صلاح حبيب

ماضي الذكريات؟!


كلما نعود للماضي نجده أحلى بكل ما فيه من أدب وثقافة ورياضة وتعليم وطب وهندسة، وحتى الغناء في الماضي كان أجمل وأروع وأوقع، والشعراء كذلك “سيد عبد العزيز”، “أبو صلاح”، “العبادي”، “الحسين الحسن”، “تاج السر الحسن”، “مبارك المغربي”، “إسماعيل حسن”، “محمد المهدي المجذوب”، “التجاني سعيد” “أبو قطاطي”، “سيف الدين الدسوقي” و”مصطفى سند”.. هؤلاء الشعراء لم يدخلوا الجامعات ولا قاعات الدرس، لكن الفطرة جادت بأروع الكلمات التي سطروها ليتغنى بها عمالقة الفن السوداني “الفلاتية”، “الكاشف”، “وردي”، “كابلي”، “الجابري”، “مبارك حسن بركات”، “عثمان حسين”، “الشفيع” و”أحمد المصطفى” وهم أيضاً أجادوا الغناء وأبدعوا فيه وخلدوا لنا عملاً فنياً رائعاً.
السودان في الماضي كان معلم الشعوب في كل شيء حتى الشجاعة كان يمتاز بها الجندي والضابط السوداني، فقد تمت الاستعانة بهم في حرب 1973م، فكانوا مثالاً وفخراً للجندي السوداني، وها هم الآن يخوضون المعارك في “عاصفة الحزم” مع الجنود بالدول العربية.
لقد وضعنا إرثاً طيباً في المجالات كافة، فإذا نظرنا إلى الرياضة نجد هنالك عمالقة برعوا في الميادين الخضراء، منهم “عبد النور”، “قرعم”، “جقدول”، “جاد الله”، “جكسا”، “أمين زكي”، “علي قاقرين”، “سبت”، “المحينة”، “صديق منزول”، “برعي”، “بشرى وهبة”، “بشارة”، “زغبير”، “الهادي صيام”، “الدحيش” و”ود الشواطين”.. كان السودان علامة بارزة في عالم كرة القدم، لكن الملاحظ أننا تراجعنا كثيراً، ولا نجد ما يميزنا الآن، فكرة القدم ليست هناك مقارنة بيننا وبين من علمناهم تلك اللعبة، لم نحظ بكأس في البطولة الأفريقية ولم نصل إلى ما وصلت إليه الفرق الحديثة بالدول العربية في معظم البطولات الآسيوية أو الأفريقية أو حتى كأس العالم الذي شاركت فيه تلك الدول مثل مصر والمغرب والجزائر والسعودية، ولم يشارك أي لاعب سوداني أو يحترف في الأندية الأفريقية أو الأوروبية كما هو الحال لدى إخواننا في المغرب أو الجزائر أو مصر.. دائماً نخشى المغامرة.. فاللاعب السوداني لا يغامر أو يخوض تجربة الاحتراف أوروبياً.
حتى في مجال الغناء لا توجد أصوات سودانية بالخارج عدا “ستونة” وهي تغني أغاني متواضعة، وكذلك الفنانة التي اشتهرت بالأغاني السوقية التي تقلل من شأن السودان ولا ترفعه.. أما في مجال الأدب والثقافة فكان الراحلان “عبد الله الطيب”، و”الطيب صالح” الذي فاقت شهرته العالم وترجمت أعماله إلى عدة لغات، خاصة روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) التي وجدت حيزاً كبيراً في الوطن العربي، والفنان التشكيلي “الصلحي” الذي وجدت أعماله أيضاً صدى كبيراً في أوروبا.. ورغم الإمكانيات الهائلة التي يحظى بها الإنسان السوداني في المجالات المختلفة، لكن نظل متواضعين في العالم ولم نحتف بمن فاقت شهرته الآفاق وكأنما نخجل من أنفسنا أو من الأعمال التي نقدمها.. نميل دائماً إلى تبخيس أنفسنا وتبخيس أعمال الآخرين، فإذا لمع نجم أديب أو شاعر أو فنان أو لاعب كرة قدم تنوشه السهام من كل جانب.. فهل يجد المواطن السوداني مساحة في العالم؟ وهل يمكن أن يكون لنا أدباء وفنانون ولاعبو كرة قدم، وشعراء كما كان في الماضي؟ أم نعيش على ماضي الذكريات؟!