرأ به منه الأسرة الأرستقراطية الروسية التي تبنته. والأمثلة لا تحصى. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الخلق بما فيهم من ملائكة وأنبياء ومرسلين.

*البروفيسور عبد القادر محمود عبد الله
* أستاذ الدراسات السودانية والمصرية القديمة

صحيفة اليوم التالي


‫24 تعليقات

  1. المقال لم يأتى بجديد بل تطرق لنواحى فلسفية غير مقنعة ولا يضيع شئ من ارث السودان بتغيير الاسم فالرجوع للحق فضيله دائما وتغيير الشكل لا يعنى تعيير الجوهر وأنا مازلت بالموافقة وبقوة بتغيير هذا الاسم باختيار اسم يليق بهذا الشعب العظيم وياريت يتم باجراء استفتاء شعبى ليكون الاختيار باجماع وطنى ….

  2. تمام فلماذا الخوف من اجرا استفتاء شعبى للابقاء او التغيير وكل معسكر يدلى برأيه …. وأنا حقيقة مع التغيير وما زلت مع تغيير الاسم باسم يليق بنا مهما كلف الامر

    مع تحيات ابو حمزه

    1. اسم السودان يليق بالسودانيين ويفتخرون به في كل الدنيا

      ولن يتم تغييره مادمنا احياء

      شوف ليك بلد تليق بك اذا كنت تشعر ان الاسم عار عليك

      ولكن الحقيقة انت عار علي السودان

  3. بصراحة لو في إسم لازم يتغير حيكون إسم العاصمة الخرطوم ، إسم ليس له أي بريق ، وإسم غير سياحي بالمرة !
    و كمان أنا مع تغيير العلم السوداني لعلم يعكس شخصية وتاريخ وثقافة السودان . بدل العلم الحاكو حاكو بتاعنا ده ! نص الدول ألعربيه عندها نفس العلم بترتيب مختلف للألوان !! .. فلننظر للعلم الجزائري كم هو مميز وجميل أو العلم التونسي أو العلم السعودي .

  4. خلي جنوب السودان يشيل الاسم وينسب كل الحضارة ليهو….اصلا ما مشكلة مادام حنفك ارتباطنا مع الاوباش ديل….قبل ما يسموا انفسهم جنوب السودان كان اسم السودان من احلي الاسماء عندي بس هسع ما بطيقه نهائي بعدما ارتبطنا بيهم واي خبر عنهم بيظهر معاهو اسمنا

    1. لتعرف انهم اغبياء جدا حتي في اسم دولتهم

      فليختارو لها اسما جديدا بما انها دولة وليدة

      مثلا من الممكن ان يختارو اسم دولة شمال يوغندا

      او دولة شرق افريقيا الوسطي

      او دولة غرب اثيوبيا

      ولكنهم تركوا كل تلك الاسماء لانهم سودانيين ومسالة انفاصلهم عنصرية لا اكتر

      1. لذلك ماكان في داعي للانفصال من الاول مادام متشبثين بنسب اسم دولتهم للسودان للان وكان الافضل ان يكتفو بحكم اقليم الجنوب فقط

  5. اسم السودان يليق بالسودانيين ويفتخرون به في كل الدنيا

    ولن يتم تغييره مادمنا احياء

    شوف ليك بلد تليق بك اذا كنت تشعر ان الاسم عار عليك

    ولكن الحقيقة انت عار علي السودان

    1. هذا رأيك يابن الحلال ولا تتكلم باسم السودان لأنك انت العار …. وانا قلت فاليكن عن طريف الاستقتاء يعنى مشاركة كل السودانيين حتى ولو لم يتغير الاسم ولا تتسرع فى الحكم على الاخرين

      1. انت من شاكلة الطيب مصطفي والهندي زفت الطين وسوار الذهب

        كلكم منبطحين وناكرين بلدكم واهلكم

        السودانيين مرفوعي الراس في كل الدنيا الا انتم تشعرون بالخجل والعار من الاسم

        دا يسموه شنو اليفتونا الاخوة السودانيين في شعوركم بالعار من اسم السودان

        روح في ستين داهية قال اسم يليق بنا

        وانت سويت شنو للسودان عشان تتنكر ليه

  6. اذا كان اسم كوش اقدم من السودان فلماذا لا نرجع لاسم كوش . وبعدين ياخي ما فارقة كتير زمان السودان كان مجموعة ممالك – مملكة الفونج ومملكة علوة ومملكة تقلي . برضو الناس بيعتبروها جزء من تاريخ السودان . الان اذا تغير الاسم لاسم جديد كل الحكاية وما فيها حتكون انو (وقد كان يسمى بالسودان وذلك حتى عام 2016م) . وبعدين على الاقل نغير حظنا دا ما تعقدوا الحكاية .

