تحقيقات وتقارير

مسجد الجامعة.. من هنا تبدأ وحدة الإسلاميين


مثلما كان ظهوره أيام المفاصلة الأولى في مسجد جامعة الخرطوم قبل نحو (17) عاماً، يهدّئ النفوس تمهيدًا لرأب الصدع بين الإسلاميين والتي كان يرأس لجنتها، ها هو بروفسيور عبد الرحيم علي يعاود المحاولة مرة أخرى أمس بذات المكان وباختلاف الزمان في أعقاب رحيل الشيخ (الرمز).. وأمس الجمعة عاد لمسجد جامعة الخرطوم بريقه الذي خبا طيلة تلك السنوات حين تداعى مئات الإسلاميين من مختلف التيارات ليشهدوا ويستمعوا إلى ذات أشواق التوحد والفكرة، أتوا عبر دعوة وجهت لهم ليكون حضوراً لبداية مرحلة جديدة، فاكتظ مسجد الجامعة ـ الذي يعتبر أحد معاقل الإسلاميين منذ نشأتهم ـ بالمئات من المصلين بعد أن كان لا يتجاوز الصفوف الأولى، ورصدت (الصيحة) حفاوة الاستقبال من قبل الإسلاميين رغم فجيعتهم في الشيخ الترابي .. فلقاء أمس الجمعة يعد خطوة أولية لتهيئة النفوس لوحدة قريبة للإسلاميين وعودة للصف المسلم وتجاوز كل المحطات المؤلمة واستلهام العبر من السابق..

تذكرة بالموت
في بداية حديثه خلال الخطبة، حمد بروفيسور عبد الرحيم علي الله تعالى، وأثنى عليه، مشيراً إلى أن الموت سنة ماضية، وأنه سيطال الجميع وتبقى العظة هي المستفادة من تكرار هذه السنة، منوهاً إلى أن الدعوة الإسلامية مضت نحو غاياتها وواصلت انتشارها حتى بلغت أوروبا بل في القطب الشمالي، وهو انتشار يؤكد بأن الاسلام ما بقي مكان في الأرض إلا وصله.

وانتقد علي سعي الغرب الدؤوب واعتماده على الحضارة المادية التي أرادت أن تفرض منهجها على العالم أجمع في المناهج التربوية وفي السلوك والعادات بل في شتى مناحى الحياة من مأكل وشراب، مشيراً إلى أن الإسلام دين شامل لكل مناحي الحياة وفي وسط هذه المادية الشرسة من العالم الغربي برزت الحركة الإسلامية.

الله غايتنا
وعدد علي كسب الحركة الإسلامية الدعوي في المجتمع والمدارس والجامعات والذي انطلق وفق شعارها الذي ظلت تشحذ منه همم عضويتها أن الدين واحد وأن الشريعة هي شريعة الله سبحانه وتعالى ومنهج والرسول قائدنا وهو الشعار الذي بات يميزها من بين كل التيارات المسلمة (الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا)، مؤكداً بأن الحركة الإسلامية جماعة إصلاحية تهدف إلى الإصلاح في المجتمع المسلم.

تحديات الحركة
وسرد شيخ علي مجاهدات الحركة الإسلامية تجاه إصلاح المجتمع في وقت سابق من تاريخ السودان، حين سيطرت على الخرطوم الكثير من بيوت الدعارة وحانات الخمور، فكان هم الإصلاح هو هم لدعاة الحركة الإسلامية الذين دعوا إلى دستور إسلامي عام 1964م وأن يقوم نظام الحكم في البلاد على الكتاب والسنة، مشيراً إلى أن جامعة الخرطوم كانت بمثابة نواة هذه الدعوة، وقد كان للشيخ الترابي (رحمه الله) القدح المعلى في هذا الجانب، فهو الذي وجه العديد من الطلاب بالتوجه إلى الولايات والصلاة في المساجد مع كافة المواطنين والعمل على إصلاح المجتمع بالتي هي أحسن وقد كان التحدي الحقيقي أمام الحركة في ذلك الوقت، ومنذ أن نال السودان استقلاله الذي رأته الجماعة بأنه استقلال منقوص ولن يصبح استقلال حقيقي إلا بإقرار دستور إسلامي يحكم البلاد، وكانت الجامعات تضج بالنشاط المحموم بين التيارات السياسية، ودعا عبد الرحيم إلى وحدة الصف الإسلامي باعتباره أضحى ضرورة تتطلبها المرحلة.

