مقالات متنوعة

أسامة عبد الماجد : الشامتون على الترابي


ليس بمستغرب أن تشمت فئة ضالة برحيل المفكر والعالم د. حسن الترابي، وكأنها كانت تعتقد أن الرجل وقف في منبر وقال إنه خالد في هذه الفانية.. يستمر أولئك في جهلهم وضلالتهم، بل وصولاً لمرحلة أن قالوا إن مشيعيه لم يتجاوزا الثلاثة آلاف، مع أنه ليس من أحد باهى بالحشود الضخمه التي وارته الثرى.
وكان متوقعاً أن يستمروا في جهالتهم ويحاولوا أن يمارسوا الوصاية ويقولون «أخرتا كوم تراب».. وقطعاً نسوا وربما لا يعلمون أصلاً بأن أخرتها ليست كوم تراب وإنما واحدة من ثلاث ذكرها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، في حديثه الشريف والخاص بانقطاع العمل إلا من ثلاث .. صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له.
٭ وليس بمستغرب أن يحيا أمثال أولئك في هذه الدنيا بالشماته على موت الآخرين، وجهلوا أن هناك من يموت، لكنّه يبقى ــ يحيا ــ بأفعاله ومواقفه، ولعل د. الترابي باقٍ بأفكاره، وعلمه وكسبه، وبدعوته فهو محيط بلا ساحل.
٭ يمارس أولئك التضليل ويقولون كلهم يمضي إلى اليوم الموعود .. من سبّل روحه رخيصة من أجل الحق، ومن حماها في البروج المشيّدة.. وما كان الترابي من أصحاب تلك البروج ، كانت أمامه الفرصة ليكون ثرياً مكتنزاً للمال.
٭ لكنه فضل أن يكون ثرياً بعلمه وجهده.. فهو القانوني والسياسي والبرلماني والمفكر والمجدد، المجيد لعدة لغات .. وهو الزول السوداني البسيط
اختبرني أحد أقربائي ذات مرة عندما حدثته عن بساطة الشيخ ، وطلب مرافقتي لمنزله دون سابق موعد.
٭ قطعاً خسر رهانه، فقد تناول طعام الغداء في مائدة الشيخ نفسه، و تناولنا نحن الطعام مع آخرين .. إنه الترابي.. «حضرنا ووجدناه».. والآن قد رحل ولكن وجدناه.. وجدنا المشروع الإسلامي، وجدنا الشهداء يمشون بيننا بذكراهم العطرة.
٭ لم يورث الترابي أبناءه الحكم، أو حاول توريثهم، كثيرون لا يعرفون ابنه محمد عمر، ولم يرحل بأسراره كما يتوهم البعض ، كان كتاباً مفتوحاً، والجميع نهل من علمه، لم يحط من قدر أحد وكان مع إخوانه في الإنقاذ أعزاء كرماء، لم يحطوا من قدر أحد وظلت العزة تاج كل سوداني، وهي سمة أهل السودان لم تغرسها فيهم الإنقاذ.
٭ إن الحركة الإسلامية التي قادها الترابي ويقودها الآن الشيخ الزبير أحمد الحسن، خرجت أجيالاً ، «تأكل الزلط»، لا تعرف التخاذل ولا التراجع، تلبي النداء وقتما نادى المنادي، و ساحات الجهاد تشهد بذلك.
٭ السودانيون كل السودانيين ناس حارة وعزة وكرامة، مستثنى منهم من يشمتون في الموت ويضحكون من أقدار الله التي اختارت الترابي وستختارنا جميعاً.. ولكن ماذا نقول عن أناس يمشون على «خط الانحناء».