  7. أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا

    يُذكَرُ المجـدُ كلما ذُكــروا وهو يعتـــزُ حين يَقْــتَرنُ

    حكموا العــدل في الورى زمنا يا ترى هل يعود ذا الزمن

    ردد الدهرُ حســن سـيرتهم ما بها حصة ولا درنُ

  8. والله يا جماعة اجزنني جدا ان أرى كل المعلقين اغلبهم مع تغيير الإسم

    خلونا نكون واضحين ، والله نحن الذين لا نليق بهذا الأسم نفيس “السودان” ولا نليق بهذا الوطن الحبيب العزيز “السودان”

    نحن الذين يجب ان تتطاول هاماتنا لتبلغ شرف هذا الأسم وليس العكس

    يكفينا شرفا قول الرسول صلى الله عليه وسلم- «ألا وإن من آدم إليَّ ثلة وأنا وأمتي ثلة ولن تكتمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له»

    هذا الاسم يكاد يكون نقدس ومذكور في عده رسالات سماويه وعاوزين تغيروهو !؟ لو بس عشان الحديث الفوق دا مفروض ما نغير اسم السودان ، بتتكلمو كيف انتو ؟ مع احترامي لكم لكين الذي يمنح الشرف والرفعة هو افعالنا وليس مسمانا ،

    هل نظن انه بتغيير اسم بلدنا سنغطي على فشلنا في ادارة اكبر بلد ذو موارد في العالم استلمناهو من الإنجليز زي الدهب وخليناهو الآن زي الجثه في عنبر التشريح ؟

    ياسادة ياكرام ، دعوا الناس يحترموكم بأفعالكم ، فهناك ثلاثة حقائق لا تتغير ،
    أننا خليط من أفارقة وعرب
    وأننا اقدم حضارة في العالم
    وأننا سودانيون

    خلونا نكون سودانيون ، لا عرب .. لا أفارقة ، زي جدودنا من كوش لحدي مملكة علوى والمتمة والسلطنة الزرقاء وغيرها ، فهذا يا سادتي الشيء الثمين الوحيد الذي لم نفقده .. إسم السودان

  9. حقائق مذهله :

    وقد صدر من العلماء ما يفيد بأنّ السودانيين لا يمكن تصنيفهم عرقياً كما نفعل مع الآسيويين وغيرهم من الأجناس حسب جيناتهم باعتبار أن السودانيين هم الأصل

