منوعات

مصر : عبدالرحمن شعلان بطل العالم بالسومو :بدأت مشوارى فى بلاد الساموراى بتنظيف حمامات..اليابانيون يعاملوننى معاملة آلهة..واقترحت على السيسى استغلال شعبيتى فى الترويج للسياحة المصرية + صور


عبد الرحمن شعلان.. قصة نجاح جديدة تضاف لسجل نجاحات المصريين بالخارج شاب مصرى بسيط خرج من إحدى قرى محافظة الدقهلية باحثا عن تحقيق نجاح فى لعبة لا يعرف المصريين عنها أى شىء، ذهب لليابان على أمل تحقيق نجاح فى بلاد لا تعترف إلا بالعمل والجهد فقط لا غير، وواجه الكثير من الصعوبات حتى وصل للمرتبة الأعلى عالميا فى اللعبة الأشهر باليابان ووصل به الأمر لأن ينحنى له رئيس الوزراء اليابانى احتراما لمكانته عند الشعب اليابانى.

عندما تسير فى الشوارع اليابانية فلا تتعجب عندما تجده صور البطل المصرى مرفوعة فى كل محطات القطار اليابانية فهو قصة نجاح تتحدث عنها الصحافة اليابانية ليل نهار، يصفونه فى اليابان بملك الأخلاق وعاصفة الصحراء ولا يستطيع الخروج للشارع بسبب شعبيته الجارفة بين جميع اوساط الشعب اليابانى. جاء لقاء الرئيس السيسى معه خلال زيارته الاخيرة لليابان ليسلط الضوء على قصة نجاح مصرية تم كتابتها بحروف من ذهب على أرض لا تعرف الرحمة ولا تعترف إلا بالعمل والنجاح فقط لا غير. “اليوم السابع” استطاع التواصل مع البطل المصرى والذى سرد قصة نجاحه التى بدأت منذ ثورة 25 يناير وتعرض خلالها للعديد من الصعوبات حتى وصل للمرتبة الاولى علميا بفضل اصراره على تحقيق حلمه.

بدأت وأنا عندى 11 سنة كنت بروح الجيم مثلى مثل أى شاب مصر لحد ما قبلت الكابتن سعيد ابراهيم ودا كان بيلعب سومو فى اتحاد الشرطة وقالى جسمك كويس وينفع تلعب سومو وانا اصلا مكنتش اعرف يعنى ايه سومو ومكنتش مقتنع بكلامه لحد ما أقنعنى اقعد مع مدرب الفريق واسمع منه. وبالفعل قعدت مع مدرب الفريق وكان بيته بجوار الجيم الذى اتدرب فيه وفى البداية اكدت له أن السومو “لعبة متخلفة وعبارة عن اثنين بهايم بيضربوا بعض” وهو ما جعل الكابتن سيد عبد الغنى مدرب الفريق يقنعى بأن السومو رياضة كويسة وأن انا هيكون ليا مستقبل كويس فيها لحد ما اقتنعت وبالفعل بدأت اقنع أهلى بالانضمام لنادى اتحاد الشرطة.

وبالفعل ذهبت لنادى اتحاد الشرطة وحضرت أول تدريب ووجدت نوعين من لاعبى السومو فى مصر إما لاعبين اصحاب اجسام ضخمة أو لاعبين أصحاب أجسام نحيفة وهوا ما جعلنى اشعر بالغرور خاصة وأن جسمى مبنى على العضلات وهو ما لاحظه الكابتن سيد عبد الغنى مدرب الفريق الذى طلب منى النزول للحلبة من أجل اللعب امام أحد اللاعبين الذى كان وزنه فى ذلك التوقيت 75 كيلو فى حين كان وزنى 120 كيلو وكسبنى 7 مرات بطريقة مهينة استفزتنى وهنا تغيرت فكرتى عن اللعبة وطلب منى مدرب الفريق الجلوس فى المدرج من أجل مشاهدة التدريب وأول ما رجعت البيت بدأت اقرأ عن لعبة السومو وقوانينها إلى أن قررت أن اخوض مشوار احتراف فى اللعبة.

