حوارات ولقاءات

القيادي الإسلامي بروفيسر الطيب زين العابدين قيادات من(الشعبي) ستلتحق بـ(الوطني) عقب رحيل الترابي


(عايز أعرف) .. من الذي يفكر للسودان؟

قيادات من(الشعبي) ستلتحق بـ(الوطني) عقب رحيل الترابي

الخيار العسكري لن يوصل إلى حل حقيقي..وحال ذهاب النظام بالقوة سيأتي آخرون أسوأ منه

نافذون في الحزب الحاكم يعارضون وثيقة الإصلاح

الحركة الإسلامية ارتضت بالمهانة وقبلت بوجودها دون تسجيل

(الوطني) هو أكبرخصم على تجربة الحركة الإسلامية

فكرة الحوار الوطنى جيدة ووجدت استجابة.. ولكن…!!

الإسلاميون مطالبون بتغيير نظرتهم تجاه الحريات والديمقراطية

قناعة الترابى بالحريات والتعددية جاءت بعد التجربة البائسة

لم يكن بمقدور أحد منافسة الترابي على زعامة الحركة الإسلامية

نعم ما زلت (إسلامياً) .. ولست ناقماً على أحد

 

أكد القيادي الإسلامي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بروفيسر الطيب زين العابدين، أن من الأخطاء التي ارتكبت في عهد نظام الإنقاذ كان (الانقلاب) نفسه، وأضاف زين العابدين أن هناك نافذين في الحزب الحاكم المؤتمر الوطني ليست لديهم الرغبة في استمرار العملية الإصلاحية، لذا سعوا الى وضع توصيات وثيقة الإصلاح بالأدراج، مؤكداً أن الأسلاميين حال عدم تغيير سلوكهم ووجهة نظرهم تجاه الشعب فإن خروجهم من الساحة وتاريخ الدولة السودانية سيكون، جائزاً في إشارة إلى الحزب الحاكم الذي قال إنه بات خصماً على تجربة الحياة السياسية في السودان، متوقعاً التحاق قيادات بارزة في صفوف الشعبي بالمؤتمر الوطني عقب رحيل زعيم الشعبي د. حسن عبد الله الترابي بدواعي توجه أهل القبلة… هذا الحديث وغيره كان محط حوار أجرته (الصيحة) مع بروفيسر الطيب زين العابدين، فماذا قال؟

*بداية بروفيسور كيف تقرأ مستقبل الإسلاميين بعد رحيل الترابي؟

– من المؤكد أن هذا الرحيل سيكون تأثيره في المقام الأول على المؤتمر الشعبي قبل أن يكون تأثيره على الإسلاميين عامة، لأن بعض الإسلاميين تخاصموا مع الترابي وتم إدخاله السجن وبالتالي تأثيره سيكون على حزبه الذي لن يمكن تعويضه بشخص بمقدرات الترابي وأعتقد بأن الحزب قد يعمد للالتحاق بالمؤتمرالوطني على أساس أن الترابي كان يدعو في الآونة الأخيرة إلى وحدة الإسلاميين، بل وحدة أهل القبلة، وقد تستجيب بعض قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي خاصة القربين من د. حسن عبد الله الترابي في الالتحاق بالمؤتمر الوطني الذي هو في احتياج إلى تجديد شبابه أما بالنسبة للإسلاميين عامة، ونقصد حركة الإصلاح الآن، وهي حركة منشقة من المؤتمر الوطني بالإضافة إلى منبر السلام العادل هو الآخر خرج من رحم الحزب الحاكم، فهولاء جميعاً لا أظن أن تتغير مواقفهم بعد رحيل الترابي، وسيظلون أقرب إلى المعارضة منهم إلى الحكومة خاصة بعد مقاطعتهم الحوار الوطني، وفي الغالب فإن سياسة المؤتمر الوطني لن تتغير كثيراً.

*في اعتقادك هل انتفت أسباب المفاصلة بعد رحيل الترابي؟

– هذا السؤال يجيب عليه أهل الشعبي الذين يقولون إن اختلافهم مع إخوانهم في الوطني كان بسبب الحريات والنظام الفدرالي ونظام الشورى، وأنه قبل المفاصلة لم يكن هناك وجود للشورى وللحريات، وهنالك من يعتقد بأن هذا الصراع حول السلطة هو صراع فوقي بين البشير والترابي، لكني أعتقد أن أول مذكرة كتبت ضد ضعف الشورى كانت ضد الترابي ذاته، كما أن مذكرة العشرة قدمت للترابي نفسه، وخلال الفترة الأخيرة التي سبقت رحيله نلحظ أن الترابي كان متمسكاً جداً بموضوع الحريات، بجانب أن المؤتمر الشعبي قدم ورقة جيدة جداً عن الفترة الانتقالية، وورقة عن الحريات في مؤتمر الحوار الوطني، والورقتان في اعتقادي غير (مقبولات) للمؤتمر الوطني، وأنا أعتقد أن قناعة الترابي بالحريات والتعددية والديمقراطية جاءت بعد التجربة البائسة لحكم الإنقاذ، ووصل إلى قناعة بأن غياب الحريات خطير للغاية، فقد حدثت بسبب ذلك مشاكل وظلم وفساد، وتم التعدي على حريات الناس وعلى حياتهم، وليس فقط المعارضة، بل حتى من داخل الإسلاميين. وفي تقديري أنه لن يحدث تغيير يذكر في السلطة.