    نوبة السودان هم أصل الإنسان . وأصل الحضارة الفرعونية الدكتور/ الصادق عوض بشير

    بحوث موثقة تؤكد أنّ:
    نوبة السودان هم أصل الإنسان … وأصل الحضارة الفرعونية

    وصلتني هذه القصاصة العلمية عبر الايميل

    ثلاثة أحداث هامة وخطيرة عن السودان الحالي هزت معظم الأوساط العلمية في العالم مؤخراً. الحدث (الأول) فجره عالم الوراثة الإيطالي البروفيسور لويجي لوكا كافللي سفورزا، الذي أجرى بحوثاً في غاية الأهمية وأصدرها في كتاب سماه “الإنسان في الشتات: تاريخ التنوع الوراثي والهجرات البشرية الكبرى” وأصدرته دار الوراق (2001). وعزز ذلك المسح الجيني لسكان السودان الذي قام به الدكتور هشام يوسف الحسن، وأُعلنت نتائجه في مؤتمر صحفي عام 2008م، وخُتِمَ كل ذلك بالبحوث التي قادت إلى رسم الخريطة الجينية للسودانيين عام 2013م. وكلها أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك بطلان أسطورة وخرافة النقاء العرقي والعنصري التي استغلها بذكاء النازيون الألمان وبعدهم المستعمرون الأوربيون وأشعلوا بسببها الحروب الطاحنة في إيهام البشر بنقاء جنس الرجل الأبيض، وأنّ الأفارقة والآسيويين والعرب، أقل ذكاءاً بسبب فساد أدمغتهم كمبرر لاستعمارهم وطمس هويتهم والاستيلاء على مقدراتهم ومواردهم. والغريب أنّ الكثير من هذه الشعوب بما فيهم بعض العرب صدّقُوا هذه الرواية التي نشأت عنها عقدة الخواجة الذي يفوقهم فهماً، فأفسحوا له المجال في بلادهم ليعلمهم كيف يتحضرون ويتطورون!
    وصحب هذه الأسطورة، الترويج الفاضح للفكرة التي تقول بأنّ ثمة أجناس أفضل من أجناس أخرى، وأن أعراقاً وشعوباً بعينها مُهيئة بالفطرة ولها القدرة على السيادة والسيطرة على الآخرين، مما غذى الحملات الاستعمارية لاستعباد الشعوب والمتسترة وراء خزعبلات علمية ثبت بطلانها، وأفضى في نهاية الأمر للتمييز العنصري والاضطهاد العرقي (كما حدث في جنوب أفريقيا)، وللحروب الأهلية التي اشتعلت في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بسب هذا الاستعلاء.
    وقد شرح البروفيسور منتصر الطيب أستاذ علم الوراثة الجزئية في جامعة الخرطوم (الذي ترجم كتاب العالِم الإيطالي سالف الذكر) هذه النتائج في كتابه المسمى “تشريح العقل العرقي” الذي صدر عن دار عزة (2007) ثم قدمها كمحاضرة علمية ملفتة للنظر مؤخراً في جامعة الخرطوم أمها عدد كبير من العلماء والباحثين. ويمكن تلخيص أهم وأخطر ما ورد في محاضرته في أربعة حقائق هي:
    1) أنّ البشر .. كل البشر يولدون خاليين تماماً من العنصرية كمفهوم وفكرة .. لكنهم يملكون القدرة على تمييز اختلافات اللون البشري.
    2) إن محاولة استخدام الجينات في تدعيم الأيدولوجية العرقية تعتبر علمياً محاولة باطلة لا أساس لها. وضرب مثلاً بما يسمى “علم تحسين السلالات البشرية” والذي ظهر الهوس به في أوربا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.
    3) أن هذا الهوس العرقي استغل نظرية “الانتخاب الطبيعي Natural Selection” ووظفها في محاولة لإثبات أن عِرْقاً أو جنساً معيناً هو أحسن وأفضل من أعراق وأجناس أخرى، مما فتح الباب على مصراعيه لاستعباد الشعوب دون وجه حق.
    4) والمؤسف أنه حتى بعض العباقرة من حَمَلَة جائزة نوبل روجوا لهذه الادعاءات العنصرية الباطلة. وضرب مثلاً بالعالِم ويليم شوكلي الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في الستينات من القرن الماضي الذي دعا إلى تعقيم Sterlization الزنوج في أمريكا حتى لا يتسببوا في إفساد وتدهور العرق الأبيض أو ما سمي وقتها بالمستودع الوراثي للأمريكيين. والثاني هو العالم جيم واتسون مكتشف الـDNA والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء والذي قال أن الأفارقة أقل ذكاءً من البيض بسبب نظرية الانتخاب الطبيعي. وحتى العربي ابن خلدون رائد علم المجتمع وقع في نفس الفخ واتهم ذوي البشرة السوداء بالغباء بسب فساد أدمغتهم بفعل الحرارة الشديدة في بلادهم.
