يوسف عبد المنان

في “الدويم”


{ أمضيت سحابة نهار أمس (السبت) في ولاية النيل الأبيض وعاصمتها الثقافية “الدويم” في رحلة برفقة المهندس “إبراهيم محمود حامد” مساعد رئيس الجمهورية بتلك الصفة، كرجل دولة في القصر دون اقتران بصفته الحزبية كنائب للرئيس لشؤون حزب المؤتمر الوطني. ومن واقع مسؤوليته التنفيذية كمساعد للرئيس كانت الاجتماعات في مقر بخت الرضا حول الموسم الزراعي السابق وتحضيرات الموسم الزراعي القادم.. لأكثر من ثلاث ساعات كانت قضايا كهربة المشاريع الزراعية ببحر أبيض حاضرة.. ووسط احتجاجات المزارعين وحكومة الولاية ومحلية الدويم أصدر المهندس “إبراهيم محمود” قرارات بمد المشروعات الزراعية بالكهرباء القومية التي تعبر أراضي النيل الأبيض (مروراً) لإضاءة مناطق أخرى من السودان، ولا نصيب لمواطني تلك الولاية من الكهرباء القومية مثلما انتقصت حقوق بحر أبيض في نصيب من مشروعات السكر في كنانة والنيل الأبيض ومشكور.. ولكن الدكتور “عبد الرحمن ضرار” وزير الدولة بالمالية أعلن عن قسمة لتحمل نفقات توصيل الكهرباء للمشاريع الزراعية وفق نسب ثلاثية، (50%) تدفعها المالية الاتحادية فوراً و(25%) تدفعها حكومة الولاية خصماً على الاعتمادات الجارية، و(25%) يتحملها المواطنون..ووجدت تلك الصيغة ارتياحاً من المواطنين بعد أن قاد الدكتور “عبد الحليم إسماعيل المتعافي” ذلك الاتجاه العملي وقدم د. “المتعافي” الذي جلس أمس وسط المزارعين بعيداً عن مقاعد المسؤولين اعترافات، بأنه خلال توليه منصب وزير الزراعة وضع كهرباء المشاريع الزراعية في ولايتي نهر النيل والشمالية كأولوية على النيل الأبيض رغم أن تكاليفها في الشمالية أضعاف توصيلها بنهر النيل.
وذهب”المتعافي” ليقول إن الحكومة بعد توصيل الكهرباء أخذت تبحث عن مزارعين بينما في النيل الأبيض يوجد مزارعون ولا توجد كهرباء.
وفي منطقة وكرة على الضفة الغربية لبحر أبيض وقف المهندس “إبراهيم محمود” على تجربة زراعة أنواع محسنة من القمح الذي يزرع في درجة حرارة مرتفعة ولا يتأثر بالرياح ولا الحرارة خلال شهري فبراير ومارس، وقد كشف وزير الزراعة بروفيسور “إبراهيم الدخيري” عن إنتاج الفدان لـ(20) جوالاً من القمح بسعر مدعوم من الدولة بواقع (400) جنيه للجوال، فإن حصيلة الفدان الواحد تصل إلى (8) آلاف جنيه ويزرع أصغر المزارعين (50) فداناً في الموسم، ليصل عائد المزارع الواحد لنحو (200) ألف جنيه وهي عائد كبير ومجزي جداً للمزارع.. ومع عائد الزراعة المجزي ودعم الدولة لمزارعي القمح وتجاهلها لمزارعي الذرة، فإن المساحة التي زرعت في العام الماضي بمشاريع النيل الأبيض في القطاعين المروي والمطري لا تتجاوز الـ(30%) من المساحة الكلية المخطط زراعتها بسبب شح الأمطار وعجز الحكومة عن تطهير القنوات والترع. وفي منطقة وكرة هناك جمعيات زراعية ناجحة جداً قدمت تجربتها بين يدي الوفد الرفيع الذي رافق مساعد الرئيس وهو وزير زراعة سابق. ومثل خطاب والي النيل الأبيض د. “عبد الحميد موسى كاشا” مزيجاً من البساطة والحزم، حيث أعلن عن إلغاء اللقاءات الجماهيرية والاستعاضة عنها بما أسماه “كاشا” بسياسة (أمسك لي ونقطع ليك). وقال إن اللقاءات الجماهيرية لا جدوى من ورائها ولا تعدو كونها هتافات الله أكبر…. الله أكبر وينصرف الناس دون مناقشة قضايا المواطنين الحقيقية.. وفتح “كاشا” في لقاء المزارعين بمساعد الرئيس الباب واسعاً للمزارعين للتعبير عن رؤيتهم لمختلف القضايا دون حجر لرأي.. وقبل عودة الوفد مساء للخرطوم التقى “إبراهيم محمود” بقيادات المؤتمر الوطني بمحلية “الدويم”، ولكنه تحدث في الشأن العام وقضايا الحوار الوطني بعيداً عن الشأن التنظيمي. وقد كشفت زيارة “محمود” بعباءته التنفيذية أن ما يثيره ابن “الميرغني” من تهميش لا يسنده منطق في الواقع وقضايا الولايات ومشكلات الزراعة والري والرعي، من شأنها استيعاب كل طاقات المساعدين ولكن أين الهمة!!