حوارات ولقاءات

نائب رئيس حركة الإصلاح كمال سيد أحمد:


ألححت كثيراً وانا اطارد شيخ كمال سيد احمد نائب رئيس حركة الإصلاح الآن فى الملاحقة مراراً وتكراراً لاجراء هذا اللقاء، ولا اخفى عليكم سراً اننى تعمدت ذلك لقناعتى التامة بأن محدثى يختار ان يظل دوماً بعيداً عن اجهزة الاعلام رغم اهمية الموقع الذى يشغله حالياً فى حركة الإصلاح الآن، فحاصرته تلفونياً بمعية الاخ ايمن مدير الإعلام بالحركة لالتقى به أخيراً بعد جهد جهيد فى منزله عند التاسعة صباحاً، اذ فوجئت به بعد ان استعصى الأمر مسبقاً يتصل بى قبل الموعد بدقائق ليؤكد جاهزيته لاجراء الحوار… جلسنا فى منزله.. وأول ما لفت نظرى المكتبة الضخمة التى كانت خلفنا، وهى تضم عشرات الكتب والمؤلفات.. تهيبت موقفى واستحضرت بلاغتى، وشددت من ازرى، وعلى الفور طرحت عليه مجموعة المحاور العامة للحوار، وما بين رحيل الترابى والحوار الوطنى ومخرجاته الى وحدة الاسلاميين، ومن ثم نشاطات الحركة السياسية، وصولاً الى معالجات الازمة الاقتصادية الطاحنة، والبحث عن عراب الوحدة القادم.. كان اللقاء واليكم التفاصيل.

> الحوار الوطنى كطرح كنتم من اول المؤيدين له، وبتم من المنسلخين، وها هو الآن فى نهاياته.. كيف تتوقعون ان يكون شكل المخرجات؟
< نحن كحركة إصلاح الآن وكل المهتمين بالشأن السياسي، وصلنا الى قناعة بأنه لن تحل القضية السودانية الا عبر الحوار، وسرعان ما نتأكد من أن القضية الاساسية لاهل السودان هى ان يتحاوروا حتى يصلوا الى مخرج لحل ازمات السودان. وبهذا الفهم فنحن كنا من اوائل المؤيدين للحوار بل والفاعلين، ولدينا حضور مؤثر فى لجنة «7+7» بل ان رئيس الحركة كان من المشاركين فى تسهيل قضايا الحوار لكى يصل الى نتائج ايجابية إبان مشاركته فى اديس ابابا من خلال لجنة «7 + 7». ولكن بعد ذلك فإن الالتفاتات التى حدثت تأكد لنا انه لن يؤدي الى نتيجة، فقط مزيد من التكتيك لاضافة آخرين وكسب وقت لن يفضى الى نتيجة. ونحن لن نحكم على الآخرين من المشاركين بقدر ما نرفض ان يحكم علينا بما يطلق بأننا لا نمتلك تأثيراً سياسياً او غيره. ونعتقد أن مبدأ الحوار كان ينبغى ان يفضى لمخرجات اساسية ويجيب على تساؤلات معينة. والدعوة الاولى كانت قوية، وكان ممكناً ان تفضى الى نتائج، والاطروحة نفسها تكون اطروحة سمحة، وبدلاً من ان تكون خريطة طريق سمحة، ومن بعد ذلك تتدخل اجندات هنا وهناك، وبدلاً من ان تصبح خريطة طريق واضحة نجد العكس تماماً بتكتل الضبابية وتغير خريطة الطريق. > هنالك مطالبات ذكرتها بعض الأحزاب بضرورة نقل الحوار الى الخارج.. هل اتفقتم مع من طالب بذلك؟
< نحن كحزب لم نطالب بنقل الحوار الى الخارج، وما طالبنا به لم يخرج من إطار انعقاد مؤتمرات تحضيرية تجعل الداخل للحوار مطمئناً الى ان الحوار سيفضى الى نتيجة ايجابية، والذى لاحظناه ان الصورة تشوبها ضبابية شديدة حتى أن بعض التصريحات او التعهدات التى تخرج من هنا وهناك تخوف اكثر من ان تطمئن. > غياب الترابى وتأثيراته على استمرار الحوار؟