    أما الحدث (الثاني) الأكثر إثارة والذي كان نتيجة لأبحاث عالم الوراثة الإيطالي لوكافيللي سفورزا، سالف الذكر، فيقول أن أهمية الخريطة الجينية للسودانيين بالنسبة لبقية سكان العالم أجمع، تنبع من حقيقة أن أسلاف السودانيين يرجع إليهم، من ناحية جينية، كل البشر في العالم اليوم، وأن ما يميز هذه الخريطة الجينية هما عنصري القِدَمْ والتواصل المستمر، حيث ثبت أن تسعين بالمائة من النساء السودانيات يحملن مورثات “جينات” متصلة دون انقطاع منذ مائة ألف عام (أي منذ بداية نشوء النوع البشري على وجه الأرض). مما يعني أن أصل الإنسان في أرجح آراء معظم العلماء يعود إلى منطقة جزيرة “صاي” في شمال السودان الحالي وهي منطقة معروفة منذ القدم وحتى اليوم بأنها تضم السكان النوبيين (انظر الخريطة المرفقة) وهي تقريباً نفس المنطقة التي عثر فيها العلماء على أقدم الجينات البشرية وتحديداً منطقة “كرمة”. وقد تأكد أنّ أي إنسان على وجه الأرض ترجع أصوله الجينية إلى هذه المنطقة السودانية .. والأصل لا يصنف لعدم وجود شيء يقارن به.
    خلاصة الأمر الذي استقر عليه العلماء أنه إذا أردنا الوصول إلى فهم أدق وصحيح للجنس البشري فلا بد لنا من دراسة جينوم السودانيين. وقد صدر من العلماء ما يفيد بأنّ السودانيين لا يمكن تصنيفهم عرقياً كما نفعل مع الآسيويين وغيرهم من الأجناس حسب جيناتهم باعتبار أن السودانيين هم الأصل.
    أما الحدث (الثالث) والذي لا يقل أهمية وإثارة عن الحدثين السابقين، فيتعلق بالبحوث والتنقيبات الأثرية التي قام بها عالم الآثار السويسري المعروف أوربياً شارلي بوني واستغرقت سنوات طويلة في كل من مصر والسودان، وقضى حوالي أربعين عاماً منها في كرمة بشمال السودان حيث اكتشف من خلالها ومن خلال بحوثه في مصر، أنّ هنالك حلقة مفقودة في تاريخ الحضارة الفرعونية في مصر، فبعد مصر ذهب لشمال السودان وقضى فيه تلك الفترة الطويلة حتى قاده بحثه المضني إلى نتائج غير مسبوقة حيث اكتشف أن الحلقة المفقودة تمثلت في أن الحضارة النوبية في السودان، التي أسسها الفراعنة السود هم الذين حكموا مصر والمصريين لقرابة 2500 عام وامتد حكمهم هذا حتى أرض فلسطين شرقاً. وأنّ الحضارة النوبية هي أول حضارة قامت على وجه الأرض وتعتبر أعرق حضارة شهدها التاريخ. وكانت مدينة “كرمة” في شمال السودان هي عاصمة أول مملكة في العالم.
    وإذا ربطنا هذا الاكتشاف، بالاكتشاف الثاني الذي يؤكد أن الأصل الجيني للإنسان يعود إلى منطقة جزيرة صاي في شمال السودان والتي تقع تقريباً في نفس منطقة كرمة، يتضح لنا صحة هذه الاكتشافات المذهلة والتي قال عنها عالم الآثار السويسري شارلي بونيه أنها ظلت غائبة لأكثر من ثلاثمائة ألف عام، وأن الحضارة الفرعونية المصرية التي ملأ صيتها العالم مستمدة أصلاً من الحضارة النوبية السودانية، وأنّ فراعنة السودان هم الذي سادوا المنطقة حتى قبل ظهور مصر على وجه الحياة. فدولة السودان (وليس مصر) هي أم الدنيا بحق وبلا منازع.
    الجدير بالذكر في نفس السياق أن شارلي بونيه هذا بعد أن قضى عشرات السنين في كرمة بحثاً عن الحقيقة الغائبة والحلقة المفقودة، والتي قال إن معظم الشعوب تجهلها بما في ذلك شعوب وادي النيل، هو الذي اكتشف تمثال الفرعون النوبي الأكبر الذي حكمت حضارته مصر 2500 سنة، وذلك في ديسمبر من عام 2013م، وسط فرحة وابتهاج السودانيين التي لا توصف، حيث رُفعت الأعلام السويسرية والسودانية واللافتات في منطقة الاستكشاف والتي تمجّد شارلي بونيه وفريق عمله على هذا الاكتشاف المذهل الذي حضره عدد من كبار المسئولين السودانيين والسويسريين وعلى رأسهم وزير داخلية سويسرا آنذاك باسكال كوشبا الذي أصبح فيما بعد رئيساً لبلاده.
    وذكر شارلي بونيه أنه للأسف الشديد عندما استجمع فراعنة مصر بقيادة الفرعون نارمر Narmer قواهم فيما بعد، فكروا في العام 664 قبل الميلاد في مهاجمة ملوك وفراعنة النوبة في السودان، فدخل مدينة كرمة ودمر حضارتهم وهدم معابدهم وقلاعهم وتماثيل ملوكهم. وعرض شارلي بوني في فيلم منشور على الـYouTube مدته حوالي ساعة كاملة، التماثيل والقلاع والمباني الشاهقة التي دمرها فرعون مصر نارمر والتي كانت وقتها تعتبر أعلى مباني في العالم كله إذ بلغ ارتفاعها عشرون متراً مما يؤكد كما قال شارلي بونيه أنها كانت أول حضارة في العالم ووجد من كتاباتهم أنهم كانوا يسمون تلك المباني الشاهقة باللغة النوبية “Deffufa – ديفوفا”.
