أبشر الماحي الصائم

أين تسهر هذا المساء


* شهدت منذ نحو أيام قليلة برفقة بعض الزملاء، (سهرة تعاونية) باهرة طرح خلالها مشروع (عودة التعاون) وتفعيله، ذلك كواحدة من خيارات المعالجات الاقتصادية التي تناسب ظرفنا الحياتي المعاشي الحالي، غير أن خلال معايشتي لهذه الندوة، خرجت بعدة ملاحظات جديرة بالتوقف عندها، أول هذه الملاحظات أن هناك (جيلاً تعاونياً) يعتنق (الحركة التعاونية) ويؤمن بمبادئها ويتحدث عنها بحزن وأسى وحسرة، وإن شئت (بغبينة)، ذلك ما يكشف لك أن ثمة مفارقة في مسار المجايلة التعاونية، بحيث أن الأجيال اللاحقة ليس في أجندتها مثل هذا الهم!! ذلك مما سيكون له بالغ الأثر على مستقبل الحركة التعاونية السودانية، التي بدأت كما لو أنها تمثل (أشواق جيل) وتطلعات مرحلة !!
* غير أن الملاحظة التي توقفت عندها أكثر قد عبرت عنها في سؤالي إلى (منصة الندوة) على النحو التالي، هل نسختنا التعاونية السودانية هي نسخة استهلامية بامتياز؟! وقد لاحظت ليلتئذ أن كل الجهود والأفكار تنصب حول عمليات توزيع السلع الاستهلاكية !! وألحقتها باستطراد آخر. بأننا لو استقدمنا من أمرنا ما استدبرنا لركزنا جهودنا التعاونية على نسخته الإنتاجية.. على أن علة اقتصادنا الحالية وأزمته لا تكمن في كيفية التوزيع، بقدرما تكمن في أزمة الإنتاج.. فلو أننا صنعنا وفرة لما أتحنا فرصة لعمليات الاحتكا،ر ولما احتجنا أن نجلس لننظر كيف نوزع سلعنا !!
* هنالك أيضا تقاطع فكري عقدي بين مدارس التعاون، على النحو الذي بدا لي في هذه الليلة التعاونية، فبينما يبني جيل الإسلاميين قاعدته التعاونية على قيمة “وتعاونوا على البر والتقوى…” الآية الكريمة.. يرى آخرون في المقابل أن التعاون نشاط مجتمع مدني تضرر كثيراً من تدخل (الحكومات الشمولية) !! وهذا قول ربما تهزمه الممارسة الفعلية والتأريخ القريب، على أن أفضل عهد زاهر للتعاون كان في عهد مايو.. أن شئت مايو (الشمولية)..
* أتصور أن هنالك وجهاً إنتاجياً فاعلاً في التجربة التعاونية السودانية، بإمكاننا استدعاءها الآن والعبور بها إلى عهد الجمعيات الإنتاجية الفاعلة، مستفيدين من عمليات التمويل الأصغر، وذلك عبر أطروحة (تجميع جماعات إنتاجية) عمالية وطلابية في مشروعات إنتاج موحدة، كما طرح في الندوة، فعلى الأقل يمكن لهذه الطريقة أن تجعل الاستفادة من مشروع التمويلات الأصغر والصغيرة أكثر فعالية، بشرط أن تؤخذ في الحسبان توصيات ندوة (بنك العمال
الوطني) التعاونية هذه، سيما في الجزئية التي ركزت على حض المصارف السودانية على البحث عن صيغة أكثر فعالية للتمويل، كأن تكون عمليات التمويل الأصغر أكثر مرونة حتى تسع طموحات الجمعيات التعاونية ..
* على أي حال أتصور أن اقتصادنا بحاجة إلى أي فكرة وأطروحة من شأنها تحريك عجلة الإنتاج، حتى نصنع أمننا الغذائي أولا، ومن ثم نذهب إلى عمليات التصدير ورفد خزانة الاقتصاد بالعملات الحرة، على أن مشروع التعاون يمثل واحدة من تروس حركة هذه الماكينة الجبارة .. والله ولي التوفيق.