جمال علي حسن

قضية الطلاب الأردنيين


لعدة أيام سابقة كنت أتجنب التعليق على أخبار كنت أطالعها على وسائل التواصل الاجتماعي ثم انتقلت هذه الأخبار إلى بعض المواقع والصحف الأردنية وأخيراً بثتها فضائيات إخبارية كبيرة وكانت صحافة الخرطوم ليست آخر من يعلم بها لكنها آخر من ينشرها فهي لم ترد في الصحف السودانية إلا أمس فقط بعد أن أعلنت الأستاذة سعاد عبد الرازق، وزيرة التربية والتعليم، عن احتجاز طلاب أردنيين مارسوا الغش في الشهادة السودانية ..
والسبب في تجنبنا لنشر أخبار القبض على حوالي 20 من الطلاب الأردنيين قبل هذا الإعلان من وزارة التربية هي التقديرات النفسية والمعنوية لآثار هذا التشويش على الطلاب الجالسين هذه الأيام لامتحانات الشهادة ما يجعل تداول هذا الموضوع في غاية الحساسية.. وتأجيل التعليق عليه إلى وقت لاحق ربما كان هو التصرف الأكثر حكمة فبعض التأجيل لمثل هذه القضايا وليس مواربتها قد يحقق نوعاً من الوقاية للناس وتخفيف الضرر في الظرف المحدد.. لكن الحصل حصل .
والمتابع لتداعيات تداول هذه القضية في وسائل الإعلام الأردنية والعربية يشعر أن الهيكل الأساسي الذي تم بناء الخبر المتداول عليه كان يحتوي على معلومة مضرة بسمعة السودان وخاطئة تماماً حيث يقول الخبر: “إن هؤلاء الطلاب الأردنيين يغادرون بلادهم إلى السودان، بسبب التشديدات في نظام المراقبة في قاعات تأدية امتحان الثانوية العامة في الأردن، والتي لا يستطيع الساعون إلى الغش في الامتحان تجاوزها كما يسهل عليهم ذلك في السودان” .
وحسب ما نعرفه عن نظام امتحانات الشهادة السودانية ونظام المراقبة فإن هذه المعلومة الواردة في الخبر المتداول هي معلومة غريبة وغير صحيحة وغير صحيح أيضاً أن امتحانات الشهادة السودانية أسهل بالمقارنة مع الشهادات العربية الأخرى، لكن الأرجح أن يكون مثل هؤلاء الطلاب تعرضوا لعملية خداع وابتزاز وبيع للوهم أكثر من الاحتمال الآخر بأن امتحاناتنا مكشوفة و(مبيوعة) و(فاكة) لهذا المستوى .
لدينا أشياء نفتخر بها وبسمعتنا التاريخية فيها في محيطنا العربي والأفريقي ومن بينها مستوى مناهجنا التعليمية وامتحانات الشهادة السودانية.. وقد لاحظت أن وزارة التربية والتعليم أعلنت رسمياً عن هذه الحادثة بعد إعلان صدر من السلطات الأردنية بأنها لن تعتمد شهادات الثانوية الصادرة عن المدارس داخل السودان، بسبب تسرب أسئلة الامتحان للطلبة وفق ما جاء في بيان السفارة الأردنية في الخرطوم .
وكنت أتوقع أن تبادر وزارة التربية السودانية من جانبها وتغلق هذا الباب تماماً وتمنع رسمياً الطلاب الأردنيين أو أي طلاب يريدون الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية إلا بعد أن يدرسوا جميع سنوات المرحلة الثانوية في مدارس سودانية .
ما يشاع في البلدان العربية عن سهولة الحصول على الدرجات العلمية والأوراق الثبوتية في السودان لم يبدأ بهذه الحادثة، فقد ظل السودان يدفع أثماناً باهظة من سمعته بسبب مثل هذه الحوادث وهناك حادثة شهيرة وقعت في إحدى الدول الخليجية التي كانت في الماضي تعتمد رخصة القيادة السودانية وتستبدلها لحاملها برخصة بلادهم دون امتحان لكنها عادت وقررت عدم اعترافها بالرخصة السودانية بعد أن كشفت عن رخصة مزورة قدمها مواطن أردني (أيضاً) قبل عدة أعوام وبعد التدقيق في حالته اتضح أنه تحصل على تلك الرخصة السودانية المزورة دون أن يذهب إلى السودان من الأساس، أي تحصل عليها (ديليفري)
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.