تحقيقات وتقارير

بعد قرار إلغاء حق المواطنة للجنوبيين ..الخرطوم.. لا للعاطفة


يبدو أن قرار وقف التعامل مع الجنوبيين في السودان باعتبارهم مواطنين قد لاقى ارتياحاً كبيراً لدى الشارع العام، لأسباب لا علاقة لها بالسياسة أو العرق أو الشوفونية الضيقة، فالمعروف أن الوجود الكثيف لمواطني دولة الجنوب قد شكل مهددات على كافة الأصعدة عايشها المواطنون خاصة في أطراف العاصمة أو الولايات، قبل أن تفصح عنها الأجهزة الرسمية وتتعامل معها بقرارات إدارية بعضها نفذ والآخر تاه في ركام البيروقراطية أو على الأقل لأسباب تكتيكية وفق رياح العلاقات بين البلدين، وظل النظر لهذه العلاقة لدى كثير من النخب السياسية والتيارات الحزبية يشوبه كثير من العاطفة أو المزايدة السياسية أحياناً، ولهذا كان انفصال الجنوب عن الشمال مصدر خلاف بين الكثيرين، بالرغم من أن الانفصال نفسه كان وليداً للرأي الجمعي لدى الجنوبيين وهوى وأشواق مستبطنة وقناعات عقلية لعدد مقدر من الجماهير في الشمال، بل نتاج إرادة شعب عززتها وقائع التاريخ ومآلات الحال، ولولا أن لهذا القرار مرتكزات قوية سياسية واجتماعية وإثنية وإرث متوارث لما تم الانفصال، فلم يكن للسياسيين في الجنوب أن يقنعوا الشعب الجنوبي بهذا الخيار، وان ثبت أن لهم مصالح ومطامع سياسية لتحقيق هذا الغرض، وما كان يستطيع تيار سياسي في الشمال أو سلطة حاكمة أن تشكل الرأي العام الجنوبي نحو الانفصال لولا أن هذا الخيار متجذر في العقل الجمعي هناك، ولعل الناظر إلى ما يتعرض له الشماليون بعد الانفصال في دولة الجنوب من قتل وتضييق ونهب للممتلكات يتأكد له أن خيار الجنوبيين نحو الانفصال لم يكن نتاج تعبئة عارضة صنعتها البروباقندا السياسية سواء أكانت من الجنوب أو الشمال، لكنها رغبة تشكلت في وجدانهم حتى باتت أشواقاً تتطلع للتحقق حتى جاءت الفرصة عبر اتفاقية السلام بصرف النظر عن إسقاطاتها السلبية الأخرى.
عبر هذه المساحة نقلب مشاهد من إسقاطات الوجود الجنوبي في الخرطوم وبعض الولايات بعد تطبيق خيار الانفصال الطوعي

