رأي ومقالات

الترابي.. صاحب التأثيرات الكبرى في السودان والقرن الأفريقي


الحديث عن الشيخ الترابي ذات شجون وهو مفكر وسياسي وعلامة؛ وابرز القادة في منطقة القرن الأفريقي؛ والعالم العربي؛ والإسلامي.

وسأتطرق في مقالي هذا إلى العديد من الجوانب من خلال معرفتي به منذ أكثر من 22 سنة.

وكان لقائي الأول به بالدوحة في فندق شيراتون، في العام 1992 م ، ليتكرر اللقاء في نفس العام عندما زار الشيخ الترابي أسمرا ، وعوا مل كثيرة ساعدتني للاقتراب منه أكثر ويرجع الفضل إلى الراحل على سيد عبدالله وزير خارجية إرتريا،ومحمود شريفو الذي كان وزير الحكومات المحلية والرجل الثاني؛ وكذلك رمضان محمدنور الذي كان وزيرا للعدل.وفي اللقاءات المتعددة أتاحت لي الفرصة لتبادل الحديث معه وإجراء حوار مطول حول العلاقات الإرترية السودانية. وشن الترابي في ذلك اللقاء هجوما الأعنف من نوعها على مصر؛ وبشر العالم بالتحالف الثلاثي(إثيوبي؛إرتريا؛و السودان)

وكانت زيارته تلك هي الفرصة الاكبر لي حيث عرفت فيها شخصية الترابي بصورة اقرب، وتوالت اللقاءات بالشيخ الترابي في الاعوام 1994 وفي 1997 في الخرطوم.ومعظم الساسة في السودان لفت أنظارهم عندما أجريت التحقيقات الكبرى عن المعارضة السودانية وخاصة مؤتمر القضايا المصيرية الذي استضافته اسمرا في ديسمبر من العام 1995.

وإن كانت زيارتنا لمعسكر المعارضة السودانية في كل من هيكوتا؛ وساوا قد تصدر وسائل الإعلام العربية حيث نشرت حينها الانتفاضة المسلحة في شرق السودان ونشرتها حينها صحيفة الشرق وقدم حينها السفير السوداني عثمان نافع احتجاجا على نشر الخبر إلا أننا تمكنا من نشر المزيد من التحقيقات في صحيفة الخرطوم التي كانت تصدر من القاهرة.

وهذه التحقيقات التي تم نشرها لفتت الساسة السودانيين نحو شخصيتي وبدأت الاتصالات من المقربين من الشيخ الترابي؛ وكان أول لقاء مع السفير السوداني عثمان نافع بعد عودتي للدوحة وقدم لي الدعوة لزيارة الخرطوم وسرعان ما توترت علاقاتي مع المعارضة وخاصة حزب الأمة بعد نشر خبر خروج الصادق المهدي عبر عملية تهتدون ، الامر الذي اثار حفيظة حزب الامة وتم اتهامي وقتها بانني مزروع من قبل الجبهة الاسلامية وحكومة الانقاذ ، بالرغم من علاقاتي الوطيدة مع قادة تجمع المعارضة السودانية ، خاصة مع عبدالعزيز خالد ومولانا محمد عثمان الميرغني وغيرهم، الا ان نشري لخبر حول عملية خروج الصادق المهدي ، وسرد ملابساتها جعلني هدفا لاتهامات المعارضة وخاصة قيادات حزب الامة وتطورت إلى الاتهامات والتراشقات وحينها تمكنت من تحييد السلطات الإرترية وقيادة التجمع التي رفضت قرار عدم التعاون مع شخصي. وهذه الأزمة كانت احدى بوابات الاقتراب من الشيخ الترابي حيث تلقيت اتصالا من مكتب الترابي عبر مكالمة هاتفية لقيتها من الدكتور علي الحاج بدعوتي الى الخرطوم ، في فبراير 1997 م

واقتربت المسافات أكثر عندما قمت بتغطية سقوط مدينة كرمك في يناير1997 ضمن فريق صحفي

وهم مراسلي الـ بي بي سي ،الحياة اللندنية ، وقناة الجزيرة، وكنا قد اوردنا معلومات بان سقوط الكرمك على يد الحركة الشعبية تم بمعاونة من إرتريا وإثيوبيا، وتطور إلى اعتقال كامل الفريق الصحفي في مدينة أصوصا وبعد أسبوعيين تم اطلاق سراحنا وكان الشيخ الترابي من أقوى الأصوات التي طالبت باطلاق سراحنا وإن كانت مطالباته خصما علينا حيث تدخل الأمين العام لحزب الأمة والأمين العام للتجمع السوداني المعارض قائلا: إن الفريق الصحفي هم عناصر الجبهة الاسلامية

الامر الذي زاد من حدة الخلاف بين العلاقات السودانية الاثيوبية من جهة والسودانية الاريترية من جهة. وتصدر نبأ الاعتقال قناة الجزيرة والـ بي بي سي؛ وجريدة الحياة؛ والإعلام السوداني الرسمي.