رحيل مفجع
بعد صلاة الجمعة عقب القيادي بالمؤتمر الشعبي د. محمد العالم على حديث الخطيب (بروفسور عبد الرحيم)، ولم يكن تعقيباً على شاكلة الاستدراك والإضافة الفقهية أو التفسيرية أو غيرهما بل كان حديثا مباشراً عن ما تداعى إليه المصلون. العالم أوضح بأن الجميع يشتاق إلى وحدة الإسلاميين فيما بينهم، مؤكداً بأن هذه الغاية كان يعمل لأجلها الشيخ الترابي الى أن توفاه الله، مشيداً بالخطبة التي ألقاها البروفيسور عبد الرحيم علي التي عدد فيها مجاهدات الحركة الإسلامية ودعوته إلى وحدة الصف، مشيراً إلى رحيله الذي قال إنه كان مفجعاً لأهل السودان، وأضاف بقوله: (أي نبأ هذا الذي تزلزلت من هوله الأقدام حتى إن البعض قد قال: أفي هذا الوقت يرحل الشيخ؟ وأضاف توقف قلبه الذي كان يضج بالحيوية والنشاط داخل مكتبه. وكشف العالم عن تكوين لجنتين للتدابير عقب وفاة الترابي لجنة إدارية تنظر في أمر الترتيبات ولجنة أخرى تنظر في من يخلف الشيخ، كما أكد على اجتماع الأمانة العامة للمؤتمرالشعبي في الحادية عشرة مساء عقب الوفاة لتسمية خليفة الشيخ قبل أن يوارى الثرى. وقال: فقد كان لها ما أرادت وفي حوالي الواحدة صباحاً اختارت خليفته الشيخ إبراهيم السنوسي وفقاً للنظام الأساسي.

دقة متناهية
وقال إن الشيخ حسن رحل وترك خلفه فراغاً عريضاً وترك برنامجاً واضحاً وحواراً بدأ بجلسات مع الرئيس مباشرة، وإن هذا الحوار فيه فرصة للسودان وللحركة الإسلامية بأن يكون حواراً صادقاً شفافاً، داعياً إلى إنفاذ مخرجاته حتى تكون مهراً لأهل السودان، كاشفاً عن اختتام جلسات الحوار بين الشيخ الترابي ورئيس الجمهورية بالتعهد على الالتزام بالعهود . وأضاف: رحل وتركنا في هذا المحك وفي هذا الحوار الذي قطع شوطاً كبيراً، وقد أكد لنا الشيخ قبل رحيله بأن لا مجاملة في مسألة الحريات وقضايا الحكم والسلطة والتجديد للناس مضيفاً: يجب علينا جميعاً أن نكون قدر الابتلاء وأن نكون صادقين، واختتم العالم حديثه بقوله: رحل الشيخ وترك كل شيء مرسوماً بدقة متناهية حتى المنظومة الخالفة التي يجتمع حولها كل أهل السودان.

مشاهدات

– وحدة الصف الإسلامي وأشواق الإسلاميين تم التعبيرعنها بعفوية خلال الحديث الذي ألقاه القيادي بالمؤتمرالشعبي د. محمد العالم، وقد هتفت جموع المصلين بمسجد الجامعة بهتاف وحدة قوية إسلامية

-خلال رصدنا لخطبة الجمعة بمسجد الجامعة لاحظنا غياب قيادات الصف الأول بالمؤتمر الوطني في صلاة الجمعة التي كان يتوقع أن تضم كافة الإسلاميين ووحدة لُحمتهم مرة أخرى.

– نائب رئيس حركة الإصلاح الآن حسن عثمان رزق تابع حديث العالم باهتمام بالغ .

– حضر العديد من أمراء المجاهدين في صلاة الجمعة وعلى رأسهم صديق رباعي.

-حضر العديد من القيادات الطلابية للمؤتمر الوطني على رأسهم النيل الفاضل.

-اهتمام متعاظم من أجهزة الإعلام برصد خطبة الجمعة من مسجد جامعة الخرطوم وحضور عدد من مراسلي القنوات السودانية منها الشروق وتلفزيون السودان وعدد من محرري الصحف.

تقرير: عبد الهادي عيسى
صحيفة الصيحة