تململ رسمي
خلافاً لبعض الاحتجاجات الجماهيرية من جراء بعض المهددات من الوجود الجنوبي في مناطقهم، فقد عبر العديد من المسؤولين عن قلقهم البالغ عن ذلك، ففي تصريحات صحافية في وقت سابق أطلق والي الخرطوم تحذيرات من جراء العدد الكبير للجنوبيين الذي وصل الى «500» الف، حيث شكل عبئاً كبيراً على الخدمات التي تقدمها الولاية، داعياً الحكومة الاتحادية لمشاركة الولاية حمل الاعباء ومعاملة الخرطوم بصورة استثنائية عند تخصيص الاموال في الميزانية. كما شهد عدد من الولايات اقبالاً كثيفاً من توافد لاجئي جنوب السودان، حتى أن رئيس المجلس التشريعى بولاية النيل لابيض اسماعيل نواي اكد لـ «الإنتباهة» آنذاك أن اعداد اللاجئين الجنوبيين في ازدياد يومياً عبر ولاية النيل الابيض التي استقبلت الآلاف منهم مما تسببت في آثار صحية سالبة، مشيراً إلى أنه حينما اجري لهم الفحص الاولى وضح أن أعداداً منهم يحملون امراضاً كثيرة. اضافة الى الآثار البيئية، وذلك لوجود معسكرات في مواقع فيها غابات التي تضررت جراء القطع الجائر للاشجار، كما كشف مفوض اللاجئين بولاية الخرطوم محمد مصطفى السناري عن وجود مهددات أمنية واجتماعية كبيرة جراء وجود الجنوبيين في العاصمة تتعلق بتداول الخمور والدعارة والسرقة، لافتاً لجهود تُجرى لتفريغ العاصمة وترحيلهم لمناطق أخرى. وكشف السناري خلال اجتماع بلجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان عن ممارسات غير سليمة بمحلية أمبدة «نيفاشا» تتعلق بتفشي الخمور. وقال «الكشات مستمرة وما حنقيف»، لافتاً الى ترحيل حوالى «6»آلاف أسرة منهم لمحلية جبل أولياء، وأعلن السناري عن وجود «36.155» جنوبياً في «22» نقطة عبور بمحلية بحري وشرق النيل وأمبدة وجبل أولياء، بجانب وجود «33» ألفاً حول الساحات المفتوحة، وأعلن مفوض العمل الطوعي والانساني بولاية الخرطوم محمد السناري مصطفي عن عزمهم بدءِ ترتيبات لترحيل كافة النازحين الجنوبيين بالولاية خلال المرحلة المقبلة، وقال: «دايرين نفرغهم ونرحلهم من الخرطوم بطريقة ناعمة»، كاشفاً عن وجود «22» نقطة مغادرة لأبناء دولة الجنوب في شرق النيل وجبل أولياء وبحري وأمبدة، بها نحو «136» ألفاً، فضلاً عن وجود «133» في الساحات المفتوحة، منوهاً بأن وجودهم في النقاط تمهيد لترحيلهم إلى دولتهم.

بينما أمهلت السلطات المحلية في العاصمة الخرطوم قبل حوالى ثلاث سنوات المقيمين بمعسكر لاجئين من جنوب السودان بضاحيتي العزوزاب والشجرة جنوب العاصمة الخرطوم مهلة «10» أيام لمغادرة المقر المؤقت إلى موقع خارج المناطق السكنية كإنذار نهائي للوافدين. وأعلن حاكم ولاية الخرطوم آنذاك د. عبد الرحمن الخضر عن ترتيبات لإنشاء معسكرات تبعد «45» كلم خارج العاصمة السودانية لرعايا جنوب السودان. وقال معتمد محلية الخرطوم اللواء عمر نمر إن قرار نقل مخيم اللاجئين اُتُخذ في أعقاب الشكاوى الواردة من مواطني المنطقة، وطالب المعتمد الجنوبيين بتوفيق أوضاعهم إنفاذاً لموجهات قوانين الهجرة والجنسية حسب المهلة التي أقرتها وزارة الداخلية حتى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية.
وكانت الحكومة السودانية قد جمعت المئات من الجنوبيين فى مخيم بتلك المنطقة توطئة لترحيلهم إلى البلاد، إلا أن الأمر امتد لشهور طويلة، فيما تردد أن أعداداً إضافية دخلت المعسكر بعد هروبها من الحرب التى نشبت في البلاد أخيراً بين الجيش الحكومي والمتمردين.

