مصطفى أبو العزائم

طلابنا.. البحث عن جنة صيفية!


منتصف نهار (الخميس) الماضي، كان موعدنا مع أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة، يمثلون أبناءنا الذين يدرسون في مراحل التعليم العام والجامعي، وذلك من خلال تمثيلهم في الاتحاد العام للطلاب السودانيين، للنظر في برامج ومشروعات العمل الصيفي للعام 2016 في أول اجتماع للجنة العليا للعمل الصيفي للعام الحالي، التي تم تكوينها بموجب قرار جمهوري في السابع عشر من مارس الحالي برئاسة السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن”، إلى جانب رئيسين مناوبين هما الأستاذ “موسى محمد أحمد” والسيد “عبد الرحمن الصادق المهدي” مساعدا رئيس الجمهورية، بعضوية تجاوزت المائة عضو يمثلون مختلف الفئات والشرائح والأنشطة، بينما أوكل أمر مقرريتها لرئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين “مصعب محمد عثمان”.
كان الاجتماع طويلاً رغم المداخلات القصيرة، لكنه كان مفيداً إلى حدٍ بعيد، وقد غيّر السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن”، بوصلة المشروعات الخدمية والأنشطة المتعددة من عواصم الولايات إلى المحليات، وقال إن العمل يجب أن يتنزل إلى (192) محلية لا إلى (18) عاصمة.. وطالب بالتركيز على الحراك المجتمعي لأهميته في تحويل العنف إلى تراحم، ورفض الآخر إلى قبول به مع ضرورة الحوار بين كل القوى ذات التوجهات الفكرية المختلفة.
خلال هذا الاجتماع عدت بذاكرتي للحظات إلى أيام الصبا الأولى، وكيف يتم توظيف طاقات التلاميذ والطلاب في المشروعات الكبرى مثل تشييد وبناء وصيانة المدارس و(الشفخانات)، خاصة في العهد المايوي ومع بدايات إطلاق الشعارات القوية للمشروعات الضخمة مثل (ابنِ وعمّر) وبرامج ومشروعات (العون الذاتي) وغيرها، وأذكر كيف ساهم آلاف الطلاب في بناء المراكز الشبابية والحدائق العامة وغيرها.
كانت أعداد الطلاب قليلة ومحدودة، لكنهم الآن بالملايين، وهذا سيساهم حقاً في تنفيذ أكبر قدر من المشروعات في فترة الصيف التي تغلق فيها المدارس وبعض الجامعات أبوابها، وتظل الشوارع فاغرة الفم تلتهم طاقات الشباب في (الفارغة والمقدودة)، بينما يمكننا نحن الآباء وأرباب الأسر أن نوظف تلك الطاقات في ما يفيد.
الفرصة الآن متاحة بتبني الاتحاد العام للطلاب السودانيين تنفيذ برامج ومشروعات العمل الصيفي، خاصة وأن هناك دعماً رئاسياً لهذا العمل، وإشرافاً رئاسياً مباشراً من خلال رئاسة السيد نائب رئيس الجمهورية للجنة العليا.
نريد لأبنائنا ارتباطاً أكثر وأكبر وأعمق بالوطن من خلال ارتباطهم بمؤسساتهم التعليمية ومن خلال ارتباطهم بأحيائهم السكنية، ومدنهم الجامعية ولا نريد لهم أن يكون حالهم ذات حال الذين بكى عليهم الشاعر الكبير “نزار قباني” في إحدى قصائده الممنوعة التي هاجم فيها القيادات العربية عام 1985م في مهرجان (المربد) الخامس بالعراق، وقال فيها:
وحولنا أولادنا
احدودبت ظهورهم وشاخوا
وهمن يفتشون في المعاجم القديمة
عن جنة نظيرة
عن كذبة كبيرة.. كبيرة
تدعى الوطن
نعم.. لا نريد لأبنائنا أن يكون الوطن في قلوبهم كذبة.. نريده حقيقة وواقعاً يتطلب الذود عنه.. وأسعدني كثيراً أن تبنى الاجتماع مقترحاً تقدمت به لدعم الوسائل المتاحة لتنفيذ مشروعات العمل الصيفي ضمن حملات التشجير، وحملات إصحاح البيئة، بأن يعمل الطلاب على رفع مساحات الغابات في بلادنا من (11%) إلى (20%) وفق سياسة الدولة العامة، وذلك بأن يكون التشجير هو الغاية الأسمى هذا الصيف، وأن نستزرع شجراً بعدد الطلاب في كل المراحل، بحيث يصبح لكل طالب شجرة باسمه، وأن يكون التركيز على الولايات والمناطق التي تواجه التصحر وتعاني من الزحف الصحراوي، لكن هذا يتطلب مثلما ذكر المختصون في ذات الاجتماع، يتطلب الغرس والرعاية والحماية لأنها تحقق لنا الهدف من حملة التشجير وجعل صيف هذا العام أخضر ونحيل فيه بلادنا إلى جنة.. بإذن الله تعالى.