تحقيقات وتقارير

يطاردهم الجوع والمرض في المنافي القسرية لاجئو جنوب السودان… عندما يدفع المدنيون ثمن الصراع


وجد آلاف اللاجئين الجنوبين ملجأ لهم فى قرية بيتما الكنغولية الواقعة على الحدود بين الكنغو وجنوب السودان حيث فرت الأسر والمكونة غالباً من النساء والأطفال من الصراع الذي اندلع حول مدينة يامبيو وأجزاء أخرى من ولاية غرب الاستوائية إذ لا مكان لهم يقصدونه ولا مال يمكنهم من الرحيل إلى أبعد من تلك القرية، وتقول صحيفة “النيوز ويك الأمريكية” في تقرير بعنوان ـ الآلاف يفرون من التمرد الجديد بدولة الجنوب ـ تقول عندما كان يحتفل بعقيقة أول مولود له بعد مضي اسبوع على ولادته سمع طرقاً على باب منزله في مدينة بانتيو متوقعاً حضور وفود المهنئين وبدلاً من ذلك فوجئ باتئ برجل يحمل بندقية يصوبها عليه طالباً المال ولما كان باتي مفلساً ترجاه أن لا يقتله وتقول زوجته للصحيفة: لقد أرداه قتيلاً في الحال لأنه لم يكن يملك المال وتضيف عندما جاء الجيران قاموا بدفعه داخل الكوخ وأحرقوه بداخله.

انعدام القانون

وتضيف الصحيفة قائلة يامبيو تبعد كثيراً من المستنقعات وإقليم السافنا شمالاً وشرقاً كما إنها ظلت مسرحاً للعمليات العسكرية طوال العامين هما عمر التمرد الجديد وأدت المعارك بين قوات الرئيس سلفاكير ونائبه الدكتور رياك مشار بحياة أكثر من 100 ألف مواطن وهجرت ما يزيد عن 2 مليون آخرين محدثة مجاعة كارثية بحسب مركز شبكة الإنذار المبكر ضد المجاعات.

وعندما اجتاحت الدولة الوليدة حالة انعدام القانون تبعثر السلام الهش بولاية غرب الاستوائية، وبعيداً عن الحرب الأهلية التي انتظمت البلاد وقع المواطنين هناك ضحية التمرد الجديد وحتى قريب عاشت الأجزاء الجنوبية من البلاد حالة أمن نسبية، إلا أن الفارين من هناك أكدوا اندلاع العنف.

وبعد وفاة باتي غادرت زوجته وأطفالها إلى جمهورية الكنغو حيث تعيش الآن في كوخ داخل معسكر اللاجئين في قرية بتيما في الحدود مع دولة الجنوب وتقيم الأسر هناك في أكواخ مصنوعة من أوراق الأشجار والحشائش ويتم طهو الطعام بواسطة نيران الحطب والأعشاب التي تسبب السعال العنيف للأطفال ويعاني أحد الأطفال الذين كانوا أصحاء قبل الحرب الجفاف الشديد بسبب مرض الإسهال المزمن كما تعاني ابنتها من الملاريا ومثلها مثل أكثر من عشرات من الآلاف من اللاجئين الذين احتموا بالمعسكر من أربع دول أفريقية وغض المجتمع الدولي الطرف عنه وهم يواجهون جرائم العنف المتمثلة في الاغتصاب واختطاف الأطفال والقتل والنهب.