اعتداءات وعنف
قبل سنوات أثارت مجموعة من مواطني دولة الجنوب شغباً في شارع القصر مع تقاطع السيد عبد الرحمن وسط الخرطوم، عقب خروجهم من احتفال سنوي لمؤسس كمبوني «دانيال كمبوني» بعد أن شهدت مباني الكمبوني مصادمات عنيفة بين الجنوبيين في جناح «الكتاب المقدس» بالمعرض، وامتدت أعمال العنف لخارج المباني، وأدت لحالة من الفوضى عقب حصبهم عدداً من العربات بالحجارة وإثارة الفوضى فى المكان، ثم تكرر المشهد بشكل قريب من تلك الصورة حسبما نقلت «الإنتباهة» عندما تواصلت انتهاكات مواطني دولة الجنوب، عندما دمر عدد منهم موقعاً للشرطة بمربع «37» بمدينة شندى بولاية نهر النيل عقب مداهمتهم للموقع واعتدائهم على أفراد الشرطة. وتعود اسباب الاعتداء إلى أن الشرطة قامت بتدوين بلاغ فى مواجهة امرأة تصنع الخمور في تلك المنطقة، وفي عام 2012 اعتدى عدد من مواطني دولة جنوب السودان على بعض أهالي منطقة حي يثرب مربع «9» بالخرطوم، وفي ذات العام اعتدى ثلاثة جنوبيين على مواطن يدعى مصعب عثمان محمد الحسن يبلغ من العمر «26» سنة واب لثلاثة اطفال يعمل سائق امجاد وذلك بمنطقة الشهيد طه الماحي بجبرة.. و «الإنتباهة» سجلت زيارة للمجني عليه في مكان استشفائه بالخرطوم، وقال مصعب انه بتاريخ 30/12/2011م في تمام الساعة الثانية عشرة ونصف صباحاً اثناء عودته من العمل بالقرب من محلات اليحيى بجبرة، نزل من السيارة لشراء بعض احتياجات المنزل، فهجم عليه اثنان من الخلف، وطلبوا منه الوقوف، ووقتها قام المتهم الأول بسؤال المجني عليه عما إذا كان حبشياً ام لا.. وعندما اجاب انه سوداني قام المتهم الأول بشده من القميص، واثناء ما حاول المقاومة ظهر له المتهم الثاني وقام بضربه بأداة حادة «ماسورة» في رجله اليمنى واطلقا عليه الرصاص في ظهره، واثناء سقوطه على الارض فقد الإحساس بالحركة واصبح يرى ويسمع همساتهم، وقال احد المتهمين يجب ان يحملوه ويرموه داخل البئر، واضاف مصعب انهم قاموا بنهب ملبغ ألفي جنيه وموبايلين»، وفجأة جاء ضابط بمعاش وقام بإنقاذه وابلاغ عربة النجدة، وتم نقله إلى قسم شرطة جبرة، ودُوِّن بلاغ رقم «2341» تحت المادة «139» اذى جسيم، وبعد ذلك تم نقله الى مستشفى ابراهيم مالك بالصحافة، وقام الأطباء بالإجراءات اللازمة، وكشف التقرير الطبي عن استئصال القولون والزائدة الدودية بالاضافة الى اجراء عملية ثانية لكسر بالحوض.. كما كان هناك تسمم في البطن حيث بلغت تكلفة العلاج «8.300» جنيه سوداني، وتم القبض على المتهمين وفُتح بلاغ ضدهم بقسم شرطة جبرة تحت المادة «139».

وليس بعيداً عن هذا التاريخ، فقد فرَّقت قوة من الشرطة مجموعة من مواطني دولة الجنوب حاولت إثارة الشغب بالحاج يوسف حي البركة مربع «1»، بسبب انقطاع المياه، وأبلغ شاهد عيان «الإنتباهة» أمس أن المجموعة أغلقت الطريق العام بحي البركة عبر «عربة كارو» وتجمهروا في الشارع، وأضاف أن المجموعة اعتدت على الوحدة الإدارية بحي البركة ونزعت لافتتها، ويعتقد أنها خلايا نائمة للحركة الشعبية، أما في الولايات فبعد أن خرج مواطنو منطقة الخوي بشمال كردفان بمسيرة ابتهاجاً بتحرير هجليج دارت مشادة كلامية بين خمسة مواطنين وجنوبيين، حيث استخدم الجنوبيون الأسلحة البيضاء «سواطير وسكاكين» مما أدى إلى إصابة المواطنين الخمسة بجروح بالغة وخطيرة وتم إسعافهم إلى الخرطوم.

