الصادق الرزيقي

التفاوض مقابل السلاح ..!!


> خرج قطاع الشمال من مخبئه الجنوبي، ليعلن عن شروط رُفضت من قبل حول مسار المفاوضات مع الحكومة، فمطالبته بفصل المسار الإنساني عن المسار السياسي في التفاوض حول وضع المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، مقترح قديم، قُدِّم في كل الجولات التفاوضية التسع السابقة، وترفضه الحكومة وتأبى نقاشه من حيث المبدأ، لكن وفد قطاع الشمال بالحركة الشعبية يصر عليه كل مرة، ورفعه اليوم كشرط لاستئناف التفاوض، واضح المقصد والهدف، فبعد الاجتماعات التي عقدت في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان وبين حكومة سلفا كير وقيادات من الجيش الشعبي لقطاع الشمال هذا الأسبوع للدعم والتشوين، تصبح المطالبة بفصل مرور الإغاثة والدعم الإنساني عملية مكشوفة، هدفها هو تمرير الإغاثة المفخخة وشحنات الأسلحة والمواد التشوينية لقوات الحركة قطاع الشمال في المنطقتين لاستئناف القتال في فترة الصيف قبل هطول الخريف.
> يأتي حديث قادة قطاع الشمال بعد أن بدأت جوبا التعامل معهم ودعمهم، في وقت متزامع تحركات تقودها منظمات غربية خاصة منظمة (هارت- (HART التي تعتزم عقد جلسة في مقر مجلس العموم البريطاني برئاسة البارونة كوكس، حول مرور الإغاثة والوضع الإنساني في المنطقتين.
> فتحريك الملف الإنساني إعلامياً وسياسياً في بريطانيا وبعض الدول الغربية، القصد منه توفير الغطاء السياسي والإعلامي الغربي حتى يتم تمرير السلاح والعتاد الحربي لقوات قطاع الشمال في جنوب كردفان والنيل الأزرق لبدء العمليات العسكرية الصيفية، والضغط على الحكومة واتهامها بأنها ترفض مرور الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمتضررين.
> ويعلم الجميع أن الحكومة وقعت على الاتفاقية الثلاثية حول المساعدات الإنسانية عقب توقيع قطاع الشمال عليها في العام 2013م، وهي اتفاقية يتم من خلالها تنسيق الغوث الإنساني بين الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، ولا تسمح هذه الاتفاقية بمرور أية إغاثة أو مساعدات إنسانية عبر دولة أخرى، كلها تتم من داخل السودان ومطاراته ومعابره وطرقه، ويريد قطاع الشمال اتفاقية جديدة في المجال الإنساني تتيح عبور الإغاثة بدون رقابة وغير محددة وعابرة للحدود، للاستفادة من الدعم التسليحي ووصول الشحنات العسكرية من دولة جنوب السودان، فلا سبيل لوصول الدعم والتشوين إلا عن طريق شحنات المساعدات الإنسانية بالطائرات أو بالبر، وهنا تكمن خطورة هذا المقترح الذي يصر قطاع الشمال في الحركة الشعبية على التقدم به في كل جولة تفاوضية، وكلما فتح الله عليهم بكلمة.
> على حكومة جوبا ألا تلعب بالنار، فلديها ما يكفيها من مشاكل وصراعات وقتال وحروب، عليها ألا تتورط وتغمس نفسها في شؤون السودان، وقد وقعت مع السودان اتفاقيات في التعاون والملف الأمني والاقتصادي في العام 2012م، وأهم ما في هذه الاتفاقيات التي مهدت لتحسن العلاق بين الطرفين، أن تفك جوبا ارتباطها بقطاع الشمال والحركة الشعبية شمال، وأن تمتنع عن دعم ومساندة قوات الجيش الشعبي في المنطقتين والمجموعات العسكرية التي تنشط وتنطلق من داخل أراضي دولة الجنوب ضد السودان..
> لقد تعاملت الخرطوم بروح المسؤولية العالية وحسن الجوار، فلو كانت تريد صنع بلبلة واستمرار الصراع المسلح في الجنوب لفعلت، فدعم المعارضة الجنوبية المسلحة سهل للغاية، لكن حكومة السودان لم تفعله، بل عملت ضمن وساطة هيئة الإيقاد على إيجاد حلول لأزمة الجنوب وحربه الطاحنة، واستطاعت أن تكون وسيطاً فاعلاً حتى تم الاتفاق بين طرفي الأزمة، فلو انتهجت نهجاً آخر بمعاملة جوبا بالمثل، لكانت حكومة سلفا كير اليوم في خبر كان، وللأسف تصر حكومة جوبا على ممارسة الخداع والكذب والغش والتآمر ضد بلدنا، ترسل موفديها الى الخرطوم بينما قادة الاستخبارات العسكرية في الجيش الشعبي يجتمعون بقيادات الجيش الشعبي في قطاع الشمال ويقدمون لهم الدعم والسلاح والعتاد الحربي والمؤن، والسودان يعلم أن الارتباط لم يفك بين الجانبين، فضباط قطاع الشمال ماتزال مرتباتهم وتعاملاتهم العسكرية ورتبهم وترقياتهم، مستمرة داخل جيش سلفا كير يتقاضون أجورهم ويعاملون كقوات تابعة جوبا.
> اذا كان مقترح قطاع الشمال مرفوض، فإن تصرفات جوبا إيضاً مرفوضة بشدة، وينبغي على الحكومة وهي ( سيد العارفين) أن تحسم الأمر بسرعة، فالمعاملة بالمثل هي الرد الملائم..
(إن أنت أكرمت الكريم ملكته – وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا) ..!