مقالات متنوعة

عبدالله إبراهيم علي : أمي.. كوني بخير


لكِ أُمي طول العمر وصلاح العمل، فأنت دار السلام حتى لو جار الزمان، أنت عيدٌ في كل المواسم، أنتِ بابٌ يدخل منه الخير، ونافذة ينفذ منها الضوء، وجدار يسند رؤوسنا حين نتعب، هي الخير تنثره أينما ذهبت، وعبق عبيرها يتبعنا أين ذهبنا.

سأل طفلٌ صغير أباه ببراءة: ما معنى كلمة رجل؟ فقال الأب: الرجل هو الشخص المسؤول عن أبنائِه ويهتم بأمورهم ويسهر على راحتهم، فرد عليه الطفل: (أتمنى أن أصبح رجلاً مثل أُمي)، يا لجمال العبارة، ويا لحلاوة الأطفال، فقلب الأم كعود المسك، كلما احترق فاح شذاه، فهي التعزية في الحزن والرجاء في اليأس والقوة في الضعف، ، ويحضرني المثل المجري الذي يقول: إذا أردت أن تتزوج بنتاً، فانظر إلى أمها،

أمي الله يسلمك

خيرك علي بي الحيل كتير

يا مرضعاني طيبة بي الصبر الجميل

ياسعد أيامي وهناي لو درتي قبي أسلمك

أمي الله يسلمك

أنا مهما أفصح عن مشاعري برضو بخوني الكلام

قولة بحبك ما بتكفي وكل كلمات الغرام

يا منتهى الريد ومبتدأ ويا الليا الله يسلمك

الله يسلمك لقد تحملتنا الأم ونحن صغار في كل الظروف، ونستقبل يوم عيد الأم في الحادي والعشرين من مارس من كل عام، والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، كم سهرت، وكم شقيت وتعبت من أجلنا نحن الأبناء، دورها عظيم ومكانتها كبيرة يا نبع الحنان، فكل أيامها أعياد، فنحن نحتفل بها في كل يوم، وليس الحادي والعشرين فقط.

صباحك أحلى يا أمي، وكل سنة وأنت طيبة يا أعز صديق وأحلى رفيق، وعظماء الرجال يرثون عناصر عظمتهم من أمهاتهم، فلننظر في زماننا هذا كيف ينظر جيل اليوم الجديد إلى أمهاتهم وهل ينسبون نجاحهم لها؟

هناك بعض الجاهلين الذين يمشون على هواهم وبعض المراهقين الذين لا يقدرون أمهاتهم، فأقول لهم لطفاً، لا بد من رضا الوالدين وتقبيل قدم الأم، ورسالتي إلى كل ابن عاق أن يتذكر اهتمام أمه به حين كان صغيراً، وليسرع لها إن كانت حية ويجلس معها ويتحدث إليها، وإن كانت بدار العجزة والمسنين أن يرجعها ويشرف على رعايتها بنفسه، فالأم قيثارة الإنسانية.

قال تعالى في محكم تنزيله: “إما يبلغنَ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” صدق الله العظيم، حفظ الله أمهاتنا، وجمعنا بِهنَ في مستقر رحمته.

وفي ذات السياق قال سقراط: لم أطمئن قط، إلاَ وأنا في حجرِ أمي، وقال شكسبير: لا توجد في العالم وسادة أنعم من حضنِ الأم ولا ورده أجمل من ثغرها، كما قال نابليون في الأم: “لتكن لفرنسا أمهات طيبات يكون لها أبناء برَرَه”، وكل القلوب ماء إلا أنتِ يا أمي، كزمزم يروي الروح والفؤاد، أيضاً يحضرني المثل الروسي الذي يقول: “الأم تصنع الأمة”، ويقول ماري هوبكنز: “الأمومة أعظم هبة خص الله بها النساء”، ويقول بيتهوفن: “إن أرق الألحان وأعذب الأنغام لا يعزفها إلا قلب الأم”، رحم الله إمرأةً تلقِي برأسها مثقلة من دوار الوحم، تئن متألمةً من أوجاع الجنين، وتنهمر عيناها دمعاً من الضيق والتعب، تسهر الليالي الطوال تراقب رضيعاً لم ينم، رحم الله امرأةً كلما أيقَظَتها همومُها وخوفها على أولادها، بكت لربها ودعت لهم، في المقابل هناك أطفال فقدوا أمهاتهم، فلنحتوهم ونراحمهم ولذلك، لنحتفل بعيد الأم بهدوء فهناك أيتامٌ يتألمون.

رحلت أمي وليس بيدي حيلة، رحلت من كانت تفرح لسعادتي وتتألم لحزني، رحلت من كانت تدعو الله لي دون يأسٍ أو ملل، رحلت وتوسدت التراب، ولكنها حيةٌ في قلبي وباقيةٌ فينا، اللهم بشرها بالفردوس، “أمي أسمع صوتك يملأ الأرجاء، فلما يذوب البعد سنلتقي”.