عبد الباقي الظافر

خلافة الترابي .. من يكسب الرهان ؟


* في العام ٢٠٠٨ كان أوباما يجلس إلى جمع من مستشاريه، ..مجلس الخبراء كان يبحث عن مفردة انتخابية تجعل النجاح حليف المحامي الشاب.. من هنا جاء الـ(Slogan) الذي يتمحور حول كلمات العاطفة والمقاومة ..خاض أوباما الانتخابات بشعار (الأمل والتغيير)..اختار خصمه الجنرال المتقاعد مكين شعار (الوطن أولاً) وتمكن أوباما من تسويق التغيير الذي كان عنوانه أن يتجرأ شاب أسود يتيم من خوض غمار المنافسة الانتخابية للوصول للبيت الأبيض..الشعار الجذاب تم تبنيه في عدد من الانتخابات في العالم..ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية حاول أن يستلهم بعض من جاذبية الشعار في حملته الرئاسية التي لم تكتمل في أبريل ٢٠١٠.
* جلست غير مرة إلى الدكتور علي الحاج منذ عودته مؤخراً من ألمانيا ..واستمعت إليه يتحدث كثيراً عن اهتمامه بمستقبل الأجيال القادمة.. كان الطبيب المتخصص في التوليد والحمل الحرج يقول إنه تناسى الماضي، ويحاول أن يستبصر ما وراء الحجب..وبما أن الدكتور علي الحاج هو أحد أقوى المرشحين لخلافة الشيخ الراحل حسن الترابي، فيمكنه أن يتبنى شعار(مستقبلنا) المفردة تلامس شغاف قلوب كثير من السودانيين..ضحايا الحرب الأهلية الذين يتوقون للعودة لحياتهم السابقة..آلاف الطلاب الذين يمسكون بالكتب وعقولهم مشغولة بالمستقبل.. العطالى الذين ضاق بهم الوطن وراحوا يحاولون إصابة المستقبل عبر الهجرة إلى إسرائيل..الجالسون على الرصيف والحيرة تقتلهم ..كل هؤلاء يمكن أن يشتروا الشعار الجديد.
* مدرسة أخرى في المؤتمر الشعبي تحلقت حول الشيخ إبراهيم السنوسي الحارس الشخصي لأمجاد الراحل حسن الترابي ..المدرسة تتكون من أغلب الممسكين بالملفات في الحزب الشعبي.. هؤلاء يريدون السير في طريق الشيخ الترابي .. ولن يخرجوا من خارطة الطريق التي وضعها الشيخ قبل الرحيل والتي تنتهي بالمنظومة الخالفة ..وبإمكاننا أن نسمي هذه المجموعة بأولاد الترابي ويمكن ان ترفع شعار (لا حياد)
* حظوظ مجموعة (أولاد الترابي) في اختيار الخليفة ليست يسيرة..المجموعة تملك مفاتيح الحزب، وتحدد الآجال الانتخابية، وأغلب الظن أنها ستحاول الاستثمار في تعاطف الاسلاميين مع الترابي الذي غاب بغتة.. بذات الطريقة المباغتة والسريعة في تقديم الشيخ السنوسي ستعجل هذه المجموعة بانعقاد المؤتمر العام..كما أن هذه المجموعة تجد تأييداً من الحزب الحاكم الذي يخشى من منهج علي الحاج التصادمي .
* حظوظ مجموعة علي الحاج يستند في الرؤية التي تستهدف المستقبل..الطرح العقلاني بالإضافة لاسم علي الحاج سيجعل لهذه المجموعة قوى وسط الشباب.. إذا ما تمكنت هذه المجموعة من التواصل مع الغاضبين على المؤتمر الوطني داخل صفوف الشعبي، ستقلب الطاولة ..كما أن هنالك عامل جغرافي مهم يسند مجموعة علي الحاج ..العمق الدارفوري الذي يشكل قاعدة واسعة داخل الشعبي سيكون قلبه مع هذه المجموعة.
* في تقديري..إن على حزب المؤتمر الشعبي أن يقر مبدأ التدافع لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة ..السماح لكل مجموعة بعرض بضاعتها على القاعدة، يرسخ لقيم الشورى والديمقراطية ..لكن أغلب الظن أن قيادة الشعبي ستفضل الانزواء في الغرف المغلقة لاختيار الخليفة المنتظر.
* بصراحة..حمل الترابي لواء التغيير والتجديد في الحركة الاسلامية وهو مازال غض الشباب..رحل الشيخ الترابي ولم يحدد لتنظيمه خليفة، تاركاً الأمر لشورى المؤسسات، فهل ينجح الاسلاميون في الامتحان أم تصيبهم عدوى التنظيمات السياسية التي تفضل الطبخ في الظلام ؟!
عبد الباقي الظافر – (تراسيم – صحيفة آخر لحظة)