وهذه الحادثة جعلتني الأقرب من الشيخ الترابي أكثر من أي وقت مضى . وكان برقية التهنئة بمناسبة اطلاق سراحنا من الشيخ حسن الترابي تضمنت تجديد الدعوة لزيارة السودان ونقلها إلي الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي كان حينها وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية.

ورغم كل المخاطر والتحديات زورت السودان في فبراير 1997 مع تصعيد الخلاف بين أسمرا والخرطوم حيث تبنت إرتريا خيار المعارضة السودانية وسلمتها السفارة في اسمرا. فيما كانت تشهد العلاقات مع أديس أبابا توترا بسبب اتهام الخرطوم بالتورط في المحولة الفاشلة لاقتيال الرئيس المصري ” حسني مبارك ” باديس ابابا ، كما ان العلاقات بين اسمرا والخرطوم كانت هي الاخرى في اسوء حالاتها ووصلت حد القطيعة. وفي ظل هذه الظروف المعقدة زرت الخرطوم والتقيت بالترابي وأجريت معه حوارات متعددة تركزت حول علاقات السودان مع كل من اريتريا واثيوبيا ومصر والقرن الأفريقي والأممية الاسلامية؛ والمؤتمر الشعبي العربي.

وتحولت علاقتي معه إلى أبعاد أخرى تجاوزت الحوارات الصحفية.

واختلف الترابي مع السلطة وبقيت علاقاتي معه بنفس القدر الذي كانت بيننا قبل خلافاته مع الحكومة في الخرطوم.

والترابي كان محطة مهمة لأي صحفي أراد التعرف على الوضع في السودان والمنطقة وخاصة الأوضاع في القرن الأفريقي؛ ومصر.وأن اللقاء معه تساعد الصحفي لاكتمالالصورة لمعرفة ما يجري في السودان.

فالشيخ الترابي ، كان المفكر والداعية الاسلامي ليس في نطاق العالم العربي والاسلامي وانما على نطاق العالم ، فهو رجل يتمتع بعمق في التفكير ، ويعتمد على زخيرة معلوماتية ثرة مكنته من التحليل الدقيق والنظرة العميقة والبعيدة للاحداث .

ولعل اللقاء الاكبر والاهم كان لي معه بعض المفاصلة بين الشيخ الترابي والحكومة في العام 1999م، وعرف الخلاف وقتها بين القصر والمنشية . وتحدث الترابي للمرة الأولى ما أسماه بمؤامرة الـ 10 اشارة منه إلى مذكرة الـ 10 واعترف بأن تلاميذته انقبلوا عليه وتحالفوا مع العسكر.

وفي ذات الحوار كشف الترابي بأنه دبر الانقلاب في العام 1989 سجن نفسه في كوبر وأوصل البشير إلى القصر. وتحدث في ذلك الحوار بمرارة عن تلاميذته وكان ذلك الحوار الساعة في وقتها لأنه فك طلاسم الانقلاب الذي ظل حبيس السلطة.

وحاول كل من وزير الخارجية السوداني وقتها ” مصطفى عثمان اسماعيل ” ، وكذلك المستشار الاعلامي للرئيس السوداني ” الصادق البخيت ” وطلبوا مني ان اقلل من حدة الحديث وان اتجاوز كثير من العبارات الحادة التي اطلقها الشيخ الترابي على تلامذته.

وفي ذلك الحوار بعث برسائل ايجابية إلى البشير وشن هجوما الأعنف من نوعه على تلاميذته

بشئ من السخرية

وبلا شك ان الحوارات مع الراحل الشيخ الترابي ، تعتبر رصيد يفتخر به كل صحفي ، لما مثله الشيخ الترابي من تجربة فكرية في مجال القانون ، وريادة العمل السياسي باعلى مستوياته الفكرية كقائد ملهم ، ورائد محنك اثرى الساحة السياسية بارائه وافكاره العميقة ،

وقد دابت على زيارة الشيخ الترابي في منزله كلما جئت الى الخرطوم ، وكان اخرها في العام 2014 م ، ولازلت اذكر عندما ترك احد تلامذته العمل السياسي ، وسالته منه وقتها ، فقال لي بطريقته المعهودة وهو ضاحكا ، انصحك الا تذهب اليه لانه الان تحت الرقابة المشددة. وأنصحك كي لاتذهب إليه فهو تحت المجهر.

