الصادق الرزيقي

تشاوري أديس.. حوسبة الضرائب… عيادة عبد الرحيم.. والحوازمة


لقاء أديس
ذهبت الحكومة إلى أديس أبابا، في إطار الدعوة التي قدمتها الآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي، وبدأت الاجتماعات التي تنتهي غداً كما هو معلن من الجهة الداعية، بعد زيارة للسيد أمبيكي للخرطوم التقى فيها رئيس الجمهورية وعدداً من المسؤولين، بدأت الاجتماعات أمس وأطرافها الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور المتمردة والسيد الصادق المهدي، وتهدف هذه الاجتماعات إلى بلورة كيفية لبدء التفاوض مرة أخرى في قضية المنطقتين من جهة، وتوفيق الآراء الممانعة لمعارضي الحوار الوطني وإقناعهم بالالتحاق به أو الموافقة على ما تمخض عنه أو البحث عن مسارب وفجوات يمكن أن ينفذ منها ضوء السلام ما دامت الأطراف كلها تؤمن بأن السلام والحوار والاتفاق في نهاية الأمر هو الحل الأنسب للخلافات السودانية.
اللافت أن السيد الصادق المهدي محشور حشراً وسط المجموعات العسكرية التي تحارب الدولة، فوجوده في هذا الاجتماع يشبه الكلمة الشاذة كما كان يأتي في أسئلة الامتحانات في المدارس، فهو يمثل حزباً سياسياً له وجود في الساحة الوطنية بجانب تاريخ عريق لحزب عتيق، فلا يمكن اعتبار حلفائه وجلسائه في الطاولة الثالثة من الطاولات الثلاث في اجتماع أديس من مجايليه أو نظرائه، فهؤلاء الحلفاء المدججون بالسلاح والغارقون في الدماء يبحثون عن أهداف أخرى عن طريق البندقية التي ظل السيد الصادق المهدي يعلن مراراً أنه لا يحبذ اللجوء إليها.
إذا كانت الجولة هي ابتدار لمسارات التفاوض في إطار المنطقتين ودارفور، فستنتهي غداً، ليعلن الوسيط عن بدء جولة رسمية للمفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال في أقرب الآجال، ثم لقاء لوفد الحكومة بقيادة أمين حسن عمر في إطار وثيقة الدوحة ومنبرها مع حركات دارفور.. وسيجد السيد الصادق أنه بالفعل كان ضيف شرف لا غير.
الضرائب والحوسبة
قبل أيام كنا في ديوان الضرائب، رهط من الصحافيين والكتاب والناشرين، وجلسنا إلى السيد عبد الله المساعد الأمين العام للديوان، لنستمع إلى عملية التحديث الهائل والطفرة التقنية الكبيرة لمشروع الحوسبة الالكترونية لديوان الضرائب، وهو أحد أهم المؤسسات الاقتصادية والمالية الإيرادية في البلاد، فهذا المشروع لا يمكن تحدي وقياس ضخامته وأهميته، فهو مقدمة وضمان لنجاح الحكومة الالكترونية المرتقبة وضبط التعاملات في الإيرادات المالية للدولة، وتوسيع للمظلة الضريبية التي ستزيد من الإيراد المالي للحكومة وتمكنها في الصرف على الخدمات والبناء والنهضة وتوفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين، وتقلل من الاعتداءات على المال العام والتهرب الضريبي وقد تقضي عليها تماماً، كما توفر مناخاً لترسيخ الشفافية في تعاملاتنا المالية، وتعلم المواطنين أسلوباً جديداً وسهلاً وميسوراً وفق النظم الالكترونية التي بدأت تعمل عندنا من السجل المدني والخدمات المالية وتسديد الفواتير للكهرباء وتحويل وإدارة الحسابات المصرفية والتمويل، وغيرها من المعاملات الرسمية، فحوسبة الضرائب تعني أن كل ممول ومتعامل وتاجر وناشط في مجال التجارة والأعمال بجانب الشركات والمؤسسات المختلفة ورجال المال والأعمال، يمكنهم عن طريق الهاتف وعن طريق الحواسيب وفي نقاط البيع سداد ما عليهم من ضرائب ومعرفة ما لهم وما عليهم بالضغط على زر فقط، سيقل الوقت الكثير الذي كان ينفق في التعاملات الورقية والحضور الشخصي المباشر.
هذا النظام يحتاج إلى جهد كبير للتوعية به وتثقيف كل دافع ضريبة بكيفية التعامل معه، فثقافة المواطن العامة وترقيتها بالمشروع نفسه، وبث روح وطنية لدى الجميع بأهمية الضرائب وجعلها من الواجبات الوطنية الكبيرة، ويلعب الإعلام دوراً لا غنى عنه في نجاح هذا المشروع الوطني الكبير حتى نلحق بالشعوب والدول التي تقدمت كثيراً في هذا المجال، فللصحافة ووسوائل الإعلام المختلفة دورها، وهذا ما قيل في الاجتماع بجانب قضايا المؤسسات الصحفية مع الضرائب.