ألم تعترض الأسرة على ممارستك لرياضة السومو؟ والدتى تخوفت فى البداية ورفضت خوفا من سرقة أعضائى خاصة وأن الإعلام المصرى كان يتحدث فى ذلك التوقيت عن أزمة خطف الأطفال من أجل سرقة أعضائهم، إلا أن والدى لم يمانع خاصة وأنه كان أحد لاعبى كرة القدم فى فريق إسكو، وطلب منى التفكير جيدا فى الأمر قبل البدء فيه وهو ما جعلنى استمر فى اللعبة التى وجدت نفسى فيها. كيف كانت البداية فى اليابان ولماذا اليابان بالتحديد؟ سافرت لليابان بعد محاولات دامت لمدة 7 سنوات كنت خلالها اقوم بمراسلة الاندية اليابانية من أجل الاحتراف حتى فشلت كل محاولاتى مع الاندية اليابانية وهنا قررت أن اسافر اليابان على حسابى الخاص ولكن سفرى تأجل لمدة سنة ونصف بسبب ثورة يناير وظروف الطيران بالإضافة لحدوث زلزال تسونامى وبالفعل وصلت اليابان فى شهر سبتمبر عام 2011، وكنت قد أعددت قائمة بالأندية التى لا يلعب فيها لاعبين أجانب وكانت التأشيرة مدتها 10 أيام. ذهبت لأول الأندية وبدأت فى التدريب ولكن المدرب رفض انضمامى وتكرر الأمر لمدة 6 أيام كاملة حتى امتلكنى اليأس، وهنا قررت أن أعود للقاهرة خاصة وأن الأمل أصبح ضعيفا فى تحقيق حلمى إلى جانب اصابتى واجهادى الشديد من شدة التدريبات التى حدثت خلال الستة أيام الماضية.

وفى اليوم السابع قررت النزول على أمل أن تحدث المعجزة وبالفعل ذهبت لأحد الاندية وبدأت فى التدريب وكنت فى اسوأ حالاتى وهنا رفض المدرب انضمامى للفريق مؤكدا إلى أن طريقتى فى اللعب لا تؤهلنى للعب حتى فى دورى الهواة وطلب منى تناول الغذاء ثم الرحيل. أثناء تناولى الغذاء كان المدرب اليابانى يتصفح المجلات ووجد بعض الصحف اليابانية تكتب عن لاعب عربى يحاول الانضمام للأندية اليابانية وقرأوا عن اصرارى ومحاولاتى للاحتراف منذ سبع سنوات وهنا وجدت المدرب اليابانى يقترب منى ويتحدث معى معلنا اعجابه بإصرارى على تحقيق حلمى ووافق على وضعى تحت الاختبار لمدة 6 شهور. كيف قضيت الستة شهور الأولى فى اليابان؟ المدرب اليابانى بدأ يعاملنى معاملة لاعب جديد فكنت استيقظ من نومى فى تمام الرابعة فجرا من أجل اعداد الاحزمة للاعبين الجدد مع تجهيز البساط وتنظيفه وتجهيزه لكى يكون جاهزا للتمرين لنبدأ المران لمدة 4 ساعات وبعد انتهاء المران اقوم بإعادة تنظيف البساط وترتيبه مرة اخرى ثم يقوم اللاعبين الكبار بالذهاب للحمام من أجل الاستحمام على أن اقوم انا بالذهاب للمطبخ من أجل اعداد طعام الافطار للاعبين الكبار وانتظرهم حتى الانتهاء من الحمام لكى أقف على خدمتهم اثناء تناولهم للطعام لأقوم بعد ذلك وأذهب إلى الحمام لتنظيفه والاستحمام مع العودة لتناول الطعام المتبقى من اللاعبين الكبار وكنت انظر لنفسى فى البداية على اننى ” امينة التى جاءت لتخدم سى السيد” وبعد الانتهاء من الغذاء اقوم بتنظيف المطبخ والحمامات مرة اخرى واعادة ترتيب كل شئ داخل النادى، وبدأت حياتى تسير على هذا النمط لمدة ستة شهور حيث اتدرب صباحا وأخدم اللاعبين الكبار بعد انتهاء التدريب بالإضافة لتنظيف الحمامات ومدخل النادى فى وقت الراحة.

ألم يكن يمثل لك ذلك إهانة خاصة وأن كثير من الشباب المصرى لا يقبلون بذلك؟ لم أكن انظر إلى ما يحدث على أنه اهانة وبدأت حياتى تسير بشكل طبيعى خاصة وأننى اعتبرت ذلك تدريبا لابد من القيام به حتى أصل لحلمى بأن اكون لاعب السومو رقم واحد فى اليابان. وماذا حدث بعد انتهاء فترة الستة شهور؟ انتقلت من مرحلة الهواة إلى مرحلة الاحتراف وكنت اسرع لاعب فى اليابان ينتقل من مرحلة الدرجة الأولى للمحترفين واجتزتها فى سنة وشهر فقط فى حين أن اسرع لاعب اجتازها من قبلى كان فى سنة ونصف مما كان انجازا تحدثت عنه معظم الصحافة اليابانية فى ذلك التوقيت.