    وقد تم توثيق كل هذه الأحداث والتنقيبات والاكتشافات في الفيلم الذي تحدثنا عنه والذي قدمته القناة السويسرية الأولى الناطقة بالفرنسة TSR-06 في برنامج عن الحضارة النوبية وملوك النوبة الذين حكموا مصر لمدة 2500 سنة. وقُدمت تلك الحلقة التاريخية القيمة من خلال أشهر برنامج تلفزيوني على الساحة الإعلامية السويسرية يسمى Temps Present وتقديم أشهر مذيع هو إريك بوماد Eric Bumad والذي استمر لساعة كاملة دون انقطاع، الشيء الذي يؤكد أهمية الحدث والاكتشاف.
    الجدير بالذكر أن شارلي بونيه ومساعده عالم الآثار الفرنسي أحبّا الشعب السوداني وأعجبا به إعجاباً شديداً ووجد منهم تقديراً لأعمالهما. وقال شارلي أنه دخل مع السودانيين في علاقات متميزة حتى أنه ومساعده من شدة تعلقهم بالسودانيين كانا يلبسان الجلابية السودانية المعروفة باستمرار.
    لقد راجت أقوال تفيد بأن بعض علماء الآثار المصريين كانوا على معرفة ودراية بهذه الحقائق لكنهم لحسدهم أخفوها عن عمد عن الشعبين المصري والسوداني وشعوب العالم حتى لا تتأثر السياحة المصرية بهذه الحقائق وحتى لا يفسدوا للمصريين اعتقادهم الزائف بأنهم أهل الحضارة الفرعونية التي لا يوجد غيرها في وادي النيل .. وحتى يطمسوا عن عمد الحضارة النوبية السودانية التي كانت بكل المقاييس العلمية الموثقة هي أساس الحضارة المصرية الفرعونية والتي سبقتها بمئات القرون، حتى قيض الله لشارلي بونيه هذا الاكتشاف المزلزل والذي يتوقع له أن يخطف الأضواء العالمية وإلى الأبد من حضارة فراعنة مصر إلى حضارة فراعنة نوبة السودان.
    كثيراً ما قرأنا عن العديد من المقالات التي دبجها كُتّاب ومثقفوا شعوب العالم عن السودانيين، لكونهم يتفردون كشعب بصفات وخصال وخصائص لا نظير لها. وقد حان الوقت للسودانيين لكي يبتهجوا بهذا الاستحقاق الذي صادف أهله … لا غروراً ولا غمطاً لاستحقاق الغير، بل إرجاعاً للحضارة إلى صناعها الأصليين، وإحقاقاً للحق الذي طُمِسَ عن عمدٍ وسبق إصرار حتى أظهره الله.
    وَصَفَ الصحفي السعودي مطلق العنزي بجريدة اليوم السعودية حُب السودانيين بالمتلازمة السودانية Sudanism وقال في مقالة له “لو أنّ عربياً قد فاز بجائزة التهذيب بين عشرين من العرب فالأرجح أنْ يكون سودانياً، ولو قيل أن عربياً قد فاز بجائزة نظافة اللسان بين عشرين من العرب، فالأرجح أنْ يكون سودانياً، ولو قيل أن عربياً قد فاز بجائزة الوفاء بين عشرين من العرب، فالأرجح أن يكون سودانياً. والشركات لا تعين مترجماً إلا إذا كان سودانياً لاشتهارهم بالترفع عن إفشاء الأسرار، والمرضى في المستشفيات يتزاحمون على عيادات الأطباء السودانيين لأنهم يتوسمون فيهم الشجاعة في مقاومة غرور النفس وعدم التجرؤ على ارتكاب اجتهادات مغامرة خطيرة فيما يجهلون. وعرب الخليج يميلون لتشغيل سائقين وطباخين ومرافقين من السودانيين لأنهم أقل جرأة على الانخراط في المؤامرات والخيانة وأكثر الناس حفظاً للأمانة والأسرار وحفظاً للود ونظافة اللسان والملبس. فالسودانيون بكرمهم الهطال ومشاعرهم اللطيفة يجعلونك تحني رأسك لهذا الجميل الذي لا يقاس ولا يقدر ولا يوزن ولا يكال.
    وإذا أضفنا لذلك الاكتشاف الحقيقة الأخرى المُدعمة أيضاً بالوثائق والوقائع والتي اكتشفها كل من البروفيسور عبدالله الطيب والبروفيسور حسن الفاتح قريب الله بأن هجرة صحابة الرسول الأعظم الأولى والثانية كانت منطقياً وجغرافياً وتاريخياً إلى السودان الحالي وليس إلى الحبشة (والتي سأفرد لها مقالاً لاحقاً) يكون السودان بذلك قد تبوأ بالفعل مكانة تاريخية ودينية سامقة.
    فإذا أحسنت حكومته ومؤرخوه ومثقفوه ترويج هذه الاكتشافات عالمياً وإسلامياً، سيكون للسودان شأن عظيم ويضع بذلك حدّاً للهوان وتضييع الفرص لتحل اليقظة والريادة محل الدوامة المفجعة الذي ظل يدور فيها منذ فجر استقلاله في يناير 1956م وحتى يوم الناس هذا … فهنيئاً لنوبة السودان … أصل الإنسان.
    المراجع:
    1) مقال (العنصرية وعلم الجينات – وهم النقاء العرقي) – لمحفوظ بشري – جريدة العربي الجديد 19/09/2014م.
    2) مقال (فراعنة السودان حكموا مصر حتى فلسطين عدة قرون) – لعمر الفاروق – جريدة الراكوبة الالكترونية.
    3) فيلم يوتيوب (حضارة كرمة) لشارلي بونيه، باللغة الفرنسية.
    4) مقال (حب العرب للسودانيين) للصحفي السعودي مطلق العنزي – جريدة اليوم السعودية 26 أكتوبر 2014م.

