منوعات

بين ثوابت الأمس وتقاليع اليوم . . . ركوض الشباب خلف آخر صيحات الموضة


وبّخ العم “محمود أحمد”، بغضب شديد ارتسم على وجهه، الذي تبيّن خطوطه كفاح ستة عقود من الزمن، ابنه “سالم” ذا العشرين ربيعاً لارتدائه ملابس صارخة الألوان، فضلاً عن تسريحة شعره التي تدل على أنه سائح ينتمي إلى إحدى الدول الأجنبية وليس سودانياً ارتوى من نبع الخالات والعمات وتشرب الأعراف والتقاليد الاجتماعية، فهو يختلف تماماً عن الآخرين- حتى عن أبناء عمومته- بكل شيء تقريباً، بيد أنه لا يعبأ بسخرية من حوله، لظنه أن الطريق الذي ارتضاه لنفسه صحيح يعبر عن حرية شخصية محضة، بل لا يتوانى عن إظهار امتعاضه من تدخلات الآخرين.
{ الملابس الصارخة
ما ورد أعلاه يبين لنا بشكل جلي تصرفات بعض الشباب فيما يختص باللبس والحلاقة، ولعل ظهور بعض الفنانين بملابس وتقاليع مثيرة، كانت مثار انتقاد واسع في الأوساط الإعلامية، ومن قبل مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يخف البعض منهم سخريته من ملابسهم. ذاك الأمر- أمر الملابس الصارخة- أضحى في الآونة الأخيرة موضع خلاف، ومن هذا المنطلق جلست (المجهر) إلى فئة عشوائية من المجتمع بمختلف الأعمار، وخرجت بالآتي..
{ اتهام صريح ومسؤولية مشتركة
في البدء اتهم الشاب “حسام” (طالب) رفقاءه بعدم المبالاة، ودمغهم بالتهرب من المسؤولية، وقال إن الكثير من الشباب يسعى للاهتمام المبالغ بالمظهر والملبس وشراء الكماليات، وجزم أنها تكاليفها تقع على كاهل الأهل، داعياً إياهم لنبذها. ويشاطره الرأي أستاذ بالمرحلة الثانوية، متمنياً بأن يتطلع الشباب للمستقبل، ونصحهم بإعطاء نصف هذا الاهتمام لدراستهم، وقال: (نحن في مدرستنا نراقب الطلاب ونوجههم للأصلح)، وأشار إلى أنها مسؤولية مشتركة بيننا وبالأهل والمجتمع، وتمنى أن يتحمل كل منهم ما يترتب عليه من أجل الحفاظ على إرثنا، فالشباب أمل الأمم. بينما أرجعت “آمال” (ربة منزل)، ذلك للأسرة وقالت إن تعاملها تجاه أولادها بصلف يجعلهم غير مدركين لحجم المسؤولية التي تنتظرهم، وأبدت تحسرها لمزاحمة بعض الشباب للفتيات في محال العطور والكماليات الأخرى والبحث عن كل ما هو جديد في عالم الأزياء ومواد التجميل حتى الأنواع النسائية.. وأبدى “الفاروق عمر” (عامل)، انزعاجه الشديد من تصرفات بعض الشباب التي تبرهن على عدم احترامهم للقيم والتقاليد المتعارف عليها، وأقر بحقهم في الاستمتاع بسن الشباب وقرنه بالاحترام، ودق جرس الخطر بأن تخلي شباب اليوم عن القيم ينذر بتلاشيها.
{ غياب الرقابة وعودة المحاسبة
(شبابنا اليوم ابتعد عن القيم والأخلاقية التي تربينا عليها) هذه أولى إفادات “عبد الحميد بشير” (موظف)، معلناً رفضه للظاهرة، وأرجع ذلك لانشغال الآباء وعدم مراقبتهم لأبنائهم. ووافقه الرأي زميله “سامي” الذي كان برفقته، وحمل الأمر وزارة التربية والتعليم، ووصفها بالظاهرة الدخيلة ودعا لقطعها قبل أن تستفحل، وناشد الوزارة عودة المحاسبة التي كانت في السابق حتى ينعم المجتمع بشباب يحافظ على قيمه.
{ المغريات والكماليات
ووصفت “سارة المأمون” (طالبة) الظاهرة بالأمر الطبيعي، وقالت: (في السبعينيات والستينيات كان الشباب يرتدي ملابس غير تقليدية)، وأرجعت ذلك لمجاراة الموضة، لكنها رغم قبولها بهذا الواقع دعت لمتابعة الأبناء وعدم إهمالهم حتى لا ينجرفوا. وشاركها بالرأي “مصعب الأمين” ودعا إلى عدم تسميتها بالظاهرة وتساءل عن رفض البعض لها وقال: (الاهتمام بالشكل من متطلبات الشباب والموضة ضرورية)، وأضاف: (الشارع اليوم يعج بالكماليات والمغريات ولا بد أن نهتم بأنفسنا ونتمتع قليلاً)، وذكر أن الشباب في مختلف الدول يهتمون بأنفسهم، لكن نحن نحتفظ ببعض القيم لأننا مجتمع تقليدي، وقال: (نعم نحن نتمتع بنوع من الحرية لكنها حرية مقيدة). وبخصوص الحرية قال “موسى ” (22 سنة): (من حقنا كشباب أن نمارس ما نريد لكن بحدود الأخلاق التي تربينا عليها)، وأضاف بزهو: (أنا لا أرى أن في لبسنا أو مظهرنا شيء معيب)، وقطع بأن لكل زمن احتياجاته، داعياً إلى عدم السخرية والاستهزاء بهم.

المجهر