جمال علي حسن

المشي بإهمال.. رب شائعة نافعة


صديقنا الإعلامي أزهري حسن قبل عدة سنوات وأثناء مروره بأحد الشوارع المزدحمة بمدينة الأبيض كانت يده قد اصطدمت بظهر أحد المارة فاندلعت (شكلة) ساخنة بينه وبين ذلك الشخص الذي لم يقبل اعتذار أبو الزهور برغم أن أزهري شاب ودود وخلوق وهادئ بما يكفي لامتصاص انفعال الآخرين لكن يبدو أن الشخص المتضرر كان معبئاً بالغضب قبل اصطدام يد أبو الزهور به.. ثم تطورت القضية حتى تدخل أحد رجال الشرطة لفض المشكلة وهدد أبو الزهور بفتح بلاغ في مواجهته وحين استفسره أزهري عن نوع هذا البلاغ أجاب الشرطي بسرعة (المشي بإهمال) ..!
تذكرت هذه الحادثة الطريفة وأنا أطالع ردود فعل وتعليقات على شائعة تداولتها وسائل التواصل مؤخراً عن إصدار إدارة المرور رخص لعبور المشاة واستخدامهم للطريق مع غرامات مالية للمخالفين والذين يمشون في الأرض بلا رخصة ..!!
مؤكد أن مؤلف هذه الشائعة يمتلك خيالاً واسعاً بكونه استطاع أن يقدم أكذوبة قابلة للتصديق برغم غرابتها في مجتمعنا لكنها قد تتسق مع منطق الأمور في ضرورة وضع أحكام قانونية لعبور المشاة كما هو موجود في دول العالم .
فمضمون الشائعة الكاذبة قد يلفت الانتباه بشكل إيجابي لأزمة حقيقية في ثقافة المشي واستخدام المارة للطريق في شوارع الخرطوم وتقاطعاتها خاصة في قلب الخرطوم وبالقرب من مواقف المواصلات في جاكسون ومواقف المواصلات في مدن أم درمان وبحري ومناطق الحاج يوسف ولفة الكلاكلة وتقاطع السوق المركزي.
نقاط عديدة يعاني فيها أصحاب المركبات من سوء استخدام المارة للطرق وكثيراً ما تتعطل حركة المرور تماماً وفق قاعدة أساسية وبدهية هي أن الشخص العابر للطريق أولى من السيارة لكن تلك القاعدة لا تعني استخدام المارة للطريق بشكل عشوائي فبعضهم لا يقرر قطع الإشارة أمام السيارات إلا في اللحظة التي تنتقل فيها الإشارة إلى الضوء الأخضر وتتأهب العربات للانطلاق.. فـ(تجوط) الأمور.. ويتبادل بعض المارة مع أصحاب العربات اللعن والسباب .
طبعاً الموضوع في أصله يندرج تحت مسؤولية شرطة المرور نفسها والتي تحتاج لنشر ثقافة عبور المشاة ووضع إشارات ضوئية خاصة بالمشاة في كل الطرق ثم إلزامهم بالقانون بعبور الطريق من النقطة المحددة لذلك ووفق قواعد المرور، مثل ما هو موجود في مدن وعواصم العالم، حماية لأرواح المشاة ومستخدمي الطرق من النساء والأطفال والشباب وكبار السن .
هذه الشائعة ربما تساعد في لفت انتباه المسؤولين في إدارة المرور لتطوير بنية الطرق بإضافة إشارات ضوئية لعبور المشاه في كل مكان قبل أن تقود حملات للتوعية بثقافة استخدام الطرق وعبور المشاة مع وضع أو تفعيل القوانين التي تحكم استخدام المارة للطرق.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.