    الدكتور/ الصادق عوض بشير
    كاتب سوداني (غير نوبي)
    and#8195;
    جزيرة صاي ثاني أكبر جزيرة في السودان، وتبعد تسع كيلو مترات عن مدينة عبري طولها 12 كم وعرضها 7 كيلومتر بها أربع قرى (صاي صاب) في الشمال ثم (موركة) على الساحل الغربي للجزيرة وجنوبا (أرودين) أما قرية (عدو) فهي على الساحل الشرقي للجزيرة. ينطق سكانها باللغة النوبية.
    تشتهر صاي باسم جزيرة المعلمين لكثرة من عمل من أهلها بالتعليم في درجاته المختلفة من الابتدائي إلى الجامعي وبالتالي فنسبة الامية بها تكاد تكون صفر.
    تعمل بها بعثة فرنسية للتنقيب عن الاثار منذ 1904 وعثرت على ما يفيد بوجود تواجد بشري على ارضها منذ 215000 سنة ،كما ان بها قلعة كبيرة يرجع تاريخها إلى الدولة المصرية الحديثة (1550 – 1080 ق.م) ومعابد وجبانات تعود إلى عهد كرمة ودولة نوباتيا المسيحية.

  10. المقال مهم جدا
    وردت فيه حقائق تؤكد ما قيل عن أنه تجري في عروقنا الدماء الملكية

    وهل كل تلك القيم وكمال الأخلاق أتت من فراغ ؟

    وجيراننا في الشمال أليس تنسب لهم كل نقيصة في الأخلاق ؟

  11. اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين
    اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين اقترح بلاد النيليين أو النهريين

