حوارات ولقاءات

سفير روسيا بالسودان: ما يثير الأسف لدينا الموقف المتعنت من بعض الحركات الدارفورية


تشهد العلاقات الثنائية بين روسيا والسودان تطورا ملحوظا ، وتنسيقا في المحافل الدولية ، إلى جانب تبادل الزيارات بين المسئولين في البلدين. التقت وكالة السودان للأنباء سفير روسيا لدى السودان السيد أمير غياث شيرينيسكى حول عدد من القضايا السياسية ، من بينها المساعي الدولية لدعم جهود السودان لتعزيز مسيرة السلام بدارفور. فالي مضابط الحوار:

س: سعادة السفير ، تبذل الحكومة السودانية الكثير من الجهود لإحلال السلام في دارفور، برأيكم كيف يعزز المجتمع الدولي هذه المساعي ؟
ج: هذه الجهود تجد دعما وتأييدا من المجتمع الدولي ، أولا قبل كل شيء عبر قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى إيجاد الحلول السلمية لبسط السلام في دارفور وثانيا عبر تأييد وثيقة الدوحة للسلام في دارفور ، وجهود الوساطة التي تبذلها دولة قطر وأطراف أخرى ، وأيضا عبر تقديم المنح المالية لعلاج مشكلات اقتصادية في المنطقة وتقديم الخدمات الأساسية من حفر الآبار و بناء المدارس وبناء الطرق.

س: كيف تقيمون دور الحركات الدرافورية في دعم عملية إحلال السلام بدارفور؟
ج: نحن نتابع باهتمام كبير تطورات مجريات الأحداث في دارفور ، واذكر هنا أن روسيا الاتحادية كانت قد رحبت بالوصول إلى اتفاقية وثيقة الدوحة للسلام في دارفور ، ونقدر عاليا جهود دولة قطر ، ونرى أن هذه العملية تحقق نجاحات مرغوب بها ، بما في ذلك أشراك عدد واسع من مختلف الحركات السياسية والمسلحة التي كانت تشارك في التمرد المسلح ضد سلطة الدولة سابقا . ونسمع كل فترة بانضمام حركات جديدة لعملية الحوار، ونحن نثمن عاليا جهود الحكومة السودانية من اجل الوصول إلى حلول سليمة وشاملة في المنطقة.
وبالمقابل ما يثير الأسف لدينا الموقف المتعنت من بعض الحركات الدارفورية التي لا تقبل مقترحات المشاركة في التفاوض مع الحكومة ونتمنى أن تفهم هذه الحركات بأن إيجاد “حلول سياسية ” هو أفضل من استمرار الحرب وإراقة المزيد من الدماء.

س: وماذا عن دور الاتحاد الإفريقي في هذا الشأن؟
ج: الاتحاد الإفريقي يحاول أن يلعب دورا ايجابيا من اجل إيجاد حلول سليمة من خلال عدة مبادرات ، والمعروف انه يقود وساطة بين الخرطوم والحركات المتمردة وينظم سلسلة من اللقاءات والمفاوضات بينهما ، والجانب الآخر هو مشاركته مع قوات الأمم المتحدة في ما يعرف ب ” بعثة اليوناميد” وهو دور مقدر.

س: هل تشارك روسيا الاتحادية في هذه القوات؟
ج: نعم نشارك ولكن ليس بصفة ” قوات مسلحة” لدينا خبراء روس يعملون بصفة موظفين في بعثة ” اليوناميد” وهناك شركات طيران روسية كبرى تقدم خدمات النقل الجوى للبعثة إلى جانب شركات صغرى أخرى تعمل في مجالات مختلفة .

س: للدول المجاورة اثر ودور في إحلال السلام بدارفور، على سبيل المثال دولة جنوب السودان ، ما تعليقكم؟
ج: بالنسبة لدور الدول المجاورة تجدر الإشارة في البدء إلى دولة تشاد وهو دور مهم جدا وايجابي ، والمعروف أن هناك ” تفاهم سياسي ايجابي ” بين انجمينا والخرطوم في ما يتعلق بإنهاء الصراع في دارفور . كذلك هناك جهود مشتركة بشأن الإشراف على مناطق الحدود المشتركة بين البلدين والتي تشمل منطقة دارفور . كذلك كونت الدولتان قوات عسكرية مشتركة للإشراف على هذه المناطق. هذا التفاهم السياسي لعب دورا كبيرا في منع تسرب المتمردين ونقل السلاح بين الدولتين , الأمر الذي اثر إيجابا على تهدئة الأمور في المنطقة . أما في الدول المجاورة الأخرى يجب الاعتراف أن الأوضاع فيها ” ملتهبة وغير مستقرة” خاصة في ليبيا ، ولم تستقر إلى الحد المطلوب في إفريقيا الوسطى. كذلك هي غير مستقرة حتى الآن في جنوب السودان مما يؤثر سلبا وبصورة ملموسة على الأوضاع في دارفور.
هنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السودانية تبذل جهودا كبيرة لتهدئة الأوضاع في مناطق الحدود بين البلدين ، وعقدت في هذا الشأن اتصالات كثيفة بين الخرطوم وجوبا في الستة أشهر الماضية. من جانبنا سعينا إلى التوسط بين الطرفين من اجل تطبيع الأوضاع بين الخرطوم وجوبا ، وفى جنوب السودان ، وقد تم في موسكو في شهر سبتمبر الماضي لقاءات ثنائية وثلاثية شارك فيها وزراء الخارجية بالدولتين ومشاركة وزير الخارجية الروسي ، وكنا نأمل بان تتواصل الاتصالات وتؤدى إلى نتائج ملموسة ، ولكن مع التطورات الداخلية لم يتحقق هذا الأمر حتى الآن ، ورغم المشاكل الحالية في جنوب السودان نأمل هدوء الأحوال الداخلية ، وان تعود العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية من التعاون المشترك.

