منى سلمان

طلوع الجبل بالبُرُودية ..!!


وصية أم جعليه لأبنها العريس …
لحسن حظي انني كنت من شهود لحظة تجرّد وصدق، أخرجت أستاذنا (ميرغني أبو شنب) عن مكابرة الرجال المعهودة، حين أقرّ بأن لحبوبات الجعليين حكمة يوصين بها ابنائهم المتزوجين .. تقول الحكمة البليغة:
يا ولدي إن مرتك قالت ليك قوم أطلع الجبل، أخير ليك اطلعوا بالبرودية قبّال تحرر الشمس عليك!
كان ذلك الاعتراف الخطير ضمن لقاء تلفزيوني ضمني والاستاذين (شجرابي) و(أبو شنب) .. طبعا لم أفوت الفرصة يومها في مناكفة الاستاذ بالمغالطة فقلت له:
أنحنا معرسين الجعليين .. وترانا نحنا القاعدين نطلع الجبل بالبرودية !
تذكرت هذا الحوار الضاحك عندما طالعت تفاعلات المشتركين في موقع (النيلين دوت كوم) على مادتي (راجل سيدة) المنشورة ضمن مقالات واعمدة الموقع، فقد علّق صديق اللطائف (فرح الأمين) على تصرف (جعفر راجل سيدة) مع أفراد لجنة المسجد، الذين جاءوا لطلب توقيعه بالموافقة على بناء مسجد في ساحة الحي، فاستمهلهم حتى يستشير (سيدة) !
علّق الصديق فرح بنفس تصريح أستاذنا (ميرغني أبو شنب) فقال:
صدقوا يا جماعه إنو الراجل دا عاقل جداً، لأنو المرأة اذا قالت ليك اطلع الجبل .. إختار الوقت البارد وأطلع فيه .. لأنك في النهاية بتطلع بتطلع .. فأحسن ليك أطلع بالبروديه !!
قادني ذلك (الاندياح) والبوح الرجالي، واقرارهم بعضمة لسانهم وتسليمهم بسطوة النساء وتسلطهن ومقدرتهن على فرض ارائهن على الرجل، للتفكر في قوة شخصية الزوجة وتأثيرها على شخصية الزوج .. وايهما يفضل الرجل السوداني:
المرأة التي تلوذ بضعفها وانوثتها للتعبير عن ذاتها، أم تراه يفضل المرأة ذات الشخصية القوية الواثقة من نفسها ومن قدراتها؟
هناك مثل هندي قديم يقول: (المرأة تعجب بقوة شخصية زوجها، ولكن الزوج يخاف من قوة شخصية زوجته) .. لا أدري لاي قبيلة ينتمي الصديق (فرح)، ولكن أستاذنا (أبو شنب) خص الجعليات من بين النساء السودانيات فقط بالمقدرة على فرض الرأي، لاتصافهن بقوة الشخصية والصلابة .. فقد اخبرني بعد نهاية اللقاء التلفزيوني بأن الواحد منهم – أي الجعليين – يقّدر زوجته والتي هي ابنة عمه في الغالب، لذلك يخضع لمشيئتها من باب الاحترام والتقدير، أو لعل هذا ما فهمته من شرحه للمثل .. وبالتالي يقودنا توضيح الاستاذ (أبو شنب) لحقيقة اختلاف تقيم الرجل السوداني لقوة شخصية زوجته، بإختلاف القبيلة التي ينحدر منها وتقاليد واعراف تلك القبيلة، كما قادتني لحقيقة أخرى اعتقد انها معلومة للجميع، وهي أن تقدير الرجل لزوجته يزداد بزيادة درجة قرابتها منه.
أما إذا تناولنا الموضوع بصورة عامة بعيدا عن العصبيات والعرقيات، فكلنا يعلم أن الحياة تحتم على المرأة، بل وتفرض عليها أن تكون قوية الشخصية .. فـ قوة الشخصية تتيح للمرأة أن تدافع عن حقها، و تستطيع بها أن تحمي نفسها من عوادي الزمن بمختلف انواعها، ولكن طريقة المرأة في إثبات قوية شخصيتها هي المحك.
فالمرأة كائنة – فظيعة كائنة دي – عاطفية وحساسة، ولكنها تستطيع من خلال قوة شخصيتها أن تحفظ التوازن بين اظهار رقتها ومشاعرها ..وبين التعامل بقوة وصلابة في المواقف التي تحتاج إلى ذلك، ففي تلك الموازنة الدقيقة يكمن ذكاء النساء الفطري والذي نسميه ظلما بـ (كيد النساء) فالمرأة الذكية هي من تستخدم قوة الشخصية بذكاء حتى لا تشوه تفاصيل أُنوثتها التي ميزها بها الله سبحانه وتعالى.
(خلقت المرأة من ضلع أعوج) يعني كانت لابدا لابونا آدم جنب قلبو .. ولعل صعوبة التعامل معها والمقدرة على فهمها قد جاءت من هذا الاعوجاج والـ (لكنة) فلو اتصفت المرأة بقوة الشخصيه رغم عوجتها، لازدادت جمالا على جمال، فقوة الشخصيه ليس في ان تكون المرأه صارمه او حديديه، بل تكون قوتها في ثقتها بنفسها وقدرتها الفائقه على إقناع زوجها باسلوب مهذب ولطيف أن يعجل من بدري بدري بطلوع الجبل بدلا عن الخوتة ووجع الدماغ .. لانو في الآخر ياهو سيك .. سيك .. طلوع الجبل معلق فيك!!
(أرشيف الكاتبة)