ما هى أبرز الصعوبات التى واجهتك خلال هذه الفترة؟ عدم إتاحة الفرصة للتواصل مع أهلى فكنت احدثهم خمس دقائق فقط كل شهر وكان هذا يمثل صعوبة كبيرة بالنسبة لى إلى جانب التحكم الشديد من جانب المدرب فى كافة تصرفاتى وعدم اتاحة الفرصة لى من أجل الخروج للشارع. ما هو السر وراء اطلاق لقب “عاطفة الصحراء” على عبد الرحمن شعلان؟ السر فى ذلك هو احد الصحفيين اليابانيين اللى قال عنى فى أحد حواراته التلفزيونية أن انا عامل زى العاصفة اللى اللى بتيجى تأكل كل شىء أمامها، خاصة وأن أنا قدرت أتغلب على كل الصعوبات اللى واجهتنى من أجل تحقيق حلمى واصبحت اللاعب رقم واحد فى اليابان ودا كان السبب فى لقب عاصفة الصحراء.

ولماذا أطلق عليك اليابانيون لقب “ملك الأخلاق” فى السومو؟ لاعب السومو بالنسبة للشعب اليابانى هو إله ونتعامل هنا فى اليابان على أننا آلهة ومباراة السومو هى عبارة اثنين من الآلهة يواجهون بعضهما البعض، وكل إله يحاول إظهار الجانب القوى للتغلب على الإله الآخر، ولكننى لا أنظر للسومو بهذه الطريقة وألعب المباراة على أنها رياضة مكسب وخسارة مما يجعلنى لا أحاول إيذاء أحد أثناء اللعب خاصة وأننى ألعب باسم مصر، ففى بداية كل مباراة يتم ترديد اسم مصر من جانب مذيع المباراة ثم ترديد اسم النادى ثم ترديد اسمى، وهو ما يعنى أن أى خطأ منى سيعود بالسلب على الدولة التى ألعب باسمها مما يجعلنى أحاول أن أكون مثالا يحتذى به للشاب المصرى الملتزم فى كل شىء، مما جعل الصحافة اليابانية تطلق علىّ لقب “ملك الأخلاق”. هل واجهتك صعوبات بسبب ديانتك الإسلامية واختلافها مع ديانة الشعب اليابانى؟ اليابانيون تخوفوا فى البداية من ديانتى الإسلامية ولكننى طمأنتهم خاصة وأننى أعتبر الدين بالنسبة لى أسلوب حياة، وأكدت لهم أن دينى بعيد عن عملى ولن أطلب منكم فى يوم من الأيام دخولكم للإسلام، وهو ما طمأنهم فى البداية واستطعت التغلب على هذا الأمر بمرور الأيام. ما أبرز المباريات التى لعبتها وأنت صائم؟ كانت مباراة أمام اللاعب رقم واحد فى اليابان ولعبت المباراة وأنا صائم ومش كسبته بس أنا “حطيت عليه” وكنت بعدها حديث الصحافة والتلفزيون اليابانى. من السبب فى وضعك بجدول زيارة الرئيس؟ تقابلت مع الرئيس السيسى خلال العشاء الذى نظمه الجانب اليابانى للرئيس المصرى عقب كلمته أمام البرلمان اليابانى، وكانت دعوتى من جانب رئيس الوزراء اليابانى وهذا العشاء كان مقتصرا فقط على عدد قليل جدا من الأشخاص القريبين من رئيس الوزراء اليابانى. كيف استقبلك الرئيس السيسى وما الحوار الذى دار بينكما؟ بعد العشاء قام رئيس الوزراء اليابانى بتقديمى للرئيس السيسى ليفاجئنى الرئيس السيسى بقوله: “أنا فخور بيك وكل مصرى فخور بيك”، وهنا زادت فرحتى وشعرت بأننى حققت جزء من أهدافى خاصة وأن الشعب المصرى لا يعرف عنى شيئا فى الوقت الذى لا أستطيع أن أسير فى الشارع فى اليابان بسبب الشعبية الجارفة التى أتمتع بها.

