مقالات متنوعة

أسامة عبد الماجد : الشعبي.. هل يتجاوز الصدمة؟


٭ كان تشييع الدكتور حسن الترابي، أمس كبيراً ومهيباً يليق بمكانته و بقامتة، وبالحركة الإسلامية المتجذرة في المجتمع السوداني والممتدة خارجياً. كان الترابي كما قال الإسلامي المغفور له إمام علي الشيخ في رائعته «فتى أخلاقه مُثل .. فتى أخلاقه مُثل وملء ثيابه رجل .. يعج الحق في دمه، ويرحم صدره الأمل».
٭ كاد الحزن أن «يشقنا»، وكادت الأرواح أن تلتحق به وللمفارقة كان الصبر، بادياً بشكل غير متوقع في قيادات الشعبي وفي أبناء الشيخ، و كأنهم أرادوا أن يقولوا لا تشفقوا على مستقبل الشعبي، والذي هو حزب يملك خبرة تنظيمية متراكمة يتفوق بها على كثير من الأحزاب.
٭ ولكن مع ذلك فالشعبي أمام امتحان عسير، بل وكذلك كل إسلاميي السودان بعد رحيل الترابي، وربما لذلك سارع الحزب وبنحو مفاجئ لتسمية الشيخ إبراهيم السنوسي خليفة للترابي، في رسالة لتأكيد تماسك الحزب ووحدة صفه.
٭ بل وحاول الشعبي أن يرسل رسالة أخرى بأنه حزب كبير كزعيمه الراحل عندما كشف القيادي محمد الأمين خليفة في حديثه لـ«آخر لحظة» عن قيام المؤتمر العام للحزب خلال هذا العام، ولكن الحديث الأخطر والذي يؤكد أن الشعبي تنتظره فترة عصيبة أن خليفة قال إن الوضع السياسي الآن في حالة اضطراب بعد رحيل الترابي والرجل يتحدث عن الساحة برمتها وليس حوش حزبه فقط.
٭ حتى علاقات الشعبي، ستحتاج إلى إعادة ترتيب، وربما صياغة من جديد فضلاً عن أن هناك تخوفات مشروعة بأن يكون مشروع النظام الخالف الذي بشّر به الترابي قد ذهب معه، كما ذهبت نصف «نيفاشا» مع جون قرنق وبقى النصف الآخر في صدر على عثمان محمد طه.
٭ وإن كانت قيادات الشعبي تبث تطمينات هنا وهناك بأن النظام الخالف كتاب مفتوح بالنسبة لهم.. باختصار سيظل الشعبي مشغولاً بنفسه لفترة طويلة، هذا إن فاق من صدمة الرحيل المفاجئ للشيخ، حاله كحال الحركة الشعبية الجنوبية التي «حار بيها الدليل»، بعد رحيل عرابها جون قرنق، وإن كانت قيادات الشعبي «حاشا» أن تتقاتل بـ«الرأي» ناهيك أن تتقاتل بـ«الرصاص».
٭ محمد الأمين خليفة كان صريحاً فوق المعدل، وهو يقر بأنهم سيعملون بروح الفريق لسد «فرقة» الترابي والتي لن تسد بكل حال «وهذا الرأي من عندي».. مما يعني أن «ظلام الليل» ليس له معنى عند الشعبي.
٭ تأسرني الأنشودة الرائعة التي كان يحبها الحبيب الشهيد هيكل «لظلام الليل» والتي فيها
هاجت الأشواق رعنا .. ما بداويها طبيب
من هوى ليلى خشعنا.. في القلوب له دبيب
في هوى الأحباب دعنا .. نفعل العجب العجيب
كان الترابي يفعل العجب العجيب وهو ما سيعجز عن فعله الشعبيون.