سياسية

غرب كردفان.. بين عواصف الانشطار ونسائم الوحدة


ولاية وسط كردفان .. مطالب تتجاوز صوت الشارع

أبوكلابيش: الولاية استحقاق وليس حديثاً للونسة

قيادات: المحليات الشمالية لغرب كردفان اكتوت بنيران الظلم

أمير دار حمر: من يصف مطلبنا بالعنصرية واهم وهذه أدلتنا

قيادي: الولاية الجديدة تشتيت للجهود وبحث عن مصالح ذاتية

الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً نهاية الأسبوع الماضي قبل أن تتحرك بنا سيارة الأجرة صفراء اللون من الموقف العام بالأبيض في طريقها إلى مدينة النهود وهي ما تعارف عليها محليا باسم (الدوام لله) ولعل التسمية أرجعها البعض لتكرار الحوادث غير أنها تبدو مريحة وأسعارها في متناول الجميع، وربما تهور بعض السائقين هو ما دمغها بهذا الاسم لكن تبقى الحقيقة أن المسافة بين مدينتي الأبيض والنهود بغرب كردفان لا تتجاوز الساعتين فقط ودون سابق تخطيط فقد مثلت هذه الرحلة مدخلاً لهذه القضية مع بداية الرحلة ومشاهد آليات الطرق والجسور تقوم بعمليات صيانة على الطريق وترقيع للحفر والتي ظلت تشكل هاجساً لمستخدمي الطريق حين قال أحدهم (أنا ما عارف النهود دي ليه الحكومة ما دايرة تعمل فيها طرق اسفلت) هنا تدخل من كان يجلس بجواره قائلاً (دي خيرا لي غيرا)، وما لم تستجب الدولة بقيام ولاية وسط كردفان فلن ينصلح حال مدينة النهود وحتى المحليات الشمالية الأخرى وعلى هذا النهج ظل النقاش متواصلاً حتى تكشفت الحقيقة التي ذهب اليها أحدهم فوجدنا مدينة النهود بلا طرق مسفلتة وكأن واقع الحال يفرض الأسئلة لماذا المطالبة بولاية جديدة؟ ومن هم الذين يطالبون بها؟ وهل المطالبة عنصرية أنها غير ذلك؟ كل هذا يجيب عليه التحقيق التالي.

النهود: محمد أحمد الكباشي

أصل الحكاية

لم يكن النقاش الذي دار اثناء الرحلة هو الوحيد الذي يفتح باب المطالبة بالولاية الجديدة بل إن مواقع التواصل الاجتماعي نشطت هي الأخرى بالمدونات المطالبة بإنشاء ولاية جديدة. ويرى القيادي عبد الله محمد محمود وأحد رموز مدينة النهود في حديثه للصيحة أن رغبة المواطن بالمحلية وبقية المحليات الشمالية هو تنفيذ وعود سابقة من قبل الدولة لإنشاء محلية وسط كردفان، مشيرًا الى أنهم كمواطنين لا يتمتعون بما تنتجه المحلية وغيرها من ثروات ضخمة، وقال إن المنطقة مؤهلة لأن تكون ولاية ليس الآن فقط ولكنها قبل عشرات السنين وبها كل المؤسسات مقارنة مع ولايات قائمة الآن. وقال هذه هي رغبتنا ورغبة كل مواطن حتى لا تتبعثر هذه الإمكانات وكان لها دور كبير في تنمية وتطوير ولاية شمال كردفان عندما كانت جزءاً منها وكذلك أسهمت بصورة كبيرة في تأسيس وقيام ولاية غرب كردفان والآن جاء دورها لا تكون ولاية بكل هذه الإمكانات وإن كان الرأي مطلبا جماهيرياً. وأضاف: نحن في حاجة الى وقفة من المركز لتكوين لجنة لمعرفة أسباب التخلف لأنه هنا كنا نتمنى أن يكون هناك نفير ليوحد كلمة الناس ونخشى على النسيج الاجتماعي من السياسات القائمة لأن تؤدي الى ما لا يحمد عقباه في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة للحوار لتوحيد الكلمة والرأي، ولكن هذا ما تفقده مدينة النهود ولا توجد دعوة لهم فالمواطن في جهة والمسؤولون في جهة أخرى.

