جمال علي حسن

جهل الأوروبيين وتجهيلهم


بالنسبة للحملة الغربية المفتوحة ضد الإسلام ومظاهر العنصرية الجديدة التي أصبح يتواجه بها المسلمون في بعض مناطق أوروبا منذ هجمات باريس وبعدها تفجيرات بروكسل.. هذا الوضع الذي أراه أيضاً قد أراح وأسعد مزاج الكثير من المثقفين العرب المستغربين من الذين لديهم مشكلة مع الإسلام والمسلمين فدعموا هذه الحملة بتعليقات شماتة في المسلمين أو محاولة استثمار الفرصة لتدعيم وجهات نظرهم بشواهد ودلائل عليها.. مثل الساقط عمرو أديب الذي شاهدت له حديثاً بعد تفجيرات بروكسل يسوق فيه الاتهام للإسلام بشكل واضح ويرسل رسائل تشكيك في أن هناك خلالا في بعض أصول الإسلام أنتجت هذا الواقع .
بمنطق عمرو أديب فإن هناك أيضاً خللا كبيرا في أصول الفكر الغربي السائد في المجتمعات الأوروبية أنتج مثل هذه الحالات العنصرية الجديدة في أوروبا ضد المسلمين كرد فعل لجرائم إرهابية تمارسها جماعات محددة ومحدودة يدينها الإسلام ويدينها المسلمون قبل أن يدينها الغرب .
لا أعتقد أن المسؤولية الكاملة في تصحيح جهل الأوروبيين بالإسلام يتحملها المسلمون فهناك حد أدنى من الوعي والثقافة كنا نتوقع أن يتوفر في المجتمعات الأوروبية وتكون على إلمام ولو بشكل عام بطبيعة دين مثل الاسلام يعتنقه نحو 23% من سكان العالم بمعدل نمو وانتشار هو الأعلى بين الأديان الأخرى، كما أن الإسلام هو ثاني أكبر الأديان في العالم من حيث عدد المعتنقين بعد المسيحية .
جهل الأوروبيين بالإسلام هو الذي ينتج مثل هذه العنصرية الجديدة التي تدعمها وتساندها عمليات تجهيل يتبناها بعض سواقط المسلمين من المصابين بمسخ فكري وثقافي.. تجد أحدهم اسمه (محمد) ويقود كبر الحملة على محمد وعلى الإسلام .
صحيح أن من يقومون بهذه الأعمال الإرهابية يرفعون لافتات إسلامهم الذي ليس هو الإسلام بالتأكيد ويحسب نفسه ضمن أهل السنة، وهناك ملاحظة مهمة جداً في هذا الصدد هي أن جميع الدول الإسلامية وجميع المرجعيات الإسلامية السنية تقف الآن ضد تلك الجماعات الإرهابية التي تدعي أنها إسلامية، بل تقود جميع الدول الإسلامية بلا استثناء – والتي تمثل التيار الأعظم للمسلمين – تقود حرباً ضد تلك الجماعات بينما تقف دولة مثل إيران في صف الجماعات الإرهابية الطائفية الخمينية بوضوح وتساندها وتدعمها بالمال والسلاح في اليمن والبحرين ولبنان وسوريا والعراق.. لكن جهل الأوروبيين يجعلهم يدينون الإسلام بتركيز على الإسلام السني وليس الإسلام الخميني الإيراني الذي يمارس عمليات تصفية ممنهجة ضد المسلمين في العراق وسوريا الآن .
ومثلما نميز نحن بين الشيعة كمذهب إسلامي وبين الصفويين الإيرانيين كمشروع سياسي طائفي له أجنداته الإرهابية والتوسعية فإن على الأوروبيين أيضاً أن يتعلموا كيف يميزون بين حربهم ضد تلك الجماعات الإرهابية التي تحسب نفسها على الإسلام السني وبين حرب مفتوحة على جميع المسلمين .
الجهل مصيبة حقيقية وجهل من يعتبرون أنفسهم قادة التحضر والعلم والمعرفة والوعي، أي جهل هؤلاء الأوروبيين الآن، مصيبته أكبر.. ولذلك علينا أن نعلمهم شكلاً من أشكال العدالة التي لا تتوفر للشخص إلا بالمعرفة بالشيء، لأنهم يظلمون الإسلام بجهلهم به وبعدم دقتهم في تصنيف العدو الذي يستهدف الإسلام قبل أن يستهدفهم هم ويهدد المسلمين أكثر من تهديده لهم .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.