  12. هل مشاكل بلاد السودان انتهت وتبقى فقط تغيير اسمها، ام أن تغيير الاسم سيحل المشاكل الحاصلة؟؟؟؟؟؟

  13. للأسف العامل النفسى والتعود على الإسم جعل انسان فى قامة بروف يأتى بمبررات واهية وغير مقنعة وتحس انها لت ( اخنق فطس بس) ، يا أخى دول الخليج قبل مائة عام فقط كانت كلها تسمى الجزيرة العربية او جزيرة العرب وكانت سلطنات صغيرة متفرقة وأقاليم غير متحدة فالأن تحمل اسماء جديدة تنسب إلى أسر او صفة للدولة ولم يتغير تاريخها ولم يتغير فيها شئ . ذكر ان السودان كان يطلق من الهند إلى المحيط الأطلسى أى اننا لسنا اصحاب الإسم بل هو إسم عام وليس خاص بنا إذن تغييره لا يعنى تنكر بل هو نقلة من العام للخاص الذى يلينا .
    أتذكر جيداً ان الشماليين من شوايقة وجعليين ونوبيين والبحا يسمون بقية أهل السودان من اصل أفريقى بالسودانى .
    حقيقة إسم السودان لم يكون يطلق على أى مملكة او سلطنة سودانية فقد كانت لها مسمياتها وحتى تاريخها لم يسجل بإسم السودان إلى الأن بل مكتوب دولة علوة ، المقرة ، نوباتيا ، الفونج ، المسبعات ، الفور .
    ليس هناك ما يمنع تغير الإسم فهناك دولاً كثيرة فى شرق اوروبا واسيا وافريقيا غيرت إسمها أى اننا لو غيرنا إسم بلدنا ليس بدعة ومثال لذلك دولة المجر ، كرواتيا ، بورما ، ودول فى روسيا ، ساحل العاج ، الكنغو .
    وما العيب ان نغير الصورة النمطية والمتوارثة قبل قرنين بالصورة الحقيقة التى تعكس التنوع فى السودان ، الدول من حولنا بما فيها مصر القريبة منا تظن ان السودان ليس فيه غير السود وليس هناك سمر او صفر او برونز ، وذلك فقط من خلال إسمنا ، والأن تغيرت هذه النظرة مع الفضاء المفتوح وهجرة السودانيون الكثيفة خارج بلدهم حيث تبينت لهم ملامح وتركيب السودان الحالية وتبقى فقط مسح الصورة الخاطئة تلك التى تتبادر من الإسم . اغرب شئ أن أكثر الناس تمسكاً بإسم السودان هم أقدم البشر فى ارض السودان قبل الإسم وهم اول من طفش وهاجر من البلد رغم ان تعدادهم لا يتعدى النصف مليون نسمة ولكن تأثيرهم كبيرة فى وصم كل السودان بمفردات خاص بهم مثل : عصمان ، بتكلم ساكت ( بقية السودان يقول بتكلم ساى) فتغير المعنى جملة تفصيلا بتحريف كلمة ساى إلى كملة ساكت . لماذا لا يطالبون بإسم يحمل ممالكهم القديمة وإن الافضل ان يكون إسم قومى مثل النيلين او بلاد النهرين أو حتى بلاد النوبة.

    1. اخي الكريم زول ساكت، انت قلت “الدول من حولنا بما فيها مصر القريبة منا تظن ان السودان ليس فيه غير السود وليس هناك سمر او صفر او برونز

      وما العيب في إسم السودان يا أخى ؟

      وما العيب في ان يكون اللون الأسود هو الغالب على اهل السودان ؟

      وقل لي يا اخى كم ستعيش البشرية في هذه الدنيا ؟ ألا تعلم أخي اننا لسنا من سكان كوكب الأرض رغم أننا خلقنا منها !؟

      نحن يا أخى جئنا الى هذه البسيطة في رحلة اختبار ثم سنعود الى موطننا الأم .. جنان الرحمن، هلا تفكرت فى ذلك ؟

      جزء من الإختبار الذي نمر به في رحلتنا الى كوكب الأرض يا صديقي وأخى هو هذا اللون الأسود، ليس لعيب فيه ولكنه كالسؤال اللغز الذي يضعه المعلم للتلميذ ليختبر هل سيعلم التلميذ السؤال الحقيقي ومن ثم سيجيب بالجواب الحقيقي؟

