منى سلمان

حاج أب بردعة .. حجة بي ذنب ورجع بـ أربعة (2) !!


مع مرور الوقت ومواصلة الشيخ تلاوة ايات الرقية الشرعية ، تحول المكان لـ (حلة بليلة) مشدودة في صقيعة يوم اربعاء وعقاب شهر .. كنت وشقيقتي نضع اختنا المريضة بيننا لنحميها من شدة الترافس حولنا، فعن اليمين كانت احداهن توحوح وهي تهز اصابع يديها كطفل اصابته جمرة بـ (تشة)، وعن اليسار أخرى تتمايل امام خلف كـ مجذوب في حلقة .. كان الصراخ والعويل يرتفع مع كل الجهات وعند تزايد اعداد المجندلات ارضا وحركتهن العنيفة المشوبة بالتشنج والرفس، انسحبنا مع القلة التي لم يبد عليها التأثر نحو اركان المصلى في نصف دائرة وتركنا الوسط ملعبا للمتباريات ..
انتهت التلاوة وصمت الشيخ واغلق المايكروفون، فهدأت البعض من النسوة وسرعان ما استعادة كل واحدة منهن السيطرة على نفسها فستقامت في جلستها، ولكن يبدو ان بعض شياطين الجن الذين تم استحضارهم قد طاب لهم المقام فلم يسارعو بالمغادرة فظلت بعض النسوة في حالة (تلبش) ..
رويدا رويدا .. هدأت حركة (الملبوشات) وتحولت اختلاجاتهن العنيفة الى حركات تأرجح هادية ثم لدهشتي الشديدة اتصل حبل الحديث بينهن، فكانت المرة الأولى في حياتي التي اشهد فيها حوار بين المردة وابناء ابليس والشيطان الذين يتلبسون اجساد المستضعفات وغير المتحصنات من النسوان ..
في خضم المعمعة ورغبة مني في الحصول على رؤية ومتابعة افضل للوقائع التي تجري امامي، كنت قد استدرت واستغربت – جلست متجهة لجهة الغرب – كي اتمكن من كشف وجهي، فحسب توجيهات النسوة المنظمات لجلسة التداوي بالقرآن الكريم، كان على النسوة الموجودات سدل النقاب على وجوههن، وان لم يكن من المنتقبات فعليهن ان يتجهن غربا ويعطين ظهرهن للشيخ، حفاظا على خصوصيتهن واحتراما للمكان والمقام، وعادات أهل المملكة ..
تنقلت ببصري بين الموجودات اراقب حركة عودتهن للوعي من غيبوبة التلبش، واتابع بدهشة مشوبة بـ (الشمار) الحوار الغريب الدائر بين اللاتي ظللن اسيرات لـ لبشتهن .. أغرب ما رأيت كانت احداهن تربت على ظهر أخرى تجلس بجوارها في حنان شيطوني نادر، وتطلب من (ما) يتلبس رفيقتها أن يغادر جسد المسكينة بسلام، وذلك لأن هذا (الشيء) كان يبالغ في ازية صاحبته، وفعلا فقد كات تلك المرأة اثناء التلاوة تقوم بضرب وخربشة نفسها بعنف حتى سالت منها الدماء .. ولكن الأخير رفض مناقشة الفكرة وقال محتجا:
ما أطلع .. من وين اطلع ؟
فأشار له صاحبه الى فتحة صغيرة كانت في السقف المستعار للمصلى – يبدو انهم ازاحوها بغرض صيانة الكهرباء ولم يعيدوها لمكانها – وطلب منه مع حركة تبتبة تحنيسية أن يغادر جسد اسيرته ويخرج من المكان بـ شويش عبر الفتحة، ولكن الخلبوص رفض العرض وطلب من صاحبه أن يغادر منها هو (شخصيا ) أو بالاصح ( عفريتيا) ان اراد ذلك .. !!
فجأة وفي قمة انتباهي مع الحوار الشيق بين الاثنين، سمعت صوت نهرة غاص لها قلبي بفعل الخلعة (انتي يا سودانية) .. حولت بصري نحو الملبوشة صاحبة النهرة كـ حرامي في راسو ريشة، فلم أكن السودانية الوحيدة في المكان .. وقبل أن اجيب عليها أمرتني بصوت خشن أن انزل الطرحة على وجهي قائلة:
غطي ويهك (وجهك) يا حرمة !
لا أدري ما استفزني ساعتها .. حرة النهرة أم حالة كونها من (شيء ما) يعلم أنني سودانية ورغم ذلك يجرؤ على توجيه الأوامر لي بـ نهرة .. أنا اختك آآآلسرة !!
لدهشتي تااانني – المرة دي اندهشت من روحي – فقد انتهرته (باك) (يعني رديت النهرة بنهرة بالانقليزي) .. قلت له (ايش فيك انت ؟ ما أغطي ويهي) اكتشفت اني بتكلم لغات يا مرسي !!
حقيقة، لم أكن بحاجة لأوامر بتغطية وجهي فكل من في المصلى – من صنف البشر – كانن من النساء، وأما الشيخ فكان يجلس بعيدا عنا في المحراب وبيننا وبينه كتلة هائلة من المخلوقات المرئية وغير المرئية !! ورغم ذلك وتحسبا كنت اجلس متجه للغرب، ولذلك وبقلب قوي ليقيني بسلامة موقفي، رفضت توجيهه لي بتغطية الوجه .. شوف دا بالله .. مالك ومالي ؟!!
مخرج:
الغريبة وما غريب إلا الشيطان – دي جات في محلها طب – كانت مقدرتي على هرش الشيطان فقد هددتني المرأة بصوت اجش بأنها سوف تريني ! ولكني وبتهورغير محسوب حدجتها بنظرة تحدي شجاعة .. ثبت نظري بعينيها وظللت احدق بثبات داخل عينيها المتشوطنتين فـ جرت واطي ثم ادارت عني وجهها في تخازل .. هلا هلا !!
مخرج تاني:
تخازل متحديتي جعلني في حالة شك بين أمرين .. انها فعلا في حالة تلبس وبالتالي فالافخر بمقدرتي على قهر الشيطان، أم ان صاحبتنا قاعدة تمثل وبالتالي اكتشافي – بالصدفة – لحركات وادعاءات النسوان للتنفيس عن الضغوط ومداراة الحرمان !!
الكلام دخل الحوش .. نتمو وللا نقيف ؟

(أرشيف الكاتبة)


تعليق واحد