عيادة عبد الرحيم
لسنوات طويلة ظل منزل السيد الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين والي الخرطوم، وقبلها أثناء تقلده منصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع، خاصة يوم الجمعة، ظل يتحول إلى مأوى لطالبي الحاجة والخدمة والمعوزين ومن يلجأون إليه لقضاء أغراض تهمهم أو يطمعون في مذكرة منهم للجهات الحكومية لمساعدتهم في شأن يخصهم.. أمام باب المنزل عشرات المواطنين، ينتظرون دورهم لدخول الصالون الفسيح، وفي الداخل في فناء البيت والصالون عدد مثله، يجلس السيد عبد الرحيم في صدر المجلس متوسطاً كنبة أو أريكة لثلاثة أشخاص مفسحاً مكاناً ليجلس عن يمينه وشماله مواطنون من الصفين المتراصين بجانبي الصالون، أمامه طاولة وضع عليها دفتراً أو رزنامة من أوراق مذكراته وخطاباته، ثم يبدأ في كتابة روشتاته، هذا لديه مشكلة في الأراضي وبيت في أطراف الخرطوم القصية يريد حلاً، وذلك لديه ابنة مريضة تريد علاجاً، وآخر يريد وظيفة لابنه الخريج قبل خمس سنوات، وذاك يطلب كرسياً لمعاق.. وهكذا تستمر هذه العيادة من التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة والنصف يوم الجمعة من كل أسبوع، ما يقارب المائة شخص من فقراء بلادنا يقابلهم الوالي بلا حاجب أو باب موصود، وعندما يكون منشغلاً مع زواره، تدور صواني الإفطار بالقراصة الساخنة والفول والطعمية على الجميع، حتى حين وقت صلاة الجمعة.
لو فعل كل مسؤول ما يقوم السيد الفريق أول عبد الرحيم رغم تحفظات البعض على هذه الطريقة، لحلت الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى مجرد مذكرة ومخاطبة لجهة، يمكن استنساخ ما يفعله، وليت المعتمدين في كل السودان والولاة وأصحاب النفوذ يفتحون أبواب منازلهم لغمار الناس يكسبون الأجر من الله تعالى ويكسبون ثقة المواطن ويسمعون الأنين والشكوى من المحرومين.
مع الحوازمة
وفد برئاسة الناظر بقادي محمد حماد ناظر عموم قبيلة الحوازمة بكردفان الكبري وعدد من العمد والأعيان، استضافهم الأخ الصديق وزميلنا الكريم يوسف عبد المنان في داره بالثورة ليلة الأربعاء الماضي، بحضور مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب المهندس إبراهيم محمود، بجانب عدد من القيادات السياسية والوجوه الكردفانية المعروفة مثل البرلماني الدكتور عيسى بشري القيادي بالمؤتمر الوطني والوزير السابق، والأستاذ محمد يوسف الدقير وزير الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم، وسلمان سليمان الصافي الوالي السابق، واللواء محمد مركزو كوكو الوزير والوالي السابق، والخير الفهيم المكي البرلماني المخضرم ورئيس إدارية أبيي السابق، وعدد من قيادات المؤتمر الشعبي منهم أحمد الشين الوالي ومأمون قيدوم وإبراهيم الكناني، وثلة من القيادات الصحفية، وكانت ليلة مفعمة بالود والتواصل الحميم بين أطراف مختلفة ولقاء دارت فيه أحاديث عميقة حول القضايا الوطنية خاصة قضية الحرب والسلام في جنوب كردفان، وقدمت من الجميع إفادات مهمة للغاية خاصة من رجالات الإدارة الأهلية وهم مدرسة وطنية وإدارية لا تبارى ولا تجارى.. عرضوا فيها رؤيتهم لقضايا المنطقة وكيفية تحقيق السلام، وتحدث إليهم المهندس إبراهيم محمود حديثاً موضوعياً وشفافاً حول الوضع في المفاوضات، وعبر عن تقدير الدولة الرفيع للوفد وقيادته ولقبيلة الحوازمة وكل قبائل المنطقة. الوفد جاء خصيصاً من مناطق كردفان لتقديم واجب العزاء في وفاة المفكر الإسلامي الكبير الدكتور حسن الترابي، ولم يسبق لوفد من القبيلة أن قام بهذا الحجم لتقديم العزاء في مناطق السودان المختلفة، ومثل هذه الوفود الأهلية تُشعر الجميع بأن السودان برموزه وقياداته وزعاماته سيكون دائماً بخير.