هيثم كابو

جمعة الفقدان


* (فقد) المشهد السياسي بألوان طيفه المختلفة تعاطف الناس فلم يعد أحد يوقع عضواً في كشوفات حزب من الأحزاب قاطبة، فالحزب الحاكم يتصارع شبابه على الكراسي والأحزاب المعارضة تحاصص لتجد موقعاً في السلطة لذا لم تعد المعارضة جاذبة..!!
* (فقد) الوضع الاقتصادي القدرة على الثبات، ونافس الجنيه الأغانى في الهبوط السريع..!!
* (فقدت) الساحة الفنية بريقها وألقها في ظل سيطرة أغانٍ باهتة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة..!!
* (فقد) كثير من الفنانين المحترمين الرغبة في الاستمرار بعوالم الغناء وفضلوا الجلوس فى منازلهم والاكتفاء بالتحديق في ما يحدث دون أن ينبس أحدهم ببنت شفة في (إدانة صامتة) للواقع الفني الذي نعيشه الآن..!
* (فقد) معظم المستمعين عندنا الحصافة التي كانت من أهم صفات المستمع السوداني، وبات الشباب يتمايل مع أغنيات ﻻ تطرب الأفئدة ولا تحرك الأبدان وكل ما تفعله قدرتها العالية في تعكير صفو المزاج وتسميم الوجدان..!!
* (فقدت) الأغنية السودانية رصانتها وتيتمت الكلمات وترملت الانغام وخلعت المفردة رداء الاحترام..!
* (فقد) الفن السوداني الأصوات التي بمقدورها الخروج بالأغنية من نفق المحلية والتحليق في فضاءات الإقليمية بسبب (محدودية سقف طموح المطربين.. إنعدم الجرأة.. ضعف الإرادة.. التهيب الزائد.. غياب روح الاقتحام والجهل بمعرفة كيفية تقديم أنفسنا للآخرين في قوالب فنية جاذبة)..!
* (فقدان) وتخبط وتوهان.. إنه مثلث يعكس واقع حال الغناء بالسودان..!
* (فقدت) الألحان روح التجديد والإبداع وبتنا نسمع أغنيات جديدة بألحان قديمة وأفكار عقيمة..!!
* (فقدت) الأغنية السودانية نصف وزنها و(أصحاب الوجعة) يتصارعون في قضايا انصرافية وخلافات شخصية..!
* (فقدت) الدراما التلفزيونية ما تبقى لها من مساحات وجود ضئيلة ولفظت أنفاسها الأخيرة لينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن..!
* (فقد) مجموعة من المطربين الشباب أراضيهم وعليهم مراجعة أنفسهم حتى لا يتراجع وجودهم أكثر فأكثر..!!
* (فقد) عظيم للفنون ومصاب جلل للغناء ولم يتكرم أحد باستخراج شهادة فقدان أو وفاة..!
* (فقدت) الدراما التركية دهشتها الأولى وما صاحبها من بريق وحضور..(ولا عزاء لمهند ونور)..!!
* (فقدت) الشاشات الفضائية نسبة عالية من مشاهدتها بإسدال الستار على (ملكة جانسي)..!!
* (فقد) الفن السوداني أسماء شاسعة المساحة وواسعة التأثير تركت فراغاً لا يسد بينما بقى أصحاب القوافي الفقيرة والغناء الآيل للسقوط يرتعون كما يحلو لهم.. وحقاً (الموت نقاد يختار الجياد)..!
* (فقد) كاتب العمود الرغبة في إكمال المقال فحرر (شهادة زوغان) وانصرف..!
نفس أخير
* ولنردد خلف ود بادي:
حال هذا البلد بكاني ما سكتني
ريدتن فيهو كيف مالكاني كيف ملكتني
نارن فيهو كيف ماكلاني كيف لهبتني
إلا تراني في العرضة انحسب براني
والناس البتعرض جوه ما سمعتني
إلا ترانب أنبح زيي زي أخواني
والخيل بي عجاجا عمتني
توبي قصير وما غطاني
والزيف أم برد شقتني
قلت أباصر أمرق بره من أحزاني
وين قبلت سفكت دمي واتعدتني!