جعفر عباس

ليت ترامب يفوز كي يفشل الجمهوريون


مخطئ من يقول إنه لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة. فهل يستوي جورج دبليو بوش وباراك أوباما كـ«رؤساء»؟ إذا قلت نعم، فأنت غلطان، ثم غلطان. هل نسيت كيف أشعل بوش الحرائق في أفغانستان والعراق؟ وكيف تنسى ذلك، وقد امتد الحريق الى سوريا ولبنان واليمن؟ هل نسيت أن بوش هو الذي أتى بنوري المالكي، رئيسا للوزراء في العراق، فحوَّل البلاد إلى واق الواق، حتى صار العراقيون غرباء في وطنهم؟
الجمهوريون صهيو- مسيحيون، وتكفيريون، ويعتقدون أنهم وكلاء المسيح عليه السلام على الأرض (ولو قرأوا كلامي هذا سيصيحون: مالك أيها المسلم الإرهابي بالميلاد والوراثة تلقي السلام على يسوع؟)، وجورج دبليو بوش مثلا قال إنه تلقى رسالة من السماء تدعوه إلى الترشح للرئاسة.
وإذا كان جورج بوش قد تلقى تعليمه العالي في أشهر جامعتين في العالم (ييل وهارفارد)، ثم ثبتت صحة المقولة السودانية بأن «القلم لا يزيل البلم»، والبلم هو الغباء، فكيف يكون حال ترامب الذي لا يعرف حتى أن «لسانك حصانك إن صنته صانك وإن لم تصنه رفسك»؟ ومع هذا، فالمهرج ترامب يجد القبول من قواعد الحزب الجمهوري، وفاز حتى الآن على منافسيه في عدة ولايات «حاسمة».
أريد لترامب أن يصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة في الولايات المتحدة، لأنني أتمنى الخزي والعار للحزب الجمهوري، وأملي في الله عظيم في أن يُلهِم عامة الناخبين الأمريكيين شيئا من العقل والحكمة، فيسقط سقوطا مدويا أمام منافسه الديمقراطي، وحتى لو فاز فإنه وبسياساته الخرقاء ولسانه الفالت، فسيجعل بلاده «مسخرة» وقد ينتهي به الأمر مطرودا من الرئاسة، بنفس الطريقة التي تم بها طرد الرئيس الجمهوري الأسبق ريتشارد نيكسون قبل إكمال فترة ولايته، وقد تكون تلك نهاية الحزب الجمهوري.
ترامب يحمل بكالوريوس في شؤون المال من كلية وارتون، وقام بتأليف 14 كتابا حول إدارة المال والأعمال، وخاصة في مجال الاستثمار في العقارات، وهو المجال الذي جعل منه مليونيرا، ومن المؤكد أن بعض موظفيه ألفوا تلك الكتب، ووضعوا اسمه على أغلفتها، وفي مثل هذا الحال يقول السودانيون «الخيل تجقلب والشكر لحماد»، أي أن الحصان «يجقلب» أي يركض محدثا جلبة عالية ويفوز ولكن راكبه «حماد» هو من ينال الثناء.
ونال ترامب التقدير من جانب غلاة الجمهوريين، عندما دعا إلى عدم منح أي مسلم، ولو تأشيرة محدودة الأجل لدخول الولايات المتحدة، وحسب البعض أنه يحمل فيروس إسلاموفوبيا وحسب، بينما هو في حقيقة الأمر يحمل فيروسات «فوبيات» كثيرة، ويكفي أن نستمع له وهو يشرح الكيفية التي يريد بها منع المكسيكيين من دخول الأراضي الأمريكية: كل من يأتينا من المكسيك إما تاجر مخدرات أو مجرم محترف في مجال ما، وسأبني سورا عاليا على حدودنا مع المكسيك وأجعلها تدفع كلفة إنشائه.
ورغم أنه نزل إلى الميدان السياسي قبل أشهر قليلة فإن شطحات لسانه صارت ضربا من الأدب (أو قلة الأدب)، أسماه النقاد ترامبيزم على وزن فاشيزم (للفاشية) ونازيزم (للنازية)، وإليكم عينات من الترامبيزم:
• عن أنتوني واينر (ممثل إحدى مقاطعات نيويورك في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي لـ12 سنة): على كل بنت تحت سن السادسة عشرة أن تحظر واينر على تويتر وفيسبوك!!
• نحن بحاجة إلى تغيُّر المناخ وميله الى الدفء الشديد لأن الطقس في نيويورك صار شديد البرودة.
• خلال حملته الانتخابية الحالية سأله صحفي عن سبب كراهيته للصين فكان رده: أنا لا أكره الصين، بدليل أنني بعت لصيني شقة سكنية بخمسة ملايين دولار، بينما سعرها الحقيقي لا يزيد على مليوني دولار!
لا أدري لماذا كلما استمعت لترامب هتفت: ليس بعد الكفر ذنب.