< غياب الترابى بالتأكيد سيؤثر فى اى شىء، فالترابى كان طرازاً فريداً كمفكر، ولو اخذناه كسياسي وفقيه ومجدد وباعث لنهضة الحركة الاسلامية وصاحب نظر بعيد، فهو بانى نهضة العمل الاسلامى، وعندما تزاحمت الأفكار والعقائد فى الستينيات كسب لحركته وتنظيمه كسوباً مقدرة اكبر من مقدرات الافراد، وظل ناشطاً ومتحركاً وطارحاً لافكار وأطروحات كان يمكن أن تنتهى بالسودان الى وفاق ونهضة للافراد، وطبعاً هذا الغياب مؤثر وجاء فى لحظات حرجة لهم هى لحظات قطف الثمار بالنسبة لهم. وهذا ليس قدحاً فى معاونيه او من جاءوا من بعده. ونعتقد أن اى حوار لا يفضى إلى أن تكون دولة السودان بمؤسساتها المدنية والعسكرية والقضائية دولة مواطنة بامتياز وحقوق وواجبات بامتياز. وثانياً قضية السلام وقضية الحريات المنضبطة بالقانون التى يتساوى فيها الجميع. والأمر الآخر مسألة العلاقات الخارجية وتطويرها، والدولة بطبيعتها متاح لها ان تكون شبكة علاقات خارجية. والشيء الآخر العدل والإحساس بالعدل الحقيقى، والحوار اذا لم يحقق ذلك ستكون هنالك محاصصة. >………………………………؟
< مهما كانت المخرجات او كان الحديث فإن التعويل الحقيقى يبقى فى مسؤولية رئيس الجمهورية، ويمكن ان ينتقل بهذا الحوار الى نقطة مضيئة. وهذه افضل فرصة تاريخية ذهبية وتكتب له فى سجله وتاريخه، فمازال السودان منذ الاستقلال رغم الدورات التى مرت على تاريخ السودان من حكم العسكر وعبود ونميرى الى الآن يبحث عن اجابة لسؤال كيف نحكم وكيف نحكم بلادنا، ومازلنا نتخندق اما فى الجهوية او الطائفية او العقائدية او الاثنية او الحزبية، وان لم نخرج من هذا الجلد بأن يهيأ الميدان لكل اللاعبين. > هل يمثل تكوين حركة الإصلاح الآن استعداداً لشغل الملعب؟
< نحن فى حركة الإصلاح الآن نعتبرها مثابة، رغم ان البعض يظننا قد خرجنا غاضبين او منسلخين، لكننا نفتكرها واحدة من المثابات، فلتقم مئة مثابة فى السودان ويمتلئ السوق بهذه البضاعة التي تهيئ الظروف للكافة حينها، فإننى اكون متأكداً من أن الذين يأتون الى سدة الحكم وفق دستور سودانى سليم صحيح يجيب على كل هذه التساؤلات، دستور وبلد حر ومناخ من الحريات وعدل، بالاضافة الى ديمقراطية سليمة صحيحة. ولو حدث كل هذا يمكن ان ينتقل حال البلد الى حال افضل، والتفاؤل موجود فى حياتنا، واوصانا به الرسول الكريم، والله لن يخذلنا بعد ذلك. وان لم تؤت هذه الوثبة اكلها فإننا نتمنى ان تعقبها بوثبات أخريات. > ماذا عن الدعوة لوحدة الإسلامين؟
