منوعات

المحترفون الأجانب يشعلون دوري التسول في السودان


في نهاية شارع الحرية المفضي الي ميدان جاكسون اعتاد رجل يتلفح عمامة خضراء ويحمل بيمناه (مبخراً) من السلك تتصاعد منه خيوط دخان بخور اللبان اعتاد على قطع الطريق أمام المارة وهو يصر عليهم شم بخوره بينما يده الاخرى تمتد لطلب المساعدة او ربما الثمن لتلك الرائحة الطيبة نوعا ما بالمقارنة مع ما ينبعث من المكان من نتانه، بينما على مسافة غير بعيدة منه يجلس آخر القرفصاء على قطعة كرتونة مهترئة وهو يحمل طاهره مدندنا ببعض المدائح النبوية مستغلا جمال صوته وكورة طلس خضراء تقبع امامه يجمع فيها ما تيسر من الجنيهات.
في نفق جامعة الخرطوم لا يختلف الامر كثيرا اذ تقاسم المكان عدد من المتسولين والمتسولات لكلك منهم طريقتهم في استجداء المال والعطف ما بين سيدة تحتضن طفلها وتغطي وجهها بثوبها قريبا من حافة الترتوار تحت الكوبري معرضة نفسها وطفلها للخطر وأخرى تجره خلفها دون رحمة، وآخر يدعي العمى لكنك سرعان ما تلحظه يقلب في موبايله (الربيكا) خلسة ورجل يحمل ابريقاً وسبحة طويلة يمر بين صفوف الحافلات وهو يطلب بصوته الجهوري (أنا داير من حق الله يا ولد) ثم يعقبها بهمهمة وبفاتحة كبيرة لمن يتجاوب معه وهو يرفع يديه للسماء.
والملاحظ أيضاً دخول الأجانب خاصة السوريين خط التسول من أوسع ابوابه مستغلين قصة اللجوء والحرب وعدم الحيلة، ففي زاوية من مستشفى رويال كير كير مثلاً وقف شاب سوري في كامل هندامه ولياقته وهو يصطحب زوجته الجميلة والانيقة في آن واحد كما ادعى، يستجدي الناس من (طرف) تحت ذريعة كونه لاجئ وعدمان (وكمان مرتو) غير ان توقيت مرور شاب آخر من نفس الجنسية يحمل عدة النقاشة في أبروله الملطخ بالبوهية جعل الكثيرين يتجاوزنه غير آبهين.
ربما لم تكن هذه هي آخر (الحركات) التي تتفتق عنها قريحة المتسولين كوسائل جديدة ومبتكره (للشحدة) لكنها الاحدث نسبيا بعدما انكشفت حقيقة الفحوصات والروشتات الطبية وخطابات الصم والبكم والارامل واليتامى واسطوانة (عندي زول عيان في المستشفى)، وإصطحاب الاطفال وبعدما فقدت بريقها ولم تعد تستدر عطف الناس كما السابق.
الموظفة حنان مبارك تقول ان اكثر ما يستفزها منظر المتسولين الشباب الذين لا تجد لهم العذر في امتهان التسول بل تمتنع تماما عن مساعدتهم، لكنها لا تترد في المقابل في التصدق على المكفوفين والمسنين من الرجال والنساء لانهم في موقف الضعيف غض النظر عن ظروفهم الحقيقية.
من جهته لا ينتقي ابو عبد الرحمن (سائق) من يمد له يد المساعدة طالما لديه ما يقدمه ولا يهتم كثيراً عملاً بالاية الكريمة (وأما السائل فلا تنهر) مبرراً ذلك بقوله بانه لا يستطيع ان يثبت ما اذا كان هذا الشخص محتاجا للمال ام لا لذا والحديث لابو عبد الرحمن انا افترض انه محتاج طالما اختار الطريق الاصعب وليس الاسهل كما نتصور لان مد اليد سلوك يعرض الانسان للاحراد والاهانة وكثيرا من المواقف المذلة في بعض الاحيان.
وفي السياق تقول الباحثة الاجتماعية ثريا ابراهيم ان اساليب التسول هي بمثابة ابتكارات المتسولين بهدف جذب تعاطف الناس فالمتسول يقوم كل فترة باستحداث طرق جديدة للتسول عندما يشعر بان الطرق الفائتة اصبحت مكشوفة او رائجة عند زملائه الاخرين بالاضافة الي ان المتسول ذكي جداً فهو يقرأ المجتمع من ناحية عاطفية لذلك ينتقي بعناية الطرق التي يستخدمها في التسول والتي تستقطب الناس لمساعدته والاستجابة بشكل أقوى.

صحيفة حكايات


تعليق واحد

  1. لللاسف البلد صار ماوي من لا ماوي له ابتداءا من الفلسطينيين ثم المصريين ومؤخرا السوريين واليمانية وجلهم من اوسخ الشعوب
    فلسطيني ربنا سلط عليهم اسرائيل…سوري ربنا سلط عليهم بشار…اليمني سلط عليهم الحوثي وصالح…مصري حسني والسيسي………….ايها الشعب الساذج لو كنتم في بلادهم لمسحوا بكم الارض…..دا غير الاهانة والزلة من زمااان شايفين نفسهم سبحان الله دارت عليهم الدوائر وجونا شحادين ونصابين لانها من شيمهم الله يكفينا شرهم