مهددات أمنية
وفي العام الماضي نفذت الشرطة بولاية الخرطوم حملة دهم كبرى بإسناد من الجيش وجهاز الأمن، استهدفت مخيم «سودان جديد» الذي يضم لاجئين من جنوب السودان في منطقة جبل أولياء «44 كلم جنوبي الخرطوم»، وذلك لتجفيف ما يعتبر أكبر مصادر الخمور بالولاية. وأسفرت العملية عن توقيف «17» متهماً ومتهمة فتحت في مواجهتهم بلاغات تحت مواد من القانون الجنائي بقسم شرطة أمن المجتمع جبل أولياء. كما أسفرت الحملة عن ضبط «17» ألف قارورة «عرقي» خمور محلية مختلفة الاحجام و «150» عبوة «عرقي» كبيرة و «600» برميل بلح مخمر، فضلاً عن هدم «225» بئر خمر بلدي، وجاءت هذه الحملة بعد العديد من شكاوى المواطنين من التفلتات في تلك المنطقة.

قرار تكتيكي أم مرحلي؟
بالرغم من أن دواعي القرار بحسب الوسائط الإعلامية جاءت كرد فعل لدعم حكومة الجنوب لحركات التمرد ضد الحكومة، لكن من الواضح أن القرار وفق الحيثيات على الأرض ينبغي ألا تكون دواعيه فقط مرحلية بل استراتيجية، باعتبار أن المرارات التاريخية المستبطنة لدى العقل الجمعي في الجنوب تجاه الشمال تحتاج إلى مرور أجيال عديدة حتى يتم غسل ترسباتها مما يعني أن المهددات الأمنية والاجتماعية ستكون حاضرة، فضلاً عن أن الوجود الدائم للجنوبيين له آثار سالبة قد تخل بالتوازن الديمغرافي خلال عقود قادمة في بلد مسلم يقع تحت دائرة الاستقطاب الدولي.

أحمد طه صديق
صحيفة الإنتباهة


‫8 تعليقات

  1. الكل يعلم غالبية الجنوبيين العائدين نسبة الامراض الفتاكة من التهاب كبد وسل وايدز بنسبة عالية–نرجوا الانتباة بنحديد هجرتهم للشمال

  2. الكلام دا المفروض يطبق علي كافة الاجانب لكن صراحه اكتر ناس طيبيين في الجنوب هم الشلك

  3. قرار صائب
    لاعلاقة مع الجنوب حتي تكون هناك حكومة غير حكومة سلفاكير

    وسحب قطاع الشمال باكامل الي الجنوب واعطائهم مناصب هناك حتي وان كان الجنوبيين لايتعرفون بهم

  4. وجود الاخوة الشماليين فى الجنوب حتى الان خطا يجب ان يغادروا فور ا حفاظا على ارواحهم

  5. هههههههه والله ياانجلينا البسمعك تتكلمى عن دولتكم العمرها 5 سنوات والحبيبه والمسيطره على حدودها ومابتسمح ب الفوضى يقول جنسيتك فرنسيه ياخ قومى لفى انتو هو ﻻقين تاكلو حتى بعدين شنو شلك ونوير ديل ماجنوبيين ياربي

  6. للأسف كنتا يحترم وبحب اسمع رأي اختنا زمان اختنا الجنوبية أنجلينا بس بالجد انصدمتا بعنصريتاااا الواضحة وزكرها للشلك والنوير بالسوء شكلك دينكاوية وخاضعة للدكاتورية ، غايتو جنس غايتو عنصرية وقطرسة في الفاضي والمالية بعرف الايسكريم بقول صابون…

  7. يا اخوان من يومين نبهناكم انو انجلينا دي ليست شخص . دي جهة تابعة لاستخبارات الحركة الشعبية وبتمارس دور في هذا المكان . الان تحاول اثارة الفتنة بين السودان وقبائل الشلك والنوير . احذروا ولا تنجروا خلف الفتنة