تحقيقات وتقارير

مخالفات الصيدليات.. التلاعب بصحة المواطنين


رفع المواطنون حاجب الدهشة وهم يطالعون الخبر الذي ورد بصحيفة التغيير عن ما أسفرت عنه الحملة التفتيشية التي قامت بها وزارة الصحة بولاية الخرطوم، وورد في متن الخبر أن هنالك أكثر من (50%) من الصيدليات مخالفة لقوانين الوزارة. وتمثلت المخالفات في أن عدداً كبيراً من الصيدليات تعمل بلا صيادلة إلى جانب أن أسعار بعض الأدوية أعلى مما هو مجاز مع وجود أدوية بلا فواتير. هذا الأمر جعل المواطنين في حيرة من أمرهم، كيف يحصلون على الأدوية مادام أن السواد الأعظم من الصيدليات به مخالفات..
حملنا أوراقنا ويممنا وجهنا شطر الصيدلانيين.. كثيرون منهم أداروا لنا ظهورهم، ربما تملكهم الخوف من عواقب الحديث أو ربما بعضهم ضمن المضبوطين في حملات الوزارة.

تطبيق القانون:
من أمن العقاب أساء الأدب، هكذا ابتدر رئيس جمعية حماية المستهلك د. ياسر ميرغني حديثه عن تصريحات وزارة الصحة وقال لـ«آخر لحظة» تعودنا على مثل هذه الأحاديث من الصحة بولاية الخرطوم، وعبر صحيفة واحدة فقط ونتمنى أن نرى تطبيق القانون على هذه الصيدليات المخالفة حتى يعلم المواطن البسيط أن تلك النسبة التي تحدث عنها الخبر تشكل خطراً عليه، ويجب محاسبة كل من يخطئ، وطالب ميرغني وزير الصحة مأمون حميدة بالكشف عن المنظمات التي تتاجر في الدواء الذي من المفترض أن يوزع مجاناً، بجانب مطالبة إدارة المنظمات بسحب رخص أي منظمة تقوم بمثل هذه الأمور ويجب إغلاقها حتى لا تستفيد من التسهيلات الممنوحة لها بغرض تقديم عمل إنساني طوعي.

تأييد الحملات:
وعلى خلاف ما ذهب إليه ياسر امتدح صيدلاني آخر الإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة ولاية الخرطوم، وقال إن خطوة تفتيش الصيدليات تستحق التصفيق والثناء، لكنه في ذات الوقت استبعد أن تكون الحملات أسفرت عن صيدليات تبيع أدوية بلا فواتير أو من خارج الشركات والإمدادات الطبية، وأضاف «نحن في السنتر ليس بإمكاننا فعل ذلك، لأن الرقابة تباغتنا يومياً، ونحن غارقون في العمل لا نشعر إلا بموظف الرقابة يقتحم الصيدلية» بيد أن الصيدلاني أقر بوجود مخالفات في عدد من الصيدليات تعمل بلا صيدلانيين، و رجح أن تكون في أطراف الولاية البعيدة عن أعين المسؤوليين.
وبعيداً عن عالم الصيادلة وفي رحلة بحثنا عن حقيقة تجاوز الصيدليات للتسعيرة المحددة، التقينا بالمواطنة علوية سليمان بجوار صيدلية تحمل في يدها اليسرى «فايل» معنون باسم مستشفى شهير، وفي يدها اليمنى حقيبة بالية تبدو عليها علامات فقر حاملها، سألناها عن أسعار الأدوية فقالت «يا ولادي دا سؤال ليكم السودان كلو عارف الأدوية غالية وأنا ممارضة بتي في المستشفى لي قريب خمسة عشر يوماً بشتري الأدوية كل تلاتة يوم بسعر جديد والحمد لله».

بعلم الوزارة:
تركنا علوية بعد أن امتلأت عيناها بالدموع وأوشكت دمعة أن تسقط على خدها ثم ولجنا إلى إحدى الصيدليات الشهيرة بشارع السيد عبدالرحمن ووجدناها مزدحمة بالزبائن انتظرنا طويلاً حتى أننا هممنا بالمغادرة قبل أن ترحب بنا الدكتورة الصيدلانية التي فضلت حجب اسمها، كشفنا لها عن هوياتنا، قالت مازحة «افتكرتكم زبائن» ثم أضافت معلقة على موضوعنا: كل ماذكر في الخبر يحدث بعلم وزارة الصحة، وهنالك صيدليات تقوم بإحضار أدوية من الخارج وغير مسجلة ولاتمر بالمراحل التي تنطبق على الأدوية العادية، وهنالك صيدليات كبيرة تقوم بمثل هذا الأمر وتعتبر أنها بهذا الفعل تقوم بتقديم خدمة. وقالت الصيدلانية الشابة لـ«آخر لحظة» إن أدوية غسيل الكلى غير موجودة في السوق ويتم استجلابها من بعض أصحاب الصيدليات مما يجعلهم يتحكمون في الأسعار، و أضافت حتى «البنسلين» المائي غير متوفر، وهو من أبسط الأدوية التي من المفترض أن توفرها وزارة الصحة ولم تشأ أن تنكر أن بعض الأدوية تباع بأسعار أعلى من التسعيرة المجازة من قبل السلطات المختصة، لكنها بررت الخطوة بعدم استقرار العملات الأجنبية، وقالت إن سعر الطلبية ربما يكون منخفضاً في بعض الأوقات وبالتالي تنخفض أسعار الأدوية، وقد يرتفع في بعضها ويرتفع معها سعر الأدوية والمسألة مسألة تناسب.

هز ثقة المواطن:
لكن الحملات التي تنفذها وزارة الصحة ولاية الخرطوم هي واحدة من مهام إداراة الصيدلة التابعة للوزارة. ورغم تباين الآراء حول الإجراء نفسه لم يبدِ رئيس شعبة الصيادلة مصري مرقس دهشته من تصرفات الإدارة، بل امتدح الرجل الخطوة بالرغم من أنه عُرف بآرائه الحادة والناقدة لعمل الوزارة، وقال إن ما قامت به إدارة الصيدلة يأتي في مقدمة مهامها، لكنه أعاب عليها عملية التشهير وصياغة الخبر بطريقة تهز ثقة المواطن في الصيدليات ومنتجاتها من الأدوية فكان ينبغي على وزارة الصحة أن تعمل على التنسيق مع الجهات ذات الصلة من اتحاد الصيادلة والشعبة والمجلس الأعلى للأدوية والسموم لإيجاد حل في البيت الداخلي وتعرض المخالفات عليها لمعالجتها. وفي تعليقه على ماورد من اتهامات للصيدلانيين من شراء أدوية من المنظمات، حمل الوزارة و وزيرها مسؤولية عمل المنظمات في مجال الأدوية، وقال إن بعض المنظمات تتدثر بثوب الدين والعمل الإنساني وتحتكر بعضاً من الأدوية النادرة، وتضطر الصيدليات للشراء منها بأسعار خرافية حتى يصنع الصيدلي ميزة لصيدليته.

استطلاع: علي الدالي ـ عمر الكباشي
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد

  1. على صاحب المقال ان يسأل الوزير لماذا لا يسحب الرخصة أ من المنظمات المدعية للخير و تتاجر فى الدواء و تشترى من الوكلاء كل كوتات الادوية و بعلم الوزارة و المجلس