صلاح الدين عووضة

قهوة (مُرة) !!


* أكاد أسمع غمغمة قلمي وهو يدعوني لأن (احلل عقدة من لسانه) كي يكتب (كما كان!)..
* أي أن يكتب كما اعتاد أن يفعل هو لا كما (عودته) أنا في (الآونة الأخيرة!)..
* وإلى ذلكم الحين نكتب – من بين الذي نكتب – مثل الذي سبق أن أشرنا إليه في كتاب (شذرات)..
* وهو أحد كتابين – بالمناسبة – تنميت لو لم أنشر أحدهما الذي عن (عشق الوطن)..
* أقول ذلك رغم إن نسبة توزيعه – ويا للغرابة – تجاوزت الـ(%70) في بدايات الإنقاذ..
* أما الثاني بعنوان (العدم الوجودي) فلا أظن أن أحداً قرأه سوى (ناشره)..
* والذي كتبناه في (الشذرات) هذا جاء تحت عنوان (ميتة وخراب ديار)..
* وتحدثنا فيه عن (ظاهرة!) سودانية قل أن تجد لها نظيراً بين شعوب الأرض الأخرى كافة..
* إنها ظاهرة ما يقع على أهل الميت من رهق (مادي!) فوق الرهق (النفسي) جراء فقد عزيز..
* أي تكفلهم بإطعام المعزين – إفطاراً وغداءً وعشاءً – مع القهوة والشاي والماء البارد..
* وقد تظل (الصواني) تخرج من دار الميت لنحو خمسة أيام كما فعل جيران لنا قبل أسبوع..
* والذي فعله جيراننا هؤلاء هو الذي دعاني إلى الحديث عن (الظاهرة العجيبة) اليوم..
* وحجتهم في ذلك هو توالي وصول المعزين من (البلد)..
* (طيب) لماذا لا نفعل مثل الذي يفعله المصريون والخليجيون والشوام من طقوس العزاء؟!..
* أي أن ننصب سرادقاً لا يجلس داخله المعزي إلا بمقدار الزمن الذي يحتسي فيه القهوة (السادة)..
* وعند مدخل السرادق يقف أهل الميت لتلقي العزاء بدلاً من (البحث!!) عنهم بين الزحام كما يحدث عندنا..
* ثم لا (ونسة) ولا (قطيعة) ولا (ضحكات!) – بين المعزين – وإنما استماع فقط لآيات من الذكر الحكيم..
* وبنهاية اليوم يُطوى (الصيوان)، ويُرفع العزاء، وتُجمع أواني القهوة (المرة)..
* وظروفنا الاقتصادية الحالية هي أدعى إلى أن نكف معها عن ممارسة (العادة السخيفة) هذه..
* فالزمان ما عاد هو الزمان (الطيب!) ذاك الذي كتبنا فيه عن ظاهرة (الفواتح) السودانية..
* حيث كان الناس يأكلون وجباتهم (الثلاث) ثم يتصدقون بما تبقى..
* أما الآن فأغلبهم يكتفون بوجبة واحدة (تُشبع) ولا (تُغذي)..
* ثم إن (الفاتحة) ذاتها التي يصر عليها السودانيون هي (بدعة!) لا معنى لها..
* وإنما الذي يصح – ديناً- أن ندعو للميت بالرحمة والمغفرة ودخول الجنة..
* وليت صحافتنا تتبنى حملة شعارها (عزاء وقهوة مرة!)..
* مثل (مرارة واقعنا !!).