رأي ومقالات

مأمون حميدة وخبر طبي ..


> نشرت المجلة الدولية لطب السلوك International Journal of Behavioral Medicine دراسة الباحثة ليزا ناكرز حول إنقاص وزن الجسم. وهي دراسة قامت بها الباحثة ضمن جهودها لنيل شهادة الدكتوراه من قسم الصحة النفسية الإكلينيكية بجامعة فلوريدا بمدينة غينزفيل في ولاية فلوريدا الأمريكية، وفي حين أن الباحثة حاولت دراسة التأثيرات القصيرة والمتوسطة المدى للسرعة في إنقاص وزن الجسم، بهدف تحقيق الوصول إلى خفض 10% من الوزن الأصلي للجسم، تناقلت وسائل الإعلام بغرض الإثارة صياغة مخالفة لـ«معاني» و«مدلولات» ما تمت دراسته وما توصلت إليه الباحثة من نتائج. وما تم عرضه كخبر قصير، كان مفاده: إن الباحثين توصلوا إلى أن سرعة إنقاص الوزن أفضل من البطء في ذلك، من دون توضيح لمعنى هذا أو تفسير لما حاولت الدراسة معرفته وتوضيحه. وهو الأمر الذي دفع إحدى القارئات أن تقول ساخطة: «والله احترنا معكم، يوم تقولون السرعة أفضل ويوم تقولون البطء أفضل، كل يوم طالعين لنا بدراسة طبية تناقض التي قبلها»!. وهذه القارئة محقة في سخطها والسبب ما عُرض عليها من صياغة خاطئة لخبر طبي علمي.
> بروف مأمون حميدة وزير الصحة الولائي تأخذ الدهشة بتلابيبه وهو في لقاء للأمم المتحدة خارج السودان بسؤال أحد الباحثين له عن نسبة حدوث مرض محدد وكانت صفراً فاصل 67 من المائة، أي أقل من واحد في المائة فكتب 67 % ولولا تداركته حكمة التصحيح لأضحى السودان بالنسبة لهؤلاء الباحثين في قائمة الدول الموبوءة بهذا المرض والسبب هو نقل خاطئ لخبر طبي علمي.
> لا يختلف كثيراً عندي الخطأ الطبي والنقل الخاطئ للأخبار أو المعلومات الطبية، بل الأخير أشد ضرراً لأنه يقتصر على جماعات لا أفراد، لذلك استغرب من تركيز وسائل الإعلام على ما (قاله) البروف عن الإعلام في ندوة آثار التغطية الصحافية لقضايا الصحة لا على ما(أراده) البروف من خطورة صياغة الخبر الطبي بإيقاع عفو الخاطر، وقد هاجم إعلام فريقه رئيس نادي شهير ووصفه بالإعلام السالب ولم يلقَ منهم سوى مزيد من وابل الثناء وأغاني «ويل الشجي من الخلي وبعيد عنك حياتي عذاب ما تبعدنيش بعيد عنك»، وأما إذا كان الأمر كما قال الشاعر:
وإذا المليح أتى بذنبٍ واحدٍ…جاءت محاسنه بألف شفيع
ويكفي محاسن مأمون حميدة أن فعل لأهل الإعلام ما لم ولن يفعله الإعلام وهو يوثق للنيل الثاني الذي يجري بالسودان بروفيسور علي شمو عبر إصدار جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا كتاب(تجربتي مع الإذاعة).
> فيجب على الإعلام التدثُّر بثوب (نقد الإصلاح) تجاه قضايا الصحة، أي ذكر الإنجازات والإخفاقات والحلول لهذه الإخفاقات. أما نقد (الأرصفة) والذي لا يقود لمحطات الفائدة، فهو يؤدي إلى زحمة طلسمات تجعلنا نسترجع حكاية شاعرنا العظيم أبو تمام حينما سأله أحد النقاد وهو يسمعه ينشد قصيدته:
أهنّ عوادي يوسف وصواحبه
فعزماً فقدماً أدرك السؤل طالبه
فقال له: لمَ لا تقول ما يفهم؟ فأجابه أبو تمام: ولمَ لا تفهم ما يُقال، ونحن الأطباء نتمنى أن نعي ونفهم قصد الإعلام ومآربه عندما يثير قضايانا.
> وفي الختام حتى الملتقى أعزائي القراء أسأل الله لكم اليقين الكامل بالجمال حتى يقيكم شر الابتذال في الأشياء.

د. وليد شريف عبد القادر

الانتباهة