وماذا حدث بعد ذلك بينك وبين الرئيس السيسى؟ الرئيس السيسى بدأ يتكلم معايا وطلب يعرف قصتى وازاى قدرت احقق النجاح ده وازاى قدرت اتعلم اللغة اليابانية فاتكلمت معاه بكل صراحة وقلتله انا اتعلمت يابانى بالممارسة وبعدها اتكلم معايا الرئيس فى كيفية استغلال نجاحى لخدمة مصر واكدت له اننى استطيع استغلال نجاحى وشعبيتى فى الترويج للسياحة خاصة وأن الكثيرون من الشعب اليابانى ابدوا رغبتهم فى النزول معى لمصر من أجل رؤية الاثار المصرية وهنا أكدت للرئيس السيسى بأننى لا استطيع العودة للقاهرة خلال الفترة القادمة بسبب مشكلتى مع التجنيد بعد قيام الجامعة بفصلى من كلية التجارة بسبب عدم تقدير المسئولين فى الجامعة لما اقوم به وبالتالى لا استطيع العودة لمصر بسبب عدم قدرتى على العودة لليابان مرة اخرى وهو ما وعدنى الرئيس السيسى بإنهائه خلال الفترة القادمة. ما هو الشىء الذى طلبه منك الرئيس السيسى ووعدته بتحقيقه؟ الرئيس السيسى أبدى استغرابه عندما علم بعدم حصولى على شهادة فى اللغة اليابانية على الرغم من شعبيتى الجارفة فى اليابان، ومن طريقة تعامل رئيس الوزراء اليابانى وزوجته معى ليطلب منى وعدا بأن أحصل على شهادة فى اللغة اليابانية، من أجل العودة لمصر ونقل ما تعلمته للأجيال القادمة. ما هو الموقف الطريف الذى حدث بينك وبين الرئيس السيسى أثناء لقائكما فى اليابان؟ أول ما قابلت الرئيس السيسى الكلام وقف فى زورى ومبقتش عارف اتكلم ولاعارف اقول أى حاجة لحد ما الرئيس السيسى قالى انت بقى اللى قالب الدنيا فى اليابان تعالى واحكيلى حكايتك وقعدنا نتكلم وبدل ما كان اللقاء مدته 10 دقايق اتكلمنا لمدة ثلث ساعة وحسيت انى انا بتكلم مع شخص عادى جدا وليس رئيس دولة وهو ما جعلنى اطمئن على مستقبل مصر مع الرئيس السيسى.

ما أبرز الطرائف التى حدثت معك خلال رحلة احترافك فى اليابان؟ كنت راجع للبيت بعد فوزى بأحد المباريات الهامة امام اللاعب رقم واحد فى اليابان وكان مكان اقامة المباراة بعيد جدا وكانت الساعة داخلة على 12 بعد منتصف الليل، وهنا عرض على عدد من الجماهير توصيلى بسياراتهم الخاصة ولكننى رفضت وقمت باستقلال تاكسى حتى مقر اقامتى، وفوجئت بأن سائق التاكسى ينظر باستغراب شديد وقال لى انت البطل المصرى عبد الرحمن شعلان اللى كسبت اللاعب الفلانى، فقلت له ايوا انا شعلان، فقالى انت بقى اللى كسبت بطل اليابان وأخذت كل الفلوس لوحدك فقلت له ايوا انا اخدت كل الفلوس لوحدى لان دا حقى، حتى فوجئت بالسائق يأخذنى فى شوارع ضيقة لا اعرفها ثم تركنى فى أحد الشوارع المظلمة وذهب بالسيارة، وانا فى حالة ذهول مما حدث حتى انقذنى سائق اخر وقام بتوصيلى إلى مقر اقامتى بالعاصمة طوكيو. ما أصعب المواقف التى واجهتها فى مصر قبل احترافك فى اليابان؟ لن احكى لك عن ما كنا نواجهه من صعوبات فى مصر ولكن يكفى أن تعلم اننى عندما حصلت على بطولة العالم عام 2009 كانت مكافأتى عبارة عن شهادة استثمار قدرها ستة الالاف جنيه لا يحق لى صرفها الا بعد ستة شهور وهذا وحده يكفى للدلالة على الصعوبات التى كنا نواجهها كلاعبين للسومو فى مصر. كيف ترى تألق رامى الجزار فى لعبة السومو بالولايات المتحدة الأمريكية؟ لا أريد التحدث كثيرا عن الجزار ولكن يكفى أن أقول لك أن رامى هو أحد مصادر الإلهام والقوة بالنسبة لى، خاصة وأن رامى من اللاعبين القلائل الذين يمتلكون اصرار رهيب على تحقيق أهدافهم.

اليوم السابع


تعليق واحد