رأس مال جبان

وإذا كانت الدعوة السابقة تساند قيام الولاية الجديدة إلا أن رؤية مختلفة تذهب في غير ذلك، حيث يرى التيجاني عبد الرحمن الشيخ رئيس منظمة معنى بالنهود للأسف برزت مجموعة تطالب بولاية وسط كردفان ومع احترامنا لهذا الرأي إلا أننا في الواقع لم نستطع الاستفادة من مواردنا الذاتية لتنمية المحلية، وكيف أنها ظلت تذهب الى عاصمة الولاية الفولة أيضاً هذه الموارد ستذهب إلي المركز، والآن لا توجد أي بنيات تحتية تؤهل النهود وغيرها من المحليات التي تنادي بهذا الأمر لم تكن مهيأة، لذلك وحتى رأس المال الموجود هنا يصنف ضمن رأس المال الجبان لأنه يتعامل في استثمارات العائد لديها منظور وهذه واحدة من الإشكاليات الموجودة بمدينة النهود، وللأسف عندما يتم التحرك لأي عمل شعبي يتم تصنيفه ونحن قررنا عمل منظمة طوعية وعانينا كثيراً لتسجيلها وبدأ التصنيف سياسياً، ولذلك الجهد السياسي بدأ يصنف على الأساسي السياسي الضيق.

أشواق وأمنيات

فيما سارت وتيرة الأحداث في دار حمر غلياناً حين خرجت عن بكرة أبيها في مسيرة هادرة في بالنهود شاركت فيها الفعاليات والقوى السياسية المختلفة المشاركة في الحكومة والمعارضة تطالب بولاية وسط كردفان وعاصمتها النهود، وهذا ما يشير اليه السر آدم لازم الأمين العام لمفوضية التمويل الأصغر ولاية غرب كردفان والنافذ في العمل السياسي وسط كردفان، مؤكداً أن الدعوة الى قيام وسط كردفان واحدة من الهموم والتحديات والأشواق التي يبحث عنها مواطنو ولاية شمال غرب كردفان خاصة وأن النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه قد أشار الى ذلك إشارات واضحة خلال عودة قيام ولاية غرب كردفان ومن خلال المذكرة للقطاعات توفير الظل الإداري وتوفير الخدمات في ظل ولاية تفتقد الطرق المسفلتة وتعاني جملة من القضايا.

ولكن هل من حلول وسط يمكن أن ترضي جميع الأطراف؟ وللإجابة على هذا السؤال ترى قيادات سياسية أن الحل الأمثل أن تتقدم مجموعات بجنوب الولاية الحالية بتنازلات كبرى تناسب تعداد تكوينات المناطق الأخرى السكانية والفوارق التنموية والخدمية. فيما يشير القيادي محمد أحمد الطاهر أبوكلابيش القيادي بالوطني وعضو البرلمان الى أهمية قيام ولاية وسط كردفان وعاصمتها النهود. وأضاف في حديثه للصيحة هذا ما صدحت به من قبل وكل الجهات المسؤولة تعلم ذلك، وزاد لم أتناوله في ونسة أو عبر وسائل التواصل ودعمت هذا الرأي بإحصائية تخص المحليات الست، وهي النهود والخوي وأبوزبد وغبيش وود بندا والأضية، وقلت هذه المحليات تستحق أن تكون لها ولاية قائمة بذاتها، وكان ذلك أمام وفد النائب الأول السابق الأخ علي عثمان محمد طه، وكان ردهم أن هناك عددا من المحليات قد طالبت بذات الطلب حتى قبل قيام ولاية غرب كردفان، وكان ردهم أن هذا سيفتح مجالات أخرى ولكن قناعتي – والحديث لأبوكلابيش – المحليات التي أشرت إليها تحتاج الى ولاية ولديها مشكلات في الصحة والتعليم وغيرها وهي بذلك تحتاج الى ولاية، ولكن في ذلك الوقت لم نجد استجابة، ولكن كان هناك وعد لإنشاء صندوق لتنمية المحليات، ولكن هذا الأمر وقف عند حده ودافع أبوكلابيش وللذين يتحدثون عن كونها مطالبة عنصرية قال ابوكلابيش هذا اتهام باطل بدليل وجود نظارة للبديرية والجوامعة والكبابيش والكواهلة وليس ذلك مجرد كلام، فالشوايقة لهم عمودية ومحكمة داخل النهود، وكذلك شرتاوية ومحكمة قليصة الحوار حقوا.