*هل يؤمن المؤتمرالوطني بالحريات؟

-المؤتمر الوطني مثله مثل الأحزاب الأخرى به تيارات مختلفة، وبه تيار إصلاحي كبير، وتوصلوا إلى وثائق إلى إصلاح الحزب وإصلاح الحكومة وأجيزت من قبل أجهزة الحزب الرسمية ولكن بعض المتنفذين أدخلوا هذه الأوراق في الأدراج .

*هذا يعني أنها تمس مصالح نافذين في الدولة؟

– من البديهي أن يتدخل نافذون في الدولة خاصة الكبار منهم في عرقلة أي عمل قد يجيء على حساب مصالحهم الخاصة.

* في اعتقادك ما هو أكبر خطأ ارتكبته الإنقاذ خلال حكمها؟

– أعتقد أن الخطا الأكبر كان (الانقلاب) نفسه، فأنا منذ اللحظة الأولى، كنت ضد مبدأ الانقلاب لسبب بسيط جداً بأن الانقلابات العسكرية لا يمكن أن تعمل أنموذجاً إسلامياً للحكم، بجانب أن الهم الأكبر لكل الانقلابات العسكرية مهما كانت الشعارات التي ترفعها هو تأمين نفسها في السلطة، وفي سبيل تأمين نفسها تلجأ لكل الوسائل، ومعظم هذه الوسائل قذرة ومحرمة دينياً.

* بعد مرور أكثر من (26) عاماً من التجربة.. هل ترى أن الاسلاميين صالحون للحكم؟

– الإسلاميون لديهم وجود مكثف في السودان وفي طبقة النخبة، وعلى قدر من التعليم وعلى قدر من التجربة ووجودهم الكبير، هذا يجعل لهم دور، ولكن نسبة المتحزبين في السودان لا تصل إلى 20%، والذين يقولون بأن لديهم عضوية ما بين 5 إلى 6 ملايين هذا حديث بالنسبة لي غير صحيح والأغلبية من الشعب هم غير المتحزبين وهم ضد الحكومة، وضد الإسلاميين لأن تجربتهم كانت غير جيدة ولكن الإسلاميين سيكون لهم دور بحكم إعدادهم وبحكم خبرتهم وبحكم أوضاعهم المالية التي هي أفضل من الآخرين بكثير ولكن السؤال هل لديهم الاستعداد أن يكون لهم دور غير الذي لعبوه في الماضي؟ في اعتقادي إذا لم يغيروا وجهة نظرهم وتعاملهم مع السودانيين سيفشلون فشلاً ذريعاً وسيدفعون ثمن ذلك غالياً جدا رغم وجودهم المكثف. والناس لم يتركوا التدين بسبب الإسلاميين ورجعوا للطرق الصوفية وللمديح وللسلفية وتركوا الحركة الإسلامية الحديثة بدليل ضعف حركة الإخوان المسلمين التي يديرها الحبر وصادق عبد الله عبد الماجد وجاويش وضعف المؤتمر الشعبي ذاته الذي نرى أن أعداده محدودة جداً، وكذلك ضعف حركة الإصلاح الآن ومنبر السلام العادل، الواقع يقول أن أعداد الإسلاميين في الأحزاب السياسية ضعيف رغم الوجود الواسع للإسلاميين في الساحة عامة وبالتالي فإنهم مطالبون بتغيير نظرتهم تجاه الحريات والديمقراطية التعددية وتمكين أهل الوطن جميعاً، وإذا لم يفعلوا ذلك فوقتها سيخرجون من الحكم بل ومن تاريخ السودان فالبلاد تعيش أوضاع استثنائية والحركة الإسلامية تعكف على صناعة برامج شبيهة ببرامج الهجرة إلى الله ما يناقض حال الواقع مع مبتغى الحركة.

* البعض يقول إن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) هل يعتبر خصماً على تجرية الحركة الإسلامية؟

– أكبر خصم على تجربة الحركة الإسلامية ما يعرف بالمؤتمر الوطني بل وخصم على التجربة والعملية الإسلامية.