اعتداء مسلح

وبحسب الصحيفة فإن القتال في يامبيو اندلع في مايو العام 2015 وازداد حدة مرة أخرى فى أغسطس، ومرة أخرى خلال أعياد رأس السنة، وفي فبراير من هذا العام وصل آلاف اللاجئين الجنوبيين إلى مدينة دينغو أكبر المدن في جنوب الكنغو والتي تبعد ساعتين بالسيارة عن قرية بيتما. ويقول جيمس ماويت الذي وصل إلى المدينة في فبراير الماضي إنه هجر بانتيو عقب آخر هجوم شنه المتمردون الذين ذبحوا جدته وسرقوا ممتلكاته وأحرقوا منزله وهرب جيمس على ظهر الدراجة النارية التي يمتلكها حاملاً أطفاله الأربعة معه في نفس الدراجة. ويقول جيمس الذي أعيا السهر والرهق عينيه التي باتت حمراء كالشعلة لن تجد غير روائح الجثث المتعفنة والأكواخ المحترقة بسكانها والمنازل التي تحولت الى رماد والشيء الذي يحدث ويصعب وصفه أنه عندما يقرع بابك وتقوم بفتحه يدخلون عليك وهم يحملون البنادق ويقيدونك، ومن ثم يغتصبون زوجتك وبناتك في حضورك ويصبح من الصعب عليك أن تميز فيما إذا كانوا متمردين أو جنودا حكوميين أو أشخاصاً آخرين لا تعرفهم.

وتقول ايركا روميني البالغة من العمر 29 عاماً والتي هربت من القتال بعد ثلاثة أيام من ولادتها لابنتها جانس دون الحصول على رعاية طبية أنها وأسرتها اضطروا للسير على الأقدام لمدة ثلاثة أيام دون ماء أو طعام وأنهم كانوا ينامون تحت الأشجار، وتضيف: كانت بالقرب مني في المستشفى امرأة حامل قام المسلجون باغتصابها حتى الإجهاض كما قاموا باغتصاب الراهبات في الكنيسة الكاثوليكية، لقد ولدت وتربيت في زمن الحرب الأهلية ولكنني لم أر أشياء مماثلة للتي تحدث أو أسمع أصوات الأسلحة كما أسمعها الآن.

إهمال دولي

ولمساعدة مثل هولاء الأشخاص في بلد مثل جمهورية الكنغو خاضت سنوات من الحرب المدمرة ومليشيات متمردة وحكومة غير مبالية تبذل المنظمات الإنسانية جهوداً مضنية إذ قدم مكتب المفوضية العليا للاجئين التابع للأمم المتحدة والذي سجل أكثر من 400 ألف لاجي جنوبي الاحتياجات الأساسية من أوان وصابون وماء، بينما قدم برنامج الغذاء العالمي الطعام والاحتياجات الإنساسية الأخرى. وتقول جوزلين مداجي المسؤولة عن المخيم: الأهم هو حماية أرواح هؤلاء الضحايا كما يجب على المجتمع الدولى أن يوليها ذات الاهتمام المنصب على الأزمة الليبية والسورية. وتضيف: الأزمة في دولة الجنوب لا تجد الاهتمام الكافي، ونحن نحتاج للتدخل الفوري من أجل المساعدة في مجال الإيواء وتقديم المساعدات الإنسانية.

ويقول مايكال البالغ من العمر 17 عاماً أن الجنود يختطفون الأطفال من أجل تجنيدهم وأنه رأى مجموعة من الصبية معه في الصف الثالث تم استدراجهم بواسطة أصحابهم للخروج من المدرسة، ومن ثم القبض عليهم وأخذهم عنوة إلى المعسكرات لتجنيدهم. ويضيف: هو غير متأكد إذا كان في استطاعته إكمال تعليمه ليصبح مهندساً معمارياً، ولكنه قرر الرحيل حتى لا يتم تجنيده في يامبيو.

وتقول تيرما في احد الأيام تغيب زوجي عن المنزل ووجدت منزلي مسرحاً لمعارك شرسة بين المتمردين والقوات الحكومية فأخذت معي الأولاد وهربت ومنذ ذلك اليوم لم اسمع شيئاً عن زوجي.

وتقول فكتوريا للصحيفة أنها رأت صديقاتها يختطفن بواسطة الجنود من أجل استخدامهن للمتعة وخدمة الجنود وفي حال رفضت إحداهن يتم ذبحها أو إطلاق النار عليها، والمعسكر يعج بالقصص المؤلمة والمحزنة كل له روايته الخاصة وطريقته في التعامل مع صدمته.

 

 

الصيحة


تعليق واحد

  1. الحرب هى الحرب لكن حتما سننهض من جديد أشد قوة ومنعة ….وشكرا للسودان وتحديدا البشير الذى فتح الحدود