صلاح حبيب

ميتة وخراب ديار!!


يقول المثل السوداني (ميتة وخراب ديار)، ودائماً يضرب هذا المثل في من يفقد عزيزاً من الأسرة ومع هذا يصرف مبالغ مالية طائلة ما يؤدي إلى خراب الديار بسبب الإنفاق الطائل.. هذا المثل ينطبق على إحدى الشركات جاءني أحد المسؤولين فيها وقد تعرضت للسرقة بمنطقة قري الحرة. قدم لي هذا المسؤول خطاباً من إدارة جمارك المنطقة الحرة بقري تطالب بسداد رسوم مسروقات من مستودع الشركة التي تعرضت للسرقة بالمنطقة الحرة بقري وهي عبارة عن (918) كرتونة مقاسات مختلفة من “السفنجات” التي فتح بلاغ بسرقتها بالرقم (31/2016م) تحت المادة (174)، ولم يعرف أصحاب الشركة كيف تعرضت بضاعتهم للسرقة وكيف تمت ومن المسؤول عن تلك المخازن، وكيف سرقت هذه الكميات الكبيرة في ظل حراسة مشددة تمنع أخذ إبرة من تلك المنطقة؟! المستغرب له في خطاب إدارة الجمارك كيف تطالب الجهة التي سُرقت مقتنياتها بسداد قيمة المسروقات في حين أن الجمارك يجب أن تبحث عن الجهة التي قامت بالسرقة في منطقة يصعب الدخول إليها إلا عبر إذن ووسط إجراءات مشددة للغاية.
المشكلة الآن ليست في سرقة مقتنيات سودانيين، لكن المشكلة في أن هنالك مقتنيات لأجانب وضعوها وكلهم ثقة في أمانة السودانيين، فإذا تأكد أن هناك لصوصاً يسرقون مقتنيات الآخرين في منطقة من الصعب دخول أي شخص ما لم يكن هناك إذن مسبق بدخولها، فهذا يعني أن هناك تدبيراً تم للقيام بالسرقة أو أن هناك تخطيطاً مسبقاً لسرقة مقتنيات المودعين.
لقد انعدم الضمير الإنساني، وأصبحنا نفقد الثقة يوماً بعد يوم في كل من يؤتمن على أموال الآخرين، لقد أصبحت مؤسساتنا عرضة للفساد والمفسدين، وأصبحت خطط السرقة تدبر بأحكام حتى لا ينكشف أمر اللصوص وأولئك المفسدين، لكن الرقابة الإلهية موجودة كما الكاميرات التي توضع في المولات الكبيرة، والكاميرا الإلهية تكشف أدق الأسرار وتكشف أولئك اللصوص إن كانوا قد أمنوا أنفسهم أو حصنوها من الكشف.. فكم من سرقة تم كشفها في أقل من (24) ساعة، وكم من سرقات ظن اللصوص أن أمرهم لن ينكشف وتوصلت إليهم الأجهزة الأمنية.. لكن السؤال هنا وفي هذه السرقة كيف تتم عملية سرقة في مكان محصن ولا يمكن أن يخرج الشخص من بوابته ما لم يتعرض للفحص والتفتيش الدقيق؟ وكيف تتعرض مخازن محكمة الإغلاق إلى الكسر والنهب ولا أحد ممن كلف بالحراسة يكتشف سرقة بلغت مليارات الجنيهات؟!
والأمر الثاني مطالبة الجمارك بسداد قيمة المسروقات، كيف تسدد الجهة التي نهبت مقتنياتها للجهة التي كانت هذه المقتنيات في عهدتها أو في عهدة جهة أخرى؟ إن منطقة قري الحرة هي المعنية بتأمين ممتلكات الشركات، وفي حال تعرض ممتلكاتها للسرقة فهي المعنية بردها وألا تكون قد خانت الأمانة، ولتبرئة ساحتها عليها كشف اللصوص إن كانوا داخل المنطقة أو من خارجها حتى لا يفقد الناس الثقة فيها.