احلام مستغانمي

نزعتي للإحسان مع الشيخ مامادو والشاب السكران ..! (1)


صار بإمكاني أن أضحك وأنا أستعيد ذكرى حماقاتي ، وكم كلّفني حماسي منذ طفولتي لمساعدة الآخرين .
أولّ كفٍّ تلقّيته كان بسبب إحساني . كان من أبي ، وكانت المرّة الوحيدة التي ضربني في حياتي . فقد كان بإمكانه أن يصفعني بكلمة ، يكفي أن يقول بالفرنسيّة ” تستاهلي كفّ ” لأشعر بصفعته ، وأبكي طوال الليل . كان عمري 12 سنة ، وكنت عدت متأخّرة إلى البيت بساعة ، ولم يصدّقني حين قلت أننّي التقيت في طريق عودتي بعجوز، وحملت عنها قفّتها حتى بيتها . كان ارتباكي أمام غضبه يوحي بأننّي أكذب ، وأبي لا يطيق الكذب ، فصفعني صارخا ” أريدك هنا حال خروجك من المدرسة ! ” بكيت طوال اللّيل ، وحزنت كثيرا فقد رفض أبي لأيام أن يكلّمني . واصلت برغم ذلك مساعدة العجائز أينما صادفتهن ، فأنا لا أطيق رؤيتهن يحملن فوق طاقتهن ،ثمّ كنت أحبّ جمعَ دعوات الخير منهن بالذات ، هوايةٌ لازمتني كل العمر.آخر مرة كانت ، حين سافرت مصادفة إلى الجزائر مع صديقتي الغالية خديجة بن قنة ووالدتها ، فأصرّيت طوال الرحلة على أن أحمل عن والدتها كلّ ما كانت تحمله ،حتى أن خديجة قالت لي مازحة ” أفسدتِ علاقتي بأمي . .لقد صارت تعيّرني بك ! ”
كان عمري 18 سنة ، حين خرجت أمي عن صوابها وشاب سكران ينادي باسمي مساءً في الشارع بأعلى صوته ، كي أسمعه في الطابق الخامس ،فأنزل لأعطيه مالاً ، فيطلّ كل سكان البناية من شرفاتهم ليروا ما الخطب .
كان أبي وقتها في المستشفى منذ أشهر ، وأمي صارمة في تربيتنا ، و وجدَت في الحادثة فضيحةً يصعب تبريرها للجيران . عبثاً حاولت أن أشرح لها أن الشاب زميل في الجامعة شكى لي حاجته ، كونه ابن شهيد ويعيل اخوته الخمسة ، فاعتدت بين الحين والآخر مساعدته ، ثمّ توقّفت عن ذلك عندما بدأت أشكّ في أمره . طبعًا ما توقّعت أن يلاحقني حتى البيت ليطالبني بالمال .
قضيت الليل أبكي وأمي تعيّرني و تهدّدني بإخبار أبي . يتبع …

2011