* في اعتقادك لماذا ذلك؟

– لسلوكه وأدائه في الحكم والعجز في التصدي لهموم المواطن وتفشي الفساد وغير ذلك.

*هل أنت مع دعوة المعارضة الداعية لإسقاط النظام؟

– تختلف القناعة هنا من شخص لآخر من المؤكد بهذه الدعوة، ففي تقديري حال ذهب النظام بالقوة سيأتي آخرون أسوأ من هذا النظام نتيجة لمجموعة السلوكيات التي انتهجت في عهد الإنقاذ.

*من يفكر للسودان الآن؟

– ما عارف والله، لو انت عارف يا ريت توريني لأني أرغب حقاً في معرفة من يفكر للسودان – فالحكومة الآن لديها أكثر من عشرة مراكز بحوث، ولكن أتحدى أي يكون واحدًا منها يستطيع تقديم نصائح للحكومة في كيفية حكم السودان، لأن الواقع يشير إلى أنهم غير معترفين بالبحوث ويعملون عن طريق (الفهلوة) ورزق اليوم باليوم وفي ذلك الأمثلة كثيرة منها على وجه المثال حرب الجنوب بدأت قبل الاستقلال واستمرار حروب الهامش الى يومنا هذا، والواقع يقول بأنه لا توجد جهة تخطط للدولة ولا حتى كذلك لمنظمات المجتمع المدني فالجميع منظرون وأنا أحد هؤلاء الأشخاص حيث نكتفي بكتابة وصياغة الأوراق فقط مصحوبة ببعض الأفكار التي قد تحد من توسع رقعة الحرب بالبلاد، وفي اعتقادي أن الحدث الأكبر الذي مر على تاريخ السودان والأهم كان اتفاقية السلام الشامل والتي أدت إلى فصل الجنوب من بعدها فكل الذين شاركوا في عملية التفاوض من الحركة الإسلامية فهل كان يوجد معهم خبير لمساعدتهم في المفاوضات من أصحاب الاختصاص والخبرة السياسية الكافية؟. فالجميع لم تكن لديه الخبرة الكافية سواء على مستوى التفاوض وتجاربه في حين أن الحركة الشعبية اصطحبت معها العشرات من ذوي الخبرة مما يؤكد بأن الدولة تمضي بالتكتيك والفهلوة السياسية.

*هل يمكننا تصنيف الحكومة الموجودة الآن بأنها حكومة الإسلاميين؟

– الأغلبية الموجودة والمسيطرون على السودان هم إسلاميون مثلاً على عثمان محمد طه الذي كان النائب الأول لرئيس الجمهورية ولدورتين كان الأمين العام للحركة الإسلامية ولكنه كأمين الحركة الإسلامية يتحدث عن التربية الروحية وأمور الدين وفي الحزب يتحدث عن أمور السياسة والاقتصاد والمعاملات الخارجية، فهم بتفكيرهم الفردي فقدوا الروح الجماعية، دعني أسأل هنا سمع أحدكم يوماً عن خروج قرار من مجلس الوزراء بصورة جماعية عن قضية مهمة عن قضايا البلد؟- بل كل قرارات مجلس الوزراء عبارة عن تنويرات والاقتصاد لم يناقش في المجلس، وهذه الأشياء تقوم بها مجموعات محددة بالاتفاق مع رئيس الدولة مرة والقضايا التي تهم البلد والتي تحتاج إلى تمحيص ومناقشة لا تناقش فاتفاقية الجنوب لم تناقش في الأصل حيث أن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني أبلغ صباحاً ولم يطلعوا على الاتفاق ما يدلل على أن الدولة لا تمارس الشورى حتى داخل أوعيتها الضيقة.

* في اعتقادك هل السلطة للإسلاميين كانت وسيلة أم غاية؟

– كانت الهدف الاول وعندما حدثت المفاصلة نحن سمعنا بأن الثورة تأكل أبناءها ولم نسمع بأن الثورة تأكل (شيخها) فالإنجاز الأكبر الذي تفتكره الحركة الإسلامية هو السلطة وهذا ما جعل الناس ينحازون إلى السلطة عقب المفاصلة والترابي كان لا يوجد من ينافسه على قيادة الحركة الإسلامية لا سياساً ولا فكرياً أو حتى تاريخياً، هذه الحركة انحازت بأغلبيتها الكبيرة إلى السلطة.

*هل ستذهب الحركة الإسلامية في حال السلطة؟

– الآن توجد منفعة مادية ومكاتبها حكومية، فالحركة الإسلامية ارتضت بالمهانة، وقبلت أن تكون موجودة إلى يومنا هذا دون (تسجيل).

