مقالات متنوعة

محمد وداعة : مسرحية.. إسحق


إذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب الى السجن حبيساً، تأكدت صحة الرواية من قائلها المرحوم الترابي، الطرف الآخر لم يشكك في الرواية أو ينكرها بعد موت الترابي، وهي كانت حبكة تضليل وتمويه على صلة الإنقلابيين بتنظيم الجبهة الإسلامية، ذلك أن مجلة الدستور اللندنية قد نشرت قبيل الانقلاب ،ان الجبهة الإسلامية تخطط لعمل انقلاب وحددت المجلة أسماء الضباط المشاركين فيه، وحتى بعد قيام الانقلاب كان التساؤل الاستنكاري يتردد،(بالله الرجال ديل جبهة)، ولم يصبر أهل الجبهة إلا بعض عام وكشفوا عن حقيقتهم بتسللهم إلى مراكز القرار والاستوزار.. عشرة سنوات وحدثت المفاضلة، وانقسم الإسلاميين إلى معسكر القصر، ومعسكر المنشية، وتكرر اقتياد الترابي إلى السجن، وكان البعض متمسك بأن كل ما حدث عبارة عن مسرحية، والبعض يقول، إنها مفاصلة حقيقية ولكن لها خطوط حمراء. اتفق صراحة أو ضمنا على عدم تجاوزها.وربما كانت مقولة الدكتورة على الحاج (خلوها مستورة)، هي إحدى التعهدات (ان سكتم سكتنا)، وهو إطار معروف للتفاهم في حالات انشقاق الأحزاب والكيانات، وظلت كل الوقائع محل تكهنات واستنتاجات، إلى أن كتب اسحق، (إن كل الذي جرى من أحاديث ووقائع المفاضلة هو مسرحية)، بما في ذلك كتابات إسحق نفسه، وكيف وصف شيخه بأوصاف لا تليق بعدو، وبغضه بعضاً لا يستحقه بطل ومخرج المسرحية.
يشهد التاريخ أن بعض المنظمات والأحزاب تقدم في بعض الظروف (كباش) فداء، إلا أن كل السيناريوهات لا تتضمن الرجل الأول، من حق إسحق ان يروي روايته، ومن حقنا أن نرفضها، ذلك أن إسحق إعترف قبل ذلك بأنه يكذب، مبرراً، انه يكذب لمصلحة المشروع الإسلامي، كل كتب السيرة والتاريخ الإسلامي لم تتضمن اي إدعاء لمسلم كذب وبرر ذلك بمصلحة الإسلام، وفي قصة النجاشي مع عمرو بن العاص، حين روى قصة السيدة مريم وفي ظنه أن المهاجرين سينكرونها، فقالوا الحق وهو ما يرون، كذلك كتب الأستاذ إسحق فيما كتب شهادات عن أحداث ووقائع وإعترف أنها كاذبة قياساً على مسرحية المفاصلة.. وبعد، ماذا ينتظر اسحق? و كيف ينظر في عيون أهل بيته وأبنائه، وهو يعترف أنه كان يكذب، وأنه جزء من مسرحية لا يزال عرضها مستمراً.
الحقيقة التي لا يراها إسحق، أن الستار قد أسدل على خشبة المسرح، وأن غياب الترابي بالموت وعدم وجود أي إمكانية لرد إسحق إلى صوابه، يكفي لاستمرار المسرحية، وما لا يراه اسحق ان الشعب السوداني لم ولن يكترث لمثل هذا الهراء، وفي غمرة إنشغاله بالكذب لا يجد إسحق وقتاً لمراجعة الرواية ليكتشف أنها رواية ساذجة. ان من يشجعون إسحق على هذه التخاريف يستهينون بالشعب السوداني، ويمتهنون كرامته، أما اسحق فالنار أولى به.
محمد وداعة – (ما وراء الخبر – صحيفة الجريدة)