س: بالانتقال إلى الجانب الإنساني والدور المجتمعي، ما هو دور المنظمات الطوعية على المستوى الإقليمي والدولي لتعزيز جهود السلام في دارفور؟
ج: المنظمات الطوعية الإقليمية والدولية لها دور كبير وهام في معالجة مشاكل الناس وتقديم المساعدة والعون عبر توفير الخدمات الأساسية من غذاء ومياه شرب وصحة وتعليم للمتأثرين في مناطق الصراع ، أما بالنسبة لدورها في الحل السياسي وهذا رائي الشخصي ” اعتبر دورها ثانوي”بالمقارنة مع الجهات والمنظمات الحكومية لأنها ليست شريكا في الصراع السياسي بل تتحرك فقط في المجال الإنساني, أما الصراع السياسي القائم يكون بين الدولة والحركات الأخرى.
س: من المقرر إجراء استفتاء إداري في دارفور الفترة المقبلة ، كيف ترون هذه الخطوة في سبيل تعزيز فرص السلام بدارفور؟
ج: من المعروف أن هذه الخطوة هي إحدى مطلوبات وثيقة الدوحة لسلام دارفور في المراحل الختامية لعملية السلام وهى ضرورية ونثمن جهد الحكومة في هذا الشأن ، وبالرجوع إلى تجربة الانتخابات العامة التي جرت في الفترة السابقة ، فقد تمت بنزاهة وكانت وفق المعاير الديمقراطية وبمراقبة دولية واسعة ، وكما علمت أن الدولة قد قدمت عددا من الدعوات لجهات عدة ومراقبين للمشاركة في الإشراف على الاستفتاء ، وتقول التوقعات أن الاستفتاء سيكون ناجح ويعبر عن رأى أهل دارفور في التنظيم الإداري للإقليم.

س: سعادة السفير، كما تعلمون هناك بعض الحركات والجماعات المعارضة تقيم خارج البلاد ، الا تتفقون معنا أن إيواء بعض الدول لهذه الجماعات يعزز من الصراع أو يقلل من فرص إحلال السلام بدارفور؟
ج: بالنسبة لوجود بعض الوجوه السياسية المعروفة وبعض الحركات المعارضة بالخارج ، عادة بالسودان بعض الشخصيات تبقى لفترات طويلة خارج البلاد بعضهم لأسباب شخصية , البعض لأسباب صحية أو متابعه أعمالهم والبعض لأسباب سياسية . في رائي أن هذا الأمر لا يعتبر مهما من الناحية السياسية و يمكن أن نعتبر وجودهم طبيعي، ولكن من الأفضل أن يكونوا مع قواعدهم داخل البلاد. أما بالنسبة للدعم الأجنبي للمعارضة فان ذلك لا يساعد جهود الحكومة لحل المشاكل وإحلال السلام ، والأجدى أن يحول هذا الدعم إلى تعزيز جهود الوساطة من اجل إشراك كل القوى السياسية في الحياة السياسية ، والمعروف أن الحياة السياسية واتخاذ القرارات التي تهم الشعب تتم داخل البلاد وليس خارجها ، ومن المهم كذلك الا تفرض هذه القرارات عليهم من خارج البلاد.

س: سعادة السفير ماذا عن تقييمكم لمجريات عملية الحوار الوطني ونحن نقترب من نهاياته؟
ج: نحن في روسيا الاتحادية نقول إن هذه العملية كانت مبادرة سياسية مهمة من السيد رئيس الجمهورية باعتبارها وسيلة صحيحة لإيجاد حلول سلمية وسياسية لكافة القضايا المطروحة أمام المجتمع السوداني وبإشراك كافة القوى السياسية الراغبة في المشاركة في الحراك السياسي ، حتى الآن هناك محاولات حثيثة لجذب القوى السياسية بما في ذلك الحركات المتمردة للمشاركة.

* ختاما .. ما هي رؤيتكم للواقع السياسي في حال نجاح عملية الحوار الوطني؟
ج: قبل أن اختم حديثي… أود أن أعرب في هذه السانحة عن أسفي وبالغ التعازي للشعب السوداني في وفاة الزعيم السياسي والمفكر الدكتور الراحل حسن عبد الله الترابي ، وأشير إلى الوصية التي تركها للشعب السوداني بضرورة التماسك والتكاتف حول مخرجات الحوار الوطني.
أعود للسؤال …. أنا لا اتفق مع صياغته ، لان الحوار الوطني قد نجح فعلا ، لان النقاش كان طويلا والمشاركات واسعة تمت فيها مناقشة كل القضايا وأدلى كل مشارك برأيه بحرية كاملة. ونتمنى أن تكون نتائجه لصالح المواطن السوداني في كل مكان.

حوار بلقيس فقيري

الخرطوم17-3-2016م(سونا)