      لعيب في عقولنا التي لا تدرك لما نحن هنا تركنا الجوهر واهتممنا بالقشر، وإلا فقل لي يا أخى هل الله سبحانه وتعالى او ملائكتة او انبيائة فضلو جنسا على آخر او لونا على آخر ؟

      ولتعرف تبدل هذه المفاهيم عند البشر اسال الأفارقة ماذا كانو يسمون الرجل الأبيض قديما ، كانو يسمونه بالشيطان الأبيض وهل تعلم لماذا ؟ لأنه كان يعزوهم ويستحل أرضهم ويستعبدهم ويسترقهم وهم الأحرار أصحاب الأرض، وغير ذلك الكثير من الأمثله

      وأخيرا ياخي الكريم ، لماذا تهمنا نظرة الدول من حولنا مثل مصر ؟ فلنكن نحن المعلمين يا اخي بأخلاقنا وصفاتنا النبيلة كما يعرف عنا كل العالم(وليس لأننا نرى اننا افضل منهم)، فلنكن نحن القدوة ويوما ما هم الذين سينظرون لنا ويبحثو عن رضانا ان اثبتنا نحن الأفضل وليس العكس.

      وفي الختام اشكرك اخي لانك حادب على هذا الوطن وهذا الشعب بدليل انك ايضا تبحث عن الأفضل وتسعى للتغيير وهذه هي الوطنية الحقيقه ، ان تعمل لا ان تشاهد ، وأسأل الله ان يرفع هذا البلد العظيم “السودان” وهذا الشعب العظيم “الشعب السوداني” الى عنان السماء وان يجعله علما بين الأمم كما هو نشيدنا الوطني.

      1. ود بلد ، لم انتقص اللون الأسود او أعيبه ولكن أن يتفرد هو وحده فى مخيلة من حولنا فهذا خطأ ومجافى للواقع وللحقيقة فى سودانا ، فى السنوات الاخيرة هذه وبعد كثافة الهجرة من السودان او قل الفرار إكتشفت كثير من الدول التى تظن أن اللون الغالب فى السودان هو اللون الاسود ولكن إندهشوا ان وجد اللون الغالب فى السودان هو اللون الأسمر وليس الاسود والفرق كبير بين اللونيين فاللون الاسمر يشترك فيه معنا بعض الهنود واليمن ، وامريكا الجنوبية والكثير من شعوب الارض ، وكما إكتشفوا ان ملامحنا تختلف عن ملامح الأفارقة فى اكثرنا مما حفزهم لمعروفة قبائل وإثنيات وشعوب السودان وعرفوا أن السودان بلد التنوع وبلد الاعراق وأنه ليس إثنية واحدة ولا لون واحد . ولو أردت تعرف الفرق إقرأ شعر البطانة والهمباتة ستجد أغلب السودانيين فى المدن وكل الحضر لا يفهمونه جيدا ، وايضا دقق فى مفردات وعبارات القبائل العربية فى دارفور وكردفان ستجد أنها لغة عربية فصيحة نقية ولسان عربى مبين مما يوضح بجلاء ان السودان فيه عنصر عربى من الجدور وليس مستعرب كما يدعى البعض وهذا يجب ان يراه الناس ، آن الأوان ان تظهر كل ثقافتنا وكل شئ عن للعالم وان لا يكون هناك إستعلاء بل كل يعمل على شاكلته وكل يعطى فرصة لإبراز لنفسه ، بشرط أن لا يكون هذا الإظهار بالإقحام وإستغلال النفوذ والسلطة والمال .

  14. تسلم يا دكتور مقال علمي رصين:
    تستحق أن تنشد بيت البحتري:
    عَليّ نَحْتُ القَوَافي مِنْ مَقَاطِعِها…وَمَا عَليّ لَهُم أنْ تَفهَمَ البَقَرُ

  15. اسم السودان اطلقه المصريين وهناك اسماء قرى في السودان تحمل اسماء فيها نوع من التقليل من شان اهلها ولكن انتبه لها اهلها فقاموا بتغيير اسمايها فلا ضير في ان يغير اهل السودان هذا الاسم خاصة اذا راؤوا ان هذا فيه نوع التقليل اوالذم ومعروف عن المصريين التقليل دايما من الاخرين