حيدر المكاشفي

في سيرة السيارات.. عربيتو كورتينا والريحة كارينا


ربما بسبب حالة الضجر والسأم التي مازلت أكابدها، وربما لسبب آخر لم أدرك كنهه بعد، أو ربما بسبب فقداني لسيارتي (نصف عمر) بسبب انقلابها الذي تسببت فيه البلدية، لم أجد ما يستوقفني من أخبار صحف الخرطوم الصادرة أمس، غير خبر الغراء (المجهر) الذي يتحدث عن المهرجان الذي أقيم لأول مرة بالسودان للسيارات، وضم أكثر من عشرين موديلاً من السيارات العتيقة، منها على سبيل المثال سيارة الحاكم الإنجليزي ونجت الخشبية (1905)، سيارة الرئيس الراحل جعفر نميري نيسان برزنت (1973)، سيارة الملك فيصل الأميركية كرايسلر إمبريال (1955)، وسيارة آمنة عطية أول سيدة سودانية تحصل على رخصة قيادة السيارات (1915)، وقد وجدت في هذا الخبر فرصة قد تشغلني عن حالة الضجر بالانشغال بالبحث في سيرة بعض موديلات العربات التي سادت في هذه البلاد، وكانت لها «شنة ورنة»، ثم بادت وطواها النسيان، أول ما عثرت عليه كان هو تلك الأغنية الدكاكينية التي شاعت في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، يقول مطلعها (راكب هنتر وعامل عنتر)، والهنتر لمن لم يسمعوا بها، موديل سيارات كانت لها شنة ورنة وقتها، قيل إن هرمنا الغنائي رحمه الله محمد وردي هو ناظم هذه الأغنية يهجو فيها الرئيس نميري رحمه الله، في أعقاب النجاح المؤقت لحركة هاشم العطا التي ساندها وردي، وقيل بل إنها قيلت في ضباط الأمن والمخابرات الذين كانوا يستخدمونها عهد ذاك، وربما تكون هناك روايات أخرى تنسبها لمصادر أخرى، ومن العربات العتيقة كانت هناك «الكونسول» والتي استخدمت كتاكسي لمدة وخاصة في مدن عطبرة وبورتسودان وشندي وكسلا والأبيض، و«الكورتينا» أيضاً وهذه من هيبتها نظموا فيها أغنية يقول مطلعها «عربيتو كورتينا والريحة كارينا»، ومنها «الفيات»، وكان الغريب فيها أن بابها الأمامي يفتح بالمقلوب إلى الأمام، و«المورس» التي ارتبطت بمشروع الجزيرة وموظفيه، و«الهيلمان» وكان يطلق عليها «الكانون»، و«البارلينا الحنينة»، و«الهنتر» وكان يقال على صاحبها «راكب هنتر وعامل عنتر»، و«الأوبل»، و«البيجو» ومنها «البيجو فور أو سكس 406»، المعروفة باسم «بيجو القاعة»، ويقال إن الرئيس الأسبق المرحوم نميري جلبها للضيافة، وأخيراً تم تمليكها لموظفي قاعة الصداقة بالأقساط المريحة، و«الفلوكسواجن» ويقال إن من أوائل من اقتنوها وامتطوها اللاعب الفذ نصر الدين عباس جكسا، حتى إن رجال المرور أطلقوا عليها «عربية جكسا»، و«البولمان» و«الفولجا والمسكوفيتش»، وهي سيارات روسية قيل إنها أُدخلت البلاد نتيجة مقايضة بمحصول القطن السوداني، بالإضافة إلى «اللادا» التي ارتبطت بالأطباء باعتبار أنهم أول من أدخلوها إلى السودان وامتطوها في النصف الأول من الثمانينيات، و«الڤولڤو»، وهكذا تعاقبت على البلاد أنواع وأشكال من موديلات العربات، ومن مختلف أنحاء الدنيا حتى هلَّ علينا موديل الشبح في زمان اللفح.