مقالات متنوعة

عبد العظيم صالح : الترابي .. الكلمة للتاريخ


وجدنا المشهد كما توقعناه!!
٭ كل الشوارع المؤدية إلى المنشية «مقفولة»!!
٭ هذا الحي الخرطومي الذي يعد ضمن منظومة الأحياء الحديثة أصبح حديث الناس وشغلهم الشاغل عندما أضحى الترابي من سكانه!
٭ جيرانه تعودوا على «الضجة» وعلى الحركة في مختلف الأيام والسنوات!! فصاحب الدار كثير «الجلبة» ونادراً ما يعم «الهدوء» جنبات المنزل أما ما يحدث اليوم فشيء مختلف!
٭ اليوم الذي يرحل فيه الكبار والزعماء يعد من الأيام التي لا تنسى أو تضحى «تاريخية» من الصعب نسيانها!
٭ رحيل الترابي وشمس الخرطوم توشك على المغيب ستصبح من الأيام التي لا تفارق الذاكرة كثيراً!
٭ ذهبنا ومجموعة من الزملاء والأصدقاء عبد الماجد عبد الحميد وأسامة عبد الماجد وعمر الكباشي لمنزل الترابي بعد إنتقال خبر رحيله في فضاءات الخرطوم الواسعة!
٭ نصحنا أسامة والذي ذهبنا بسيارته بألا يغامر أكثر من اللازم!! علينا أن نبحث عن أي «باركنق»!! ونكمل الباقي «كداري»!
٭ مشهد الدار من الخارج يجسد هول الفاجعة والزحام سيد الموقف.. العبرات والدموع تسيطران على أعداد كبيرة من المعزين والحضور!!
٭ الترابي قصة طويلة وأيام «متدافعة» كهذا التدافع الذي يشهده بيته! أكثر من ستة عقود من الزمان على ساحة المشهد السوداني شغل الناس وإنشغلوا به!!
٭ حياته صاخبة و «ضاجة» كالضجيج الحزين الآن!!
٭ سيدة تنتحب وتقول يا «أبونا خليتنا لي منو»؟!! وشاب يعتلي عتبة المنزل يلقي مرثية بنبرة لا تخلو من الدموع والثورية وحماس الشباب.. هل لكل هذا سعى الدكتور حسن عبد الله الترابي؟.. دائماً يسعى للحشود ويتقن تماماً صناعتها!! لقد صنع في حياته عدة حشود وأشرف على الكثير منها «جبهات» «تحالفات» منظومات ربما الحشد الوحيد الذي لم يراه أو يشرف عليه هذا الحشد الماثل !! أغلب الحضور من الاسلاميين جاءوا لوداعه ولتقبل العزاء منهم من كانوا معه ومنهم من وقفوا ضده!! على الطريقة السودانية يدخل المعزون النساء في جانب!! والرجال في جانب يحتلون أغلبية الأماكن والساحات الخارجية المجاورة!
٭ قال من يقف بجواري: الترابي تحدث في آخر خطبة أمس الأول عن معاملة النساء.. الوقت غير مناسب للحديث عن مواقفه وفتاويه..
السودانيون يقولون «يوم شكرك ما إجي» هنا يوم الشكر!! ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى رحلة الترابي الفكرية والسياسية الطويلة والمثيرة للجدل، ناصره كثيرون وإختلف معه أيضاً كثيرون، له أصدقاء وله خصوم، ومع ذلك سجل اسمه بحروف بارزة ضمن سيرة المفكرين والمجددين والذين أضافوا الكثير والمثير للفكر الإسلامي المعاصر!
٭ الآن رحل الترابي للدار الآخرة بعد حياة حافلة ووضع لمساته على المسرح السياسي والفكري السوداني خصوصاً في حقبة الإنقاذ والتي كان عرابها الأول ومهندسها، وهنا يعتبره أنصار الديمقراطية ومؤيدوها بأنه وراء ضياع التجربة الديمقراطية، وبالتالي يحملونه كل النكبات التي مرت بالبلاد في عهد الإنقاذ، ومؤيدوه يرون غير ذلك.
٭ وبين هذا وذاك تبقى بعد ذلك للأيام والتاريخ الكلمة الفصل هل أصاب الترابي أم أخطأ هنا وهناك، ورغم كل ذلك نقول بأن الترابي ترك وراءه أرثاً عظيماً هو ملك للأجيال السودانية ،هي صاحبة الحكم النهائي على تجربة شغلت الناس كثيراً ولم تزل!!