زهير السراج

نعوش في الطريق !!


* جاء في الأنباء أن انعقاد الجمعية العمومية للحوار الوطني سيتؤجل إلى شهر مايو المقبل، وكان مقرراً له الشهر المقبل، وأرجعت مصادر التأجيل الى عدم اجتماع لجنة الصياغة حتى الآن، بجانب إجراء مزيد من المشاورات حول أوضاع القوى الرافضة للحوار، ومن جهته نفى عضو آلية الحوار الوطني (7+7) بشارة جمعة أرو لصحيفة (الجريدة)، وجود أي اتجاه لتمديد أجل الحوار، وكشف عن اجتماع للآلية لبحث موعد انعقاد الجمعية العمومية.
* بقراءة هذا الخبر مع غيره من الأخبار والأحداث التي شهدتها الساحة السياسية في الأيام القليلة التي تلت وفاة الدكتور الترابي، عرّاب الحوار ومبتدع عناوينه ومحتوياته وتوصياته، يتضح أن الحوار قد مات بموت صاحبه، أو في طريقه إلى الموت .. على أحسن تقدير!!
* قبل يومين كاد يحدث اشتباك بالأيدي في ندوة عن (مستقبل السودان والحوار الوطني) نظمتها الدائرة السياسية بأمانة الشباب في المؤتمر الوطني بقاعة الشهيد الزبير بعد مواجهات وملاسنات بين منسوبي حزبي “الشعبي والوطني”، واتهامات من القيادى بحزب المؤتمر الشعبي الناجي عبدالله بأن الرئيس البشير لم يحضر تشييع الترابي، وسافر الى إندونيسيا لحضور مؤتمر إسلامي هناك بقرار من المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، ورد عليه حامد ممتاز الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني بأن الاتهام غير صحيح، وحدثت مشادات بين أنصار الطرفين كادت تتحول الى اشتباكات بالأيدي لولا تدخل سكرتارية الندوة وتهدئة الأوضاع وإخراج المتشددين من الطرفين من القاعة!!
* وقبل ذلك بيوم، وخلال مخاطبته لحفل افتتاح طريق النيل الغربي (المتمة – أم درمان)، عاد الدكتور نافع (بعد عشرة أيام فقط من وفاة الترابي) لممارسة هوايته المحببة في توجيه الاتهامات وصب اللعنات على رؤوس الآخرين (وكان قد سكت عن ذلك فترة من الزمن بعد أن أمسك الترابي بزمام المبادرة في الفترة الأخيرة)، ووصف المعارضة بأنها معارضة الغرف المظلمة (وهو يقصد المشاركين في مؤتمر الحوار وعلى رأسهم حزب المؤتمر الشعبي، قائلاً بأن سهامهم قد طاشت، وفألهم قد خاب (ويبدو أنه يقصد وفاة الترابي الذي كان عرّاب الحوار، ويزعم البعض أنه كان وراء إبعاد بعض النافذين ومنهم الدكتور نافع من مناصبهم القيادية في الدولة والحزب)!!
*إذا قرأنا هذه الأخبار مع بعضها، وتأملنا ما يحدث من صدام بين حزبي الحوار الرئيسيين (الوطني والشعبي)، وتهديد البعض باستعدادهم للدخول في مفاصلة أخرى (ويقصدون القيام بشئ مماثل لانشقاق الترابي عن حزب المؤتمر الوطني وتكوينه لحزب المؤتمر الشعبي في عام 1999، ومعارضته للنظام حتى قبل وقت وجيز من قيام حوار الوثبة الذي ابتدره البشير والترابي، وكان أحد مقترحاته حل الحزبين وإدماجهما مع أطراف أخرى في كيان واحد برؤية جديدة أسماها الترابي النظام الخالف)، والتدخل القوى للأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر عبدالسلام، ووصفه ما يحدث من خلافات، في حوار مع برنامج (وجهة نظر) بقناة (الشروق)، ليل الأحد الماضي، بأنها محاولات لجر الحزب إلى مربع ما قبل الحوار الوطني، ممن أسماهم بالأصوات النشاز داخل الحزب التي لا تتعدى العشرة أشخاص، وهو تدخل خطير يهدد بتصاعد الخلافات داخل حزب المؤتمر الشعبي ومن ثم التأثير بشكل سلبي على الحوار..
* إذا تأملنا كل ذلك، سنصل الى نتيجة واحدة، لا أخت لها، وهي أن الحوار الوطني في طريقه للحاق بصاحبه، إن لم يكن حمله معه في نفس النعش، هو وجنينه الذي لم يولد بعد (النظام الخالف)، وإن لم أكن مبالغاً.. حزب المؤتمر الشعبي نفسه!!