مقالات متنوعة

محمد وداعة : من هو الكاذب الجاهل.. مأمون أم الصحفيين!


السيد مأمون حميدة وزير صحة ولاية الخرطوم رغم أنفنا، وبأمر جهات عليا يفعل في المؤسسات العلاجية المملوكة للشعب ما فعله الثور في مستودع الخزف، ولأن أداءه ضعيف ولا يجد قبولاً من العامة والخاصة فهو في حاجة لدعم الرئاسة كما يحدث من وقت لآخر، ولو لا هذا الدعم الرئاسي لكان مأمون حميدة خارج الوزارة منذ سنوات، ليس لأنه غير مقبول من زملاء المهنة والعاملين في القطاع الصحي فحسب، ولكن وهذا هو المهم أنه مرفوض من عضوية الوطني في المجال الصحي، قال الرجل (إن (80%) من الأخبار المتعلقة بالصحة كاذبة و(20%) لأغراض، واتهم بعض كتاب الأعمدة وصحفيين بأنهم أصحاب أغراض وجهلة وكاذبون وأنهم يكتبون دون دراية ومعرفة، وقال حميدة خلال حديثه في ندوة- آثار تغطية الوسائط الصحفية والإعلامية للقضايا الصحية، (إن (85%) من رؤساء تحرير الصحف ومدراء التحرير لا يعلمون ما ينشر في صحفهم من أخبار، وفي هذا ربما أن السيد الوزير أصابته حمى الكذب.
الوزيرحميدة طالب مجلس الصحافة بتوجيه رؤساء التحرير للقيام بدورهم في مراجعة ما ينشر في صحفهم، وأشار إلى عدم إلمام الصحفيين بما يكتبون فضلاً عن أن الأخبار تتم صياغتها بصورة (فطيرة) وغير مفيدة وبها أذى جسيم..
حميدة يضرب بعنف ويريد استغلال الدعم الرئاسي وتبرم كبار المسؤولين في الدولة وعدم رضائهم من أداء الصحف، لتوجيه ضربة مزدوجة للصحافة وللحريات الصحفية، ولا يدري أحد من أين للسيد مأمون حميدة هذه النسب والأرقام حول ما ينشر ونسبة رؤساء التحرير الذين لا يعلمون ما يكتب في صحفهم، ولو تجاوزنا الجانب الشكلي في توجيه هذه الإهانات والاتهامات لرؤساء التحرير وكتاب الأعمدة، ولو تجاهلنا وصفه للصحفيين بالجهلة والكاذبين وذوي الأغراض، فقطعاً لا يمكن غض الطرف عن محاولته الفاشلة لدق إسفين بين الصحافة والأطباء بادعاء أن الصحافة أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب الأطباء، وكأن الأطباء لا يعلمون الأسباب الحقيقية وراء تهجم بعض ذوي المرضى عليهم، ويعرفون أن السبب هو في عجزهم عن تقديم الإسعافات الأولية للمرضى والمصابين لقلة المعينات والمستلزمات الطبية مما يضعهم في مواجهة مع المرضى وذويهم أحياناً..
المادة (75)/2 من الدستور الانتقالي لسنة 2005م تعديل 2015م تقرأ: (لا يجوز لرئيس الجمهورية أو لأي من نائبيه أو مساعديه أو مستشاريه أو الوزراء أو أي من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية الأخرى، مزاولة أي مهنة خاصة أو ممارسة أي عمل تجاري أو صناعي أو مالي أثناء توليهم لمناصبهم كما لا يجوز لهم تلقي أي تعويض مالي أو قبول أي عمل من أي نوع من أي جهة غير الحكومية القومية أو حكومة ولائية كيفما يكون الحال)، وجاء في الدستور الانتقالي المادة (3) (إن الدستور القومي الانتقالي هو القانون الأعلى للبلاد، وتتوافق معه دساتير الولايات وجميع القوانين)… إن السيد الوزير لا يكذب فقط ولكنه يجهل أحكام الدستور التي تحظر عليه ممارسة العمل التجاري..، وإذا كان بعض المسؤولين قد أغمض عينيه عن إنفاذ القانون والدستور فلا يعني هذا أن السيد الوزير لم يخرق الدستور، وبالطبع لا يعني أن فرص مساءلة الوزير غير ممكنة، إن افتراءات السيد الوزير على الصحفيين لن تفت في عضدهم ولن تتوقف الكتابة عن أخطاء السيد الوزير، سمع المسؤولون في الأعلى أم لم يسمعوا، دعموه أم لم يدعموه، بهذا فإن السيد الوزير يحول الموضوع من شأن عام إلى أمر شخصي، وعليه فإن على الجهات التي تدعم السيد الوزير أن تعلم أنه فهم خطأ ويتصرف على هذا النحو، فهو ليس الوزير الوحيد الذي تنتقده الصحف، ليس في المستوى الولائي، بل في الوزارات الاتحادية ونواب الرئيس ومساعديه، وحتى الرئيس نفسه طاله النقد والنصح من على صفحات الصحف، إن الصحفيين مطالبين بمواجهة السيد الوزير بالقانون وبالكتابة أيضاً..