ومن خلال معرفتي ولقائاتي بالشيخ الترابي ، عرفت انه رجلا ثوريا ومتحرر ، وكان يكره الطغاة والظلمة في كل مكان ليس على مستوى الدول العربية والاسلامية وانما على مستوى حكام العالم ، ظل يقف الى جانب المظلومين ، وهو ما شكل له عقبات كثيرة مع الاخرين .

وهو من الساسة السودانين القليلين الذين توجهوا بفكرهم ووعيهم نحو القرن الافريقي ، فقد اعطي الرجل منطقة القرن الافريقي اهتماما خاصا ، وكان يؤمن بفدرالية دول القرن الافريقي ، وما نقدره له نحن من جيلنا ، انه من القيادات القليلة

التي انحازت الى قضية الشعب الاريتري ووقف مع ثورتها ، ولم يتزحزح عنها حتى تحقق الاستقلال وكان أول المهنئين والزائرين لإرتريا.

وتعتبر الجبهة الاسلامية التي يمثل الترابي عرابها وقائدها هي المناصر الأكبر للثورة الإرترية.

وكان منزل الشيخ الترابي البوابة الوحيدة التي لم تغلق امام الاريترين على مر الزمان .وهذه شهادة للتاريخ نقولها في حق الراحل الشيخ حسن عبدالله الترابي .

فهو بحق فقد جلل ، لرجل اثرى الساحة السياسية والفكرية ، باجتهاداته الكثيرة والكبيرة والتي فتحت الابواب للنظر والتفكر واحداث التغيرات الجذرية في الفكر المعاصر على المستوى الاقليمي والدولي ، ويعتبر رحيله فراغا كبيرا ، يبحث عن من يملئه ، الا رحم الله الشيخ / حسن الترابي ” ، واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ، إنا لله وانا اليه راجعون .

بقلم محمد توكل
فرجت نت


‫4 تعليقات

  1. يا اخى الكريم ان كنت تعتبر الترابی مثلك الأعلى فأنت حر أما أن تقول لي بأنه أبرز القادة في العالم العربي والإسلامي فأنت كاذب في قولك ،،، من يعرف الترابي في السعودية وهي قلب العالم العربي والإسلامي كفاكم كذبا وافتراءات وتقديس الترابی أن قلت في السودان فأقول لك نعم أما حتى في إثيوبيا ما في زول يعرف لا ترابی لا البشير زاتو هناك قادة أفارقة كل من يرفع رأسه يرى نورهم معروفون فی جميع أصدقاء الأرض ليس في السودان أو في نيجيريا منهم المسلم أمثال الشيخ المجاهد البطل عثمان ابن فوديو التي قالت عنه ملكة بريطانيا “”اقتلوا ذلك الشيخ والا أسلمت أفريقيا عن بكرة أبيها “” اذهب الی جامعة الملك سعود في الرياض ستجد سيرته تدرس هناك او الی الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة او الی جامعات افريقيا قاطبة بدون استثناء ،،، ماذا فعل الترابی للإسلام والمسلمين غير فتاوى جواز إمامة المرأة وغيرها من الفتاوى المثيرة للجدل ومقولة “”الغرابية لو ركبها جعلی شرف ولا جناية “”بلاش عبط واستخفاف بعقول الناس ،،،،، وثانيا الغير مسلم في افريقيا أمثال نلسون مانديلا الذي حرر بني جلده من سطوت العبودية الغربية في بلاده ،،، الترابي ليس إلا أداة في يد جماعة إخوان المسلمين المصرية وأداة لزرع الفتن بين الشعب السودانى المسلم ،،،

  2. لقد صدقت يا منصور القندب لم يفعل شي يحسب له غير الخراب والفتن .امثال الشيخ زايد هو الذي ينبقي ان ىدعو له في كل دقيقه لان كان هم الشعب وبناء الانسان والظوله ونصر المظلوم

  3. مهما كتب الناغمون أو الشاكرون فالترابى غصبا عنكم أشهر رجل ومفكر وداعية فى السودان
    رضيتم أم ابيتم

  4. بغض النظر عن حبي او كرهي له فهو بحق انسان امتاز بذكاء خارق وعبقرية لا حد لها . ولكن السؤال هل تم توظيف ذلك لراحة الشعب السوداني ؟ الاجابة لا بالطبع بل النتيجة راحة الشريحة التي تحكم فقط .