رأي ومقالات

المسألة الثقافية.. أين هي من عواصمنا الثقافية؟..


> ما أن شارف مشروع كادقلي عاصمة للثقافة السودانية، وبغض النظر عن نجاحه أو فشله، فتحت وزارة الثقافة الاتحادية مشروعاً قومياً جديداً، هو سنار عاصمة للثقافة الإسلامية. وبغض النظر عن أهميته أو ريادته أو أولويته، وبغض النظر أيضاً عن قيامه من عدمه، فإن هذه الوزارة تحديداً تهمل جوانب عمل مهمة تتصل بدور الثقافة في حياتنا وهو دور متشعب ومليء بالتفاصيل، ومهم لإضفاء حالة من الزخم والمزاج يحتاجهما المجتمع السوداني في الداخل والخارج وهو يعبر عن ثقافته وينتج منها طاقته التي تحرك كل شيء في مختلف دروب الحياة بما فيها الحياة السياسية التي نعيشها بلا روح وبلا مزاج وهي تمضي مجردة من إية محسنات بديعية.
> أمام هذه الوزارة مهام ضرورية يجب أن تضطلع بها تجاه المنابر الثقافية المختلفة وهي منقسمة على بعضها البعض. فمثلاً اتحاد الكُتاب السودانيين تضربه الانقسامات والتيارات المتصارعة والمسيَّسة، بسبب غياب المبادرة الحكومية التي تجمعهم جميعاً على صعيد الوطن وفق معادلة يتنازل فيها كل تيار ببعض التنازلات من أجل وفاق ثقافي ربما هو أيسر من الوفاق السياسي. وفي هذا الجانب، نجد أن الوزارة قد فوتت فرصة ذهبية لحوار مجتمعي حول مختلف قضايانا الثقافية.
> البنية التحتية للفعل الثقافي، مازالت تحتاج الكثير، ولكن فقه المناسبات الذي تدير به الوزارة الحراك الثقافي، لن يجعلها تنتبه للمشروعات البنيوية وفي مقدمتها المكتبة الوطنية التي خصصت لها قطعة أرض لم تحرك الوزارة ساكناً تجاهها وهناك البنية التحتية في مجال المعارض والمسارح والفنون بمختلف أشكالها والمطابع التي يحتاجها الإنتاج الأدبي والفكري، وهناك المهرجانات والندوات والتراث وجميعها تحتاج لبنية تحتضنها، وما أسهل أن تستقطب الدعم لمثل هذه الأنشطة والمشروعات الثقافية.
> لسنا ضد العواصم الثقافية التي نراها تحقق بعض النجاح، ولكنا مع المشروع الثقافي المتكامل الذي يبدأ بالبنيات التحتية ويستمر مع النشاط الذي تحركه المنابر الثقافية المختلفة التي تحتاج للتشجيع وليس التمويل حتى ينأى عنها المسؤولون ويتهربون ولا يشكلون حضوراً إلا في الافتتاحات ويبدو في الواقع أن معظمهم غير منفعلين بالعملية الثقافية من أساسها.
> ما أسهل الشراكات في العمل الثقافي، وبالذات مع الشركات والمؤسسات الكبيرة والأفراد الذين يرحبون برعاية الأنشطة الثقافية ويساهمون بقوة في تشييد بنيات العمل الثقافي، ولكن ذلك يحتاج لمسؤولين منفعلين ومبادرين وأصحاب أفكار ومشروعات ثقافية مميزة.
> يتأسس العمل الثقافي على تحريك طاقات الناشطين في المسألة الثقافية وهم أذكياء في التقاط الأفكار وتحويلها لبرامج عمل وأنشطة ثقافية تملأ على الناس حياتهم وتسعدهم وتثقفهم وتحملهم خلفك ما دمت أنت تصنع مساءاتهم وتمنحهم مزاجهم وتلون حياتهم بألوان الحياة الجميلة.
> المعركة الآن، هي معركة ثقافية بامتياز، وعلى من يريد أن يكسب معاركه أن يتسلح بالفعل الثقافي بكافة أشكاله، وإلا سينتظر الآخرون يفعلون به ما يشاؤون.

الشاذلي حامد المادح

الانتباهة