صلاح الدين عووضة

ورغم (حمادة) !!


* وألملم أطراف مشاهداتي المتفرقة في خواتيم زيارتي لمصر ..
* مشاهدات بعضها مؤلم، وبعضها مضحك، وبعضها خليط بين هذا وذاك..
* ولكن من ملاحظاتي العامة أن شعب مصر لم يعد هو (ابن النكتة) ذاك الذي (يضرب الهم بالضحك) ..
* فهو صار شعباً” مكتئباً” – على غير عادته- عدا حالات نادرة تذكرك بالذي مضى ..
* فحتى أيام ثورتهم ضد مبارك لم يتخل المصريون عن روح المرح التي اشتهروا بها ..
* ومن مظاهر المرح هذه رفع أحدهم لافتة – وهو جالس – كتب عليها (إستقيل، إيدي وجعتني) ..
* وآخر رفع لافتة كتب عليها (إستقيل يعني إمشي، إمكن ما بفهمشي) ..
* وثالث رفع لافتة كتب عليها ( كفاية بقى يا حسني، وبلاش تناحة) ..
* أما اللافتة التي يجب أن ترفع في وجوه المصريين الآن فهي (كفاية بقى وبلاش تعاسة) ..
* بل إن من المصريين هؤلاء من صار يحسدنا نحن السودانيين ..
* يحسدنا على اللحمة، وعدم الزحمة، وتوافر الرحمة ..
* ولكن أغرب ما يحسدوننا عليه هو الذي كان سمة مميزة لهم إلى وقت قريب..
* وأعني الميل إلى (الفرفشة) وخفة الدم وحب النكتة ..
* ويكفي أن واحد” (مثلي) أضحك الذين كانوا حضورا” باستقبال (ماسبيرو) عند زيارته له .. فقد كنت في انتظار من يأتيني ليصعد بي إلى المكتب المعني ..
* فلما جاء رحب بي ترحيباً” حاراً قبل أن يضطرب -جأة- كغصن شجرة في يوم عاصف ..
* فهو لم ينتبه إلى أن الرخام تحته كان قد غسل للتو ..
* فلما تمالك نفسه واصل ترحيبه قائلا” (أصلهم وصوني عليك يا فندم) ..
* فأجبته قائلاً” بلهجته المصرية (وصوك عليا آه، ولكن ما طلبوش منك ترقصلي عشرة بلدي)..
* ثم كدت أن أضطرب أنا نفسي اصطخبت القاعة بضحك لم أدر له سبباً ..
* وسمعت من يقول من بين الضاحكين (بقالي زمن ما ضحكتش بالشكل ده ) ..
* فأدركت – أكثر – أن شعب مصر قد فاق السودانيين تجهماً ..
* ثم فاقه في كثير مما كنت أعيب عليه الهابطين بالذوق العام منا ..
* فالغناء هنا أضحى أشد هبوطاً، والأزياء والرقصات والثقافات والاهتمامات كذلك ..
* وسائق التاكسي الذي يعود بي يتحسر على أيام الضحكة والنكتة والقراءة وبساطة الحياة في مصر ..
* ثم يعقد مقارنة – ليست في صالح بني جنسه- بين شعبي شمال الوادي وجنوبه ..
* ولا أدري إن كنا نحن الذين (تقدمنا) أم مصر هي التي (تقهقرت) ..
* ولكن ما أنا متأكد منه أن الدولار يتقهقر أمام عملتهم هذه هذه الأيام ..
* بينما يتقدم أمام عملتنا نحن حتى بلغ – حسبما سمعت هنا- تخوم الرقم (12)..
* ورغم ذلك فنحن – من واقع مشاهداتي هنا – أفضل حالاً..
* أفضل حالاً رغم زيادات الغاز والمياه والكهرباء والأسعار ..
* ورغم طائرتي سودانير (اللي حيلتنا) من بعد أسطول ..
* ورغم (سخافات) مامون حميدة في مجال الصحة ..
* ورغم (الساتا وحمادة وولي !!!!) .