احلام مستغانمي

اشياء نحتاجها في غيابها !!


ليس في حوزتنا أشياء لا نحتاجها، لأنّها حتّى عندما تتهرّأ، وتعتق، نحتاج حضورها المهمل في خزائننا أو في مرآب خردتنا، لا عن بخل، بل لأنّنا نحبّ أن نثقل أنفسنا بالذاكرة، ونفضِّل أن نتصدَّق بالمال، على أن نتصدَّق بجثث أشيائنا، ولهذا يلزمنا دائمًا بيوت كبيرة. ثمّ واصلت ضاحكًا: أليس في الأمر كارثة!؟
ها هي ذي الكارثة! فتفضَّل أيّها العربيّ المثقل بحمولتك، تركة أخرى في انتظارك، فماذا ستفعل بهذه الغربة الفضفاضة لرجل ضاق به الوطن، وترك لك ما خاله وطنًا: كتبًا في الشعر وأخرى عن تاريخ الجزائر، صورًا أخذها مع أناس قد يكونون أهلًا أو أصدقاء، ربما ماتوا أو ما زالوا أحياء، نسخة قديمة لمصحف، مفكّرات لعدّة سنوات عليها عناوين ومواعيد وأسماء، وصفات طبيّة، تذاكر سفر مستعملة، ملصقات لمعارض أقامها، أشرطة عربيّة، عباءات البيت، أشياء صغيرة لها ذكرى وحده يعرفها كقارورة عطر «شانيل» النسائيّة الفارغة، قابعةً في ركن قصيّ في خزانة الملابس، مغرورقةً في حزن فقدانها العطريّ. إنّه الوفاء الأنثويّ يجهش اعتذارًا عن كلّ الخيانات النسائيّة.
تجمع حولك أشياء بديلة تسمِّيها وطنًا. تحيط نفسك بغرباء تسمِّيهم أهلًا. تنام في سرير عابرة تسمِّيها حبيبة. تحمل في جيبك دفتر هاتف بأرقام كثيرة لأناس تسمِّيهم أصدقاء. تبتكر أعيادًا ومناسبات وعناوين وعادات، ومقهى ترتاده كما تزور قريبًا.
” عابر سرير “