< المفارقة أن صاحب الدعوة نفسه «شيخ حسن الترابى» لم يستطع ان يجمع شمل الاسلاميين وتمهيد الطريق لتوحدهم، وانا استغرب بعد ان رحل كيف يتداعى الناس لذلك... وفى رأيي ان وحدة الاسلاميين ليست سوى اشواق وعاطفة.. على اى شيء يتوحد الاسلاميون؟ هل يصبحون كياناً واحداً؟ دعونا نعتبر الشعب السودانى جميعاً إسلاميين.. والسودانى دينه دين رفيع واخلاقه عالية، ولا ينبغى لأية شريحة مهما كانت ان تدعى انها زبدة الشعب السودانى، الا اذا اردنا ان نتحدث عن وحدة الاسلاميين على الاساس السابق الذى سبق قيام الدولة وسبق الانقاذ، فقد تبدلت امور كثيرة وجرت مياه كثيرة تحت هذا الفهم.. الإسلاميون وشيخ حسن بطرحهم وتكتيكاتهم وبرامجهم انتهوا بالحركة الاسلامية الى دولة، لكن بعد ان قامت الدولة الآن نشأت اشكال اخرى، مثال حركة الإصلاح الآن، وهى ليست حركة اسلاميين وبها من الاسلاميين ومن غيرهم، ومنذ ان نشأت لم تنشأ كحركة تكتيكية، بل ضمت اشكالاً مختلفة واطيافاً مختلفة، والآن الاسلاميون توزعوا بإمكاناتهم وقدراتهم المختلفة لعدد من التنظيمات السياسية توزيعاً سليماً، وكل ذهب للمجال الاكثر اقتناعاً به وثقة فيه.. فالأيام القادمة ان جمعت المتشابهين فى فكرهم واصبحت هنالك تكوينات حزبية سيكون ذلك افضل.. وكل سيطرح برنامجه.. والأمر الآخر فإن مسألة الخروج نفسها لو نظرنا للحركات المسلحة والاحزاب الحزبية والعقائدية فإنها لم تسلم من ان يخرج منها جسم.. لماذا؟ هذا فى رأيي اثراء للوطن، والناس فقط تسعى لايجاد المناخ المناسب لذلك. > هل هنالك قائد او عراب بعينه يمكن ان يقود لهذا الفكر؟
< ابداً لا يوجد.. واعتقد ان فكرة الملهمين لا اريد ان اقول قد رحلت برحيل شيخ حسن، الا انها لم تعد موجودة خاصة ان الكتوف الآن باتت متلاحقة ومتساوية. والشعبى الآن فيه من الكفاءات والعقول النيرة الكثير، واتمنى منهم ان يجعلوا من رحيل شيخ حسن دافعاً ودعوة للتكاتف وتقوية الاواصر واثراء الساحة مثلما نفعل في الإصلاح الآن وتفعل بقية الاحزاب، بدلاً من الحديث عن اوهام واشواق وعاطفة.. فمثلاً الاسلاميون في علاقتهم الاجتماعية مازالوا يتواصلون فى الباساء والضراء ولم تنقطع، على الرغم من انهم ذهبوا هنا وهناك، والواقع السياسي يتطلب ان يكون هنالك اداء موفق. > الترابى قبل وفاته كان يمني نفسه بالاطمئنان إلى مستقبل السودان.. هل ما ننشده حلم او واقع يمكن ان يتحقق؟
< الترابى فكرته الاساسية عندما جاءت الحركة الاسلامية هى ان اتفق الناس او اختلفوا أن تقطع اشواطاً قليلة جداً ومن ثم يرجع الامر الى احزاب الشعب السودانى، وتبقى الحركة الاسلامية واحدة من مكونات الشعب السودانى تكسب مثلما يكسب الآخرون ومنذ جبهة الميثاق كان دائماً يتطلع لجسم اكبر لعله ما يسمى النظام الخالف، وقد تكون لديه ثقة او يكون موعوداً بأن يؤول المال لكل السودان، وكان ينظر الى ان افكار السودانيين ان تقاربت يمكن الاطمئنان الى مستقبل السودان، وفى تقديرى الشخصى اعتقد ان د. الترابى ذهب بشيء فى صدره كان يراهن عليه ويعلنه لكن ما هو الأمر؟ الله اعلم. لكن الآن السودان فى مفترق طرق.. والحوار بشكله الحالى لن يفضى الى شيء او نتيجة تشكل رضاء اغلب الناس، خاصة الناشطين الاجتماعيين السياسيين والناشطين والمناطقيين، فنحن نخشى على السودان من الجهوية والاثنية، والآن اى عنوان يمكن ان يصطف تحته الناس.. سد كجبار يمكن ان يصطف تحته الناس.. الهامش والحديث عن الهامش يمكن ان يصطف حوله الناس.. والاصطفاف بكل أسف دائماً يكون اثنياً او قبلياً. والأمر الآخر هو امر مهم جداً، فوقت ما كان هنالك بندقية تظل الأزمة مهما دحرنا التمرد، وحتى فى قضية الجنوب وصلنا حتى نمولى وانحسرنا بعد ذلك. > كأنك تتحسر على انفصال جنوب السودان؟
< الذى حدث لجنوب السودان يعنى انه اخذ فعلاً استقلاله واصبح دولة.. هل ما حصل يدل على ذلك؟ الآن ما هو واقع على الارض يؤكد ان هنالك تغييباً وتهميشاً، وانا فى تقديرى كيفما كانت القوة واينما كانت القوة لا تستطيع ان تحرس امان السودان واستقرار السودان. ونحن فى الإصلاح الآن هنالك اشياء تعتبر راكزة بالنسبة لنا، وهى اننا رفضنا وسنظل نرفض دائماً استخدام السلاح لأنه لا يفضى الى خير، وهو من رواكز وادبيات حركة الإصلاح الآن بقدر ما السلطة لا تستطيع ان تفرض القوة، فإن الحركات المسلحة كذلك لن تحقق اجندتها عبر البندقية او السلاح فقط، فالذى تفعله هو مزيد من المعاناة، لأنه اصطراع حامل السلاح وحامل السلاح الآخر فى مكان يكون ضحيته فى الآخر الابرياء ممن لا ذنب لهم. > الالتزام بمخرجات الحوار كيف تنظر اليه؟
< المخرجات الآن استوت تماماً واتوقع ان يحدث الالتزام انفراجاً فى الازمة، ومن مصلحة الحزب الحاكم ان يلتزم بمخرجات الحوار. الشعب السودانى والحركات المسلحة، سيكونوا اسعد الناس فى حال الالتزام بمخرجات الحوار. وبذلك تقلب صفحة جديدة يخط عليها اهل السودان جميعاً بمن فيهم الحزب الحاكم والحركات المسلحة تاريخاً جديداً. لكن المشكلة تكون فى شكل الشيء المختلف حوله، مثلا ما هى المخرجات نفسها؟. > هنالك اتهام لحركة الاصلاح الآن بأنها فى حالة ظهور اعلامى وغياب عن النشاط السياسي؟
< الحركة الآن بدأت عملية طواف بالبحر الاحمر ونهر النيل والنيل الابيض، وهنالك حراك واسع للشباب فى الاوساط الشبابية والجامعات وفى غيرها، الا ان ضيق ذات اليد واحدة من ازمات الاحزاب السياسية السودانية، والفعل السياسي يحتاج الى امكانات. هذا بالإضافة الى التضييق. نحن فى حركة الإصلاح، نوقن بانه اذا اتيحت الفرصة هنالك من يتفقون ومن يتلاشون ومن يهزمون فى الميدان، وحركة الإصلاح الآن هى حركة للوطن، وطن يسع الجميع، ودولة لديها نظامها للكافة، ومن يقتنع بذلك، والآن طيف الحركة الاسمى والقبلى والعقائدى والطائفى وطيف مثقفيها يؤكد انها فعلاً حركة للجميع منحازة لفكرتها التى نشأت عليها، ونراهن على انها للسودان واهل السودان، وان لم نجن ثمارها اليوم فإننا سنقطفه غداً، وان لم يكن ذلك فى جيلنا فإنه سيكون فى الجيل الذى يلينا.. وهذا هو الغرس، ونتمنى أن نرعاه، وان لم نستطع ان نرعاه الى ان ينمو او يكبر، وان جنيناه نحن او جناه من بعدنا، فهى فى الآخر رسالة تنشدها مجموعة من المصلحين.الانتباهة