الأمير مع الانفصال

وعلى غير ما يتوقع كثيرون فإن موقف أمير دار حمر عبد القادر منعم منصور نفسه يعضد قيام ولاية جديدة وقطع ذلك خلال حديثه للصيحة، مشيراً الى أن التعداد السكاني يمثل ثلثي سكان ولاية غرب كردفان، مبينًا أن مطالبتهم بالولاية لم تكن وليدة لحظة بل إنها قبل عشرين عاماً مع بداية قيام الولايات. وقال وعدنا الرئيس بذلك وسنظل نطالب بهذا الأمر مهما كلفنا، ولدينا إجراءات سياسية.

وأبان أن ولاية غرب كردفان قائمة على أكتاف المحليات الست الشمالية وقال إن الدولة لا تفكر في عمل مشاريع تنموية في النهود، وكل ما موجود الآن قائم على أكتاف المواطن وكل مدن السودان تنعم بطرق الاسفلت، ولا زالت النهود تبحث عن هذه التنمية، ولو تم صرف ربع المبالغ التي تخرج من النهود لكان الوضع مختلفاً، لكن الدولة لا تفعل شيئاً. الصرف كله بالفولة، وأشار أمير دار حمر الى أنهم سينتهجون كل الأساليب للمطالبة بولاية وسط كردفان بما فيها الحوار الوطني، وعبر القنوات في مجلس الولايات، وغيرها من أشكال المطالبة المتاحة.

استهلاك سياسي

ويقول آدم خيار الأمين العام لاتحاد الرعاة بولاية غرب كردفان، هذه كانت فكرة والآن صارت قضية منذ العام 2012 وهي وعد من الدولة لمواطني المحليات الست وعاصمتها النهود، ويضيف أنه نتيجة لبعض التقاطعات السياسية، وعبر جلسة موثقة بوجود كافة القيادات تم الاتفاق على ذلك، وقال: هناك مذكرة داخلية مع النائب الأول السابق علي عثمان تنص على أن تكون العاصمة النهود 2012 وأن تكون فيها ثلاث وزارات والمجلس التشريعي وأن تكون الجلسات بالتناوب الى جانب قيام هيئة للتنمية، ولكن كما يقول خيار كل هذه البنود لم تر النور فصارت سبباً أساسياً لتحريك الشارع للمطالبة بالولاية، ولعل أسباب هذا هو عدم اندياح التنمية بهذه المحليات، ودلل على الأوضاع بمستشفيات غبيش والنهود، وكذلك خدمات التعليم والمياه ظلت هي الأخرى تتراجع إلى الوراء. وقال إن ما يثار في الإعلام حول التنمية بالمحليات الست ما هو إلا محض افتراء.
فالدرسات التي قدمت من حيث عدد السكان والاشتراطات بمعايير الحكم اللامركزي وإمكانيات الولاية وأبرزنا ذلك في كتيبات، وأكدنا أنها ستقوم بأسنانها، وقال: ظللنا ندعم ولاية غرب كردفان بـ 85% من الإيرادات مما يؤكد أن المحليات الشمالية منتجة وهي ذات رقعة جغرافية واسعة والمطالبة حق وفق المعايير ولن يهدأ إلا بتحقيق هذا الطلب.

