منى سلمان

حاج أب بردعة .. حجة بي ذنب ورجع بـ أربعة (1) !!


حاج أب بردعة حجة بي ذنب ورجع بي أربعة !!
في رحلة البحث عن الشفاء وبيقين ان الله جعل لكل داء دواء، كان قرارنا بخوض تجربة التداوي بالقرآن الكريم لعلاج شقيقتي الحبيبة من داء الكلى .. كنا في مدينة جدة بغرض الزراعة في منتصف التسعينيات، عندما شجعتنا الاخوات السودانيات هناك بتسجيل زيارة لمسجد كبير تقام فيه جلسات التداوي، والتي يقيمها شيخ شهير تناقل الناس اخبار كراماته وعدد الذين شفوا على يديه من كل داء عضال بفضل من الله ونعمته، حتى صار الناس يفدون اليه من شتى انحاء المملكة .. اخبرونا بان هناك ايام مخصصة لعلاج النساء وايام اخر لطرد شياطين الرجال ..
انزلنا أخي بجوار باب مصلّى النساء بالمسجد في الوقت المعلوم، وقد هالتنا الاعداد المهولة من جموع النساء التي تزحف نحو المكان .. راكبات وراجلات .. زرافاتا ووحدانا .. كانت الجلسة تقام في الوقت ما بين صلاتي العصر والمغرب، لذلك واعدنا شقيقي ليعود الينا بعد المغرب ثم انقشطنا وسط جموع الداخلات .. شقيقتي المريضة وشقيقتي الاخرى التي رافقتها طوال فترة الاستشفاء وأنا ..
عند مدخل المصلى وجدنا اخوات كريمات يقفن على عملية التنظيم الدخول بالاضافة لدورهن كـ متطوعات نظام عام لمراقبة الداخلات فكل من جاءت بزي مخالف أو مشاتر قدموا لها عباءة فضفاضة سوداء ..
اتخذنا مواقعنا جلوسا وسط الحشد وقد علت (ورجقة) الحريم حتى كاد المكان ان يتصدع بفعل ارتداد اصوات الضوضاء، وعندما لم يعد بالمكان حيز لموقع قدم طفل اغلقت الابواب في وجه الحشود الزاحفة على ان يحضرن في يوم اخر، ثم حملت احدى الاخوات المنظمات المايك وتلت علينا مجموعة من الارشادات والتوجيهات الصارمة ومنها انه وعند دخول الشيخ فعلى جميع الموجودات انزال النقاب على وجوههن ومن كانت سافرة الوجه فعليها ان تتجه غربا وتعطي ظهرها للشيخ، والتوجية باغماض العينين والاسترخاء طوال فترة التلاوة، بالاضافة للتحذير من الاقتراب من مجلس الشيخ أو محاولة الحديث معه او الخروج قبل انتهاء الجلسة ..
قمت وشقيقاتي بـ (كفي) الطرح على وجوهنا حالة كوننا لم نكن نضع النقاب وجلسنا في ترقب وفضول بداية الجلسة .. وبعد التأكد من التزام الجميع بالتعليمات والصمت دخل الشيخ وجلس عند المحراب بعيدا عن جموع النساء ثم بدأ التلاوة عبر المايكرفونات بصوت قوي عذب ..
للحريم مقولة لطيفة يقلنها عندما تأخذهن حماسة السرد (ما قايلة روحي بلاقيك واحكي ليك)، فلم اكن اتخيل ان تأتي مناسبة لأكتب عن الأهوال والغرائب التي شهدتها في تلك العصرية، فما ان بدأ صوت الشيخ في الانسياب الى اذان ووجدان السامعات حتى بدأ التململ على البعض .. تزايد التململ مع هز الرأس وتعالى صوت الانين .. قليلا قليلا تحول التململ لـ (رفسي) والانين الى صرخات مرعبة، فلم اطق ان استمر على اغماض عيني ففتحتهما مع اول رفسة اصابت كلوتي من احدى الممكونات .. المغمضين ليها شنو تاني ؟!!
من وراء نسيج الطرحة ظللت اتابع حركات الموجودات .. تزايد الصراخ وتعالت شلوحة الايدي في الجو ثم سقطت البعض على الارض فكانت منظمات الجلسة يسرعن بستر التي تسقط على الارض بملائة كبيرة حتى لا تنكشف على الشيخ .. مع استمرار تزايد التساقط والهياج لم تعد اعداد لجنة التنظيم بقادرة على مواكبة الحدث فاضطرن للاستعانة بالنساء .. النصيحة تستر الغايبة ..
كل ذلك وأنا مشدوهة بمتابعة الاحداث وأنا اتلفت يمينا ويسارا مع كل صوت (بردلوب) ينبئ بسقوط ممكونة جديدة، وفجأة انتفضت احداهن وصاحت بصوت رجولي خشن وكأنه يأتي من داخل بئر (حرقتني يا شيخ .. الله يحرقك) !!
حاولت النسوة اجلاسها ولكنها قاومتهم واندفعت فجأة نحو الشيخ وهي تزأر وتتوعده بالقتل، ولكن احدى عتاولة المنظمات اسرعت اليها وجندلتها بضربة ثم (بركت) من فوقها لتمنعها من الحركة و… فار المكان وقامت شياطين الحريم قرون .. قرون !!
مخرج:
مع تزايد اعداد قصص المعالجين الذين يتبعون اساليب جديدة وغريبة للعلاج احببت ان اقص تجربتي الشخصية لاستقصاء مظان العلاج غير التقليدي .. لضيق الحيز ووساع الموضوع نؤجل مواصلة الطرح لحلقة قادمة نحكي فيها عودتنا من رحلتنا تلك كـ حال ود أب بردعة حيث ذهبنا للاستشفاء من مرض فعدنا بـ اربعة ..
يتبع

(أرشيف الكاتبة)


تعليق واحد

  1. لكي التحية يا استاذة مت من الضحك وانا اتخيل المنظر من سردك الجميل والوصف الدقيق للجلسة
    كتاباتك تصلح مادة للدراما والكوميديا