*هل هذا يعني أن الحركة الإسلامية تمر بطور التلاشي؟

– نعم، هذه حقيقة، حيث إن المفترض حدوث هذا الأمر منذ وقت طويل.

*هل ما زلت(إسلامياً)؟

-الفكر الإسلامي لم ولن أتخلى عنه، وقد ذكرت لك سابقاً بأن الانقلاب لا يمكن أن يعمل نموذجاً إسلامياً للحكم وأنا متتبع لكل الانقلابات العسكرية في العالم العربي، حيث ما زلت أتمسك بتوجهي الإسلامي من خلال المشاركة في العديد من البرامج والأنشطة التي تتبع للمؤسسات الإسلامية صاحبة التوجه الجيد والتي من بينها منظمة الدعوة الإسلامية بالإضافة إلى التدريس في جامعة أفريقيا العالمية.

*أنت ناقم أم ساخط؟

– أنا غير ناقم لأسباب شخصية، ففي الأصل لست من المحترفين الذين عملوا بالسياسة، ولم أصبح نائباً فى البرلمان، لا قبل الإنقاذ ولا بعدها ولم أكن مسؤولاً سياسياً لا قبل الإنقاذ ولا بعدها والتجربة بالنسبة لي محبطة ومخيبة للآمال وهي أصبحت أسوأ من الأحزاب السياسية.

*ألم تحاول الإنقاذ أن تفتح معك باباً للحوار؟

-لم يحدث ولم أدخل معها في حوار وطبيعتي معلومة للجميع فأنا شخص مستقل برأيي وأحياناً معتد بآرائي لدرجة أنها لا تكون مقبولة في التنظيمات العقدية خاصة وأنا قد درست في بخت الرضا التي تعلمت فيها استقلالية الرأي، وعلى قيادة الجمعيات وهم يعرفون الطيب زين العابدين جيداً وبيعرفوا جيداً عدم تغييره لآرائه.

*كيف تنظر إلى عملية الحوار الوطني؟

-فكرة الحوار الوطني في اعتقادي جيدة ووجدت استجابة جيدة جدًا ولكنها أخرجت إخراجاً سيئاً للغاية وأول قضية عايزين يناقشوها هي السلام ومع من تصنع هذا السلام في ظل غياب الحركات المسلحة التي لم تشارك في هذا الحوار والمعارضة القوية التي لها وزن غير موجودة في الحوار وبالتالي الموجودين ديل وزنهم خفيف جداً، وقد كان فيه صراحة ومقترحات جيدة، والحركات المسلحة المشاركة في الحوار هي حركات منسلخة وبالتالي لم يحدث حوار جاد حول الحوار والحل العسكري مع حرب العصابات لا نهاية له، ولهذا لابد من التواصل الحقيقي مع حملة السلاح والخيار العسكري لن يوصل إلى حل حقيقي، فأصحاب عبود لجأوا إلى الحل العسكري في مشكلة الجنوب ونميري أيضاً عاد إلى الحل العسكري وفي عهد هذه الحكومة تم تسليم الجنوب.

*مخرجات الحوار كافية لحل الأزمة السودانية في تقديرك؟

– لا .. ليست بالكافية لأنها لم تعمل مع الجهة المعنية السياسية والعسكرية وتعمل هذا الاتفاق مع الجهات العسكرية التي تحارب، وليس مع أشخاص موجودين تحت مظلة عبود جابر ومن ومعه، خمسون حزباً وبعض الحركات المسلحة التي انسلخت وسموا أنفسهم أحزاب الوحدة الوطنية، ومتحالفون مع الحكومة.. المهم هذه حركات ليس لديها دور ولا حتى وزن سياسي فالمشكلة تعود إلى أن المؤتمر الوطني لا يريد التنازل عن الحريات والثانية كذلك في عدم تنازله عن السلطة التنفيذية بإشراك الآخرين، وهاتان نقطتان أثيرتا في لجنتي الحكم والحريات والراحل الترابي كان مصراً جداً على هذه المسألة، وفي الآخر لم يتفقوا فهم حجتهم بأن البلد ما زالت بها حروب وانفلاتات وكان رد الترابي حينها جيد جداً بأن القانون يعمل على الوضع الطبيعي وليس الاستثنائي وعنده اسم يسمى حالة الطوارئ والتي يمكن إعلانها في دارفور وفي جنوب كردفان، ولكن ليس في كل السودان مع إعطاء صلاحيات للسلطات الأمنية غير محدودة بعيداً عن أي دور للمحاسبة.

*أخيراً.. ماذا عن مستقبل السودان؟

– أسأله تعالى رب العالمين أن يكون في عون السودانيين فمستقبل السودان سيظل قاتماً ما لم تحدث متغيرات حقيقية، تعمل على استحداث واقع جديد للمجتمع السوداني.

 

 

الصيحة