ويقول مهند أحمد رحمة الله الإمام للصيحة هنا لا بد أن أحيي جميع مواطني محليات ولاية وسط كردفان المقترحة غبيش النهود الخوي وودبنده والاضية وأبوزبد على صبرهم ووقفتهم مع حكومة الإنقاذ منذ العام 1989م وحتى الآن، وقال إن هذه المحليات ظلت تطالب بولاية منذ زمن بعيد بطرق سلمية معبرة عن وحدتها وتماسكها بل ظلت صابرة صامدة في كل وعد لها من المركز بقيام ولايتها واكتملت كافة العناصر التي تمنحها الولاية من رقعة أرض وموارد وتعدد سكاني مميز يعتبر الأكثر تماسكاً حيث تسكنها أكثر من 33 قبيله متعايشة سلمياً مؤسسة لوحدة وجدانية مع جميع مكونات الولاية وانطلاقاً من هذه المعطيات، وطالب مؤسسة الرئاسة والمجلس الوطني ومجلس الولايات ومجلس الوزراء والمكتب القيادي وشورى المؤتمر الوطني لتعضيد الطلب وصولاً للموافقة عليه مبيناً أن الولاية المقترحة وسط كردفان تمثل قلب السودان النابض لما تتمتع به من إنتاجية عالية في الصمغ العربي والفول السوداني والكركدي وحب البطيخ والضأن الصحراوي (الحمري) والإبل والذهب وغيرها.
مصالح ذاتية

ويقول الصادق حامد الجبوري رئيس الاتحاد الوطني لمحلية السنوط المتتبع: لمواقع التواصل الاجتماعي يجد أن الدعوة لهذه الولاية أصبح واقعاً محسوساً، ومدعوماً من كثيرين مشيراً إلى الهيئة الشعبية لمناصرة الولاية الحلم ولهذا الجسم تحركات ماكوكية محلية ومركزية، بهدف إقناع المتمترسين أو الرافضين للفكرة هنا وهناك، وحتماً ستنجح هذه الهيئة طال الزمن أم قصر، وبصراحة، أقول إن حالة الولاية شمالاً وجنوباً تعيش حالة طلاق بائن، لم يتبق منها سوى أيام العدة والنفقة، ولكننا نتساءل. ونبحث عن إجابات عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى المطالبة، بقيام الولاية الوسطى وعدد الجبوري عدد من الأسباب للمطالبة بولاية وسط كردفان منها مركزة الإيرادات التي تأتي من المحليات الغنية بعاصمة الولاية الى جانب التهميش التنموي للمحليات الشمالية حيث تجاوز بعض القيادات من الاستوزار اتهام قيادات مؤثرة تتقلد المواقع القيادية بالولاية بتضييع حق شمال الولاية والاهتمام بأنفسهم والصراع الخفي بين المكون الإثني لشمال الولاية وبروز قيادات على حساب المرجعيات التاريخية
الى جانب صراع النفوذ كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى حالة الهياج الحالية، وأضاف الجبوري بأن هناك رغبة من القواعد بجنوب الولاية مؤيدة وبشدة للانفصال الاختياري أجملها بأكثر من 80%، ولكن هناك بعض الاشتراطات ستنقل للمركز في شأن المحليات التي يراد لها أن تشكل الولاية المنفصلة مبيناً أن هناك بعض الاشتراط تمثل مهددات أمنية للولاية الوليدة ما لم يتم التعامل معها بعقلانية، وبخلاف ذلك كما يقول الجبوري فإنها سيقضي على الأخضر واليابس غير أنه عاد وقال: نتمنى أن تفوت حكمة كبارنا هنا وهناك وتتجاوز هذه المعضلة ومن غير هذا بقيام الولاية الجديدة، أما إذا كان الهدف من زوبعة ولاية وسط كردفان ابتزاز سياسي لتحقيق مكاسب على حساب الآخرين وضغط على حكومة الولاية بقيادة الأمير أبو القاسم لينصب اهتمامها بالمحليات الشمالية على حساب الأخرى ظني أنه مطلب سيعقد المعقد وحتماً سيؤزم المأزوم حينها نطالب أن يتحول إلى العدالة التنموية وإحداث التوازن فيها على قدر الموجود بعيداً عن سياسة لي الذراع، وطالب الجبوري أن تكون المطالبة هادئة ومتزنة حتى تجد السند والعضد من جميع أبناء الولاية لأنهم أصحاب شمالاً كانوا أو جنوباً

ولسماع الرأي الرسمي حول تداعيات المطالبة بولاية جديدة والحراك الذي تشهده المنطقة أجرينا عدة محاولات للاتصال برئيس مجلس الولايات د. عمر سليمان إلا أن الرجل اعتذر من الوهلة الأولى عبر رسالة بأنه في اجتماع ولكنه لم يرد على اتصالنا في